دروس رمضانية

>
حكم صوم المغمى عليه ووجوب القضاء عليه

يقول: (متى أغمي على الصائم جميع النهار فلم يفق في شيء منه لم يصح صومه)، إذاً: هنا الإغماء كان جميع النهار، ونحن نقول: الصيام عبارة عن إمساك مع نية، إذ لابد ولو في جزء من النهار أن يكون ممسكاً ويحس، فالنائم مثلاً يستشعر الجوع، ولو أيقظه أحد لاستيقظ، أما المغمى عليه فإنه وإن ضرب فلا يحس بشيء، فإذا كان الإغماء من أول الفجر حتى غروب الشمس فإنه وإن كان ممسكاً، إلا أنه لا نية عنده، فهو لم يفق بحيث يستشعر هذا الجوع؛ ولأنه لا يحس بشيء فيها، فعلى ذلك إذا أغمي عليه بعض النهار أو أكثره وأفاق في بعضه فصومه صحيح، أما لو أغمي عليه جميع النهار فلا يصح منه هذا الصوم.

يقول لنا: (فلم يفق في شيء منه لم يصح صومه، وهذا قول مالك والشافعي وأحمد، وقال أبو حنيفة: يصح)، وكأن أبا حنيفة يقيس ذلك على النوم، وإن كان هنا فارق بين النوم وبين الإغماء، فالنائم يستشعر الجوع وهو نائم، وكذلك النائم لو أيقظته استيقظ، لكن المغمى عليه لا يستشعر بجوع ولا بشيء، ولو أيقظته لم يستيقظ، إذ لو كان يستيقظ لنفعه صوم بعض النهار فصح باقيه.

قال أبو حنيفة: (يصح؛ لأن النية قد صحت، وزوال الاستشعار بعد ذلك لا يمنع صحة الصوم)، وكأنه يريد أن يكتفي بالنية إذا صحت بالليل.

قال مالك: (إن كان أغمي عليه من أول النهار إلى الليل رأيت أن يقضي يوماً مكانه، وإن أغمي عليه وقد قضى أكثر النهار أجزأه ذلك)، يريد أن يقول: إن الإغماء إذا كان له أكثر النهار فعليه أن يقضي يوماً مكانه، أما إذا كان الإغماء أقل النهار فلا قضاء عليه، وكأنه يفرق بين القليل والكثير.

والراجح فيه أنه إذا أفاق بعض النهار وكان قد جمع بين النية مع الإمساك فصومه صحيح ولا يلزمه القضاء، أما إذا أغمي عليه النهار كله فهذا يبطل صومه ويلزمه القضاء؛ لقوله تعالى: ((فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)) [البقرة:184].

والإغماء يلحق بالمرض وليس بالجنون، فالمجنون إنسان ذاهب العقل غير مكلف، والمغمى عليه مريض، فعلى ذلك يلزمه أنه يقضي يوماً مكانه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى