فتوحات أفريقيا

> 3- عدم وجود قواعد ثابتة للفتح في "إفريقية -المغرب". ولقد كان الفتح الإسلامي للمنطقة -وحتى تأسيس مدينة القيروان "سنة 50-55هـ"- مجرد محاولات استكشافية، أو حملات يمكن أن ندرجها تحت ما نعبر عنه بـ "جس النبض" دون أن تهدف إلى الاستقرار في المنطقة. وربما لم يكن المسلمون قد كونوا فكرة واضحة عن أبعاد هذه البلاد وسكانها. وكانوا يعودودن -بعد كل عملية حربية- إلى "الفسطاط" القاعدة الحربية في مصر -دون ترك قوات كافية للحفاظ على ما أمكن الاستيلاء عليه من أراض أو مدن، مما كان يعطي الفرصة للروم والبربر -وبمجرد أن تنتهي المعارك، ويعود المسلمون من حيث أتوا- أن يستعدوا ما سبق لهم أن فقدوه، ولم تتحول سياسات الفتوحات الإسلامية في المغرب إلا بعد التفكير في اتخاذ قاعدة ثابتة للمسلمين في المنطقة وبناء مدينة "القيروان".

وليس من شك في أن بناء المدن الإسلامية في الأمصار المفتوحة -مثل "البصرة" و"الكوفة" في العراق، و"الفسطاط" في مصر، ... إلخ- قد لعب دوره الحاسم، ليس في تثبيت أقدام المسلمين في هذه المناطق، وإنما -أيضا- في نشر الإسلام والعروبة، وإخراج أهل هذه المناطق من بقايا جاهليتها إلى عصر جديد في رحاب الأمة الإسلامية.

4- ولقد كان لاختلاف وجهات النظر بين قادة الفتح الإسلامي للمغرب -نتيجة اتساع البلاد وكثرة مشاكلها، أثر في إطالة مدة الفتح. وحيث أنه لم تكن هناك فكرة واضحة ومعرفة سابقة بأبعاد الميدان المغربي وسكانه "على عكس الحال في المناطق القريبة من الجزيرة العربية، مثل العراق والشام" فإنه لم يكن هناك خطة ثابتة ومحددة تسير عليها الفتوحات في هذا الميدان، ولعب الاجتهاد دوره الرئيسي في توجيه العمليات الحربية. فقد رأى بعض القادة أن القتال وحده هو الحل الأمثل. ورأى بعضهم ضرورة إقامة معسكرات وقواعد ثابتة للمسلمين. ولجأ آخرون إلى سياسة إقامة علاقات مع البربر. ومن ثم كان تباين وجهات النظر أحد عوامل تغيير لسياسة الحربية في المنطقة، وما يترتب على ذلك من تغيير في الوسائل وخطوات لتنفيذ2.

5- رغبة بعض ولاة مصر في أن تكون لهم اليد الطولى والسيطرة على هذه لبلاد، والتصرف في مالها وغنائمها. وكان لذلك أثره في تعطيل الفتح، ومنع لفاتحين من إنفاذ برامجهم الجهادية، وإدراك الغايات التي سعوا إليها بعد أن بذلوا لجهد العظيم لإدراكها. ولا أدل على ذلك من موقف مسلمة بن مخلد الأنصاري الوالي على مصر في زمن الخليفة معاوية بن أبي سفيان" من عقبة بن نافع أحد كبار القواد.

الجانب الآخر في المعركة التالية، وذلك حتى "عام 86هـ/ 707م" تقريبا، وهو نهاية ولاية القائد المجاهد حسان بن النعمان، والذي نجح في إخضاع "إفريقية" "المغرب الأدنى". ثم جاء من بعده موسى بن نصير، وقام بمهمة استكمال الفتح، وإخضاع الشمال الإفريقية كله للمسلمين.

مراحل الفتح الإسلامي للمغرب:

المرحلة الأولى: مرحلة الاستكشاف والاستطلاع "22-50هـ/ 643-670م"

أولًا: عمرو بن العاص وأولى المحاولات "فتح برقة- ودان- فزان- طرابلس"

لهذه الأسباب - وغيرها- مجتمعة كان فتح المسلمين للمغرب فتحا مميزا عن باقي الأقاليم المفتوحة، وكانت الجبهة المغربية من أعنف جبهات القتال وأطولها في حركات الفتوحات العربية الإسلامية.

ونتيجة لطول مدة الفتح الإسلامي لمنطقة المغرب فإن المؤرخين يميلون إلى تقسيم هذه الفتوحات إلى عدة مراحل، من أجل تسهيل دراستها واستيعابها؛ فهناك من يقسمها إلى مراحل عدة، قد تصل إلى ثماني مراحل، أو سبع، بحسب القادة الذين تولوا الجهاد هناك. ومنهم من يقسم الفتح إلى ثلاث مراحل رئيسية أو مرحلتين رئيسيتين؛ أولاهما: قبل تأسيس القيروان "سنة 50هـ". والأخرى تالية لها. وليس هناك تعارض بين هذه التقسيمات؛ لأن الذين يفضلون تقسيم الفتح إلى مرحلتين رئيسيتين أو ثلاثة كانوا يقسمون كل مرحلة إلى تقسيمات داخلية. وسنتبع التقسيم الثلاثي في عرضنا التالي -المختصر- لفتوح المغرب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى