الإمام مسلم

>
قال تعالى : { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } [المجادلة: 11]

اسمه وولادته

هو أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد بن كوشاذ القشيري النيسابوري، ولد سنة 206 للهجرة.

* نشأته ومهنته

نشأ في بيتٍ اشتهر بالعلم وكان والده شيخاً معلماً يقصده الناس، وقد كان لذلك أثرٌ فيما وصل إليه، كما كان حافزاً له ليستزيد من العلم، وبالرغم من شحّ المصادر التي تناولت الحديث عن أسرته، إلا أنّه يمكن إجمال نشأته فيما يأتي:

*نشأته: كان من عادة الناس زمنَ الإمام مسلم أن يبعثوا أولادهم إلى الكُتَّاب؛ لتعلم القرآن الكريم، وما يتبعه من علوم اللغة العربية، وكان الإمام مسلم ممّن نشأ في هذه الأماكن، وكان لوالده عليه فضلٌ كبيرٌ في تعليمه العلم الشرعي، فقد كان والده الحجاج بن مسلم شيخاً من الشيوخ الذين تصدَّروا لتعليم الناس العلوم الشرعية، مما دفعه للالتزام في طلب العلم والبحث عنه.

* مهنته: عمل الإمام مسلم تاجراً، وكان له متجرٌ في خان محمش يبيع فيه الحرير، وكان صاحب ممتلكات وثروة، وقد أسهم هذا في إعانته على التفرّغ لطلب العلم والرحلة له.

* صفات الإمام مسلم وشمائله

الصفات التي اتصف بها الإمام مسلم من الناحيتين الخَلقيّة والخُلُقيّة يُذكر منها ما يأتي:

* صفاته الخُلُقية: اتّصف الإمام مسلم بجميل الصفات والأخلاق، فقد كان ذا نشاطٍ كبير، وهمّةٍ عالية، وصبرٍ دؤوبٍ في طلب العلم وتحصيله، حتى إنه كان يبحث ليلة كاملة عن حديثٍ حتى يجده، وكان يحب مساعدة الناس، وتفريج كروبهم وتيسير أمورهم حتى لُقِّب بمُحسِن نيسابور، وكان كريم النفس، يتعفَّفُ عما في أيدي الناس فلا يقبل مِنَّةً من أحد، وكان حسن الخلق، كثير العبادة، غزير العلم، متجنّباً للشبهات، وفيَّاً شجاعاً لا يخشى في الله لومة لائم، يقف مع الحق حيث كان، وتجلّى ذلك في وقوفه مع الإمام البخاري ضد خصومه ذوي القوة والسلطان.

* صفاته الخَلْقِيَّة: كان الإمام مسلم كامل القامة، أبيض الرأس واللحية، جميل الوجه، حسن الثياب، صاحب وقار، وكان يلبس عمامة على رأسه و يجعل طرفها بين كتفيه.

* علم الإمام مسلم ورحلته في طلب العلم

ارتحل الإمام مسلم في طلب العلم وهو في سنٍّ صغيرة عندما كان لا يزال أمرداً*، ويمكن إجمال سماعه للحديث ورحلاته في طلب العلم بالآتي:

* أوّل سماعه: كما كان دأب العلماء، فإن الإمام مسلم سمع الحديث من كثيرٍ من الشيوخ في عصره، وكان أول سماعه سنة ثمان عشرة ومئتين؛ أي وعمره اثنا عشرة سنة، وكان أول سماعه من يحيى بن يحيى التميمي، وسمع بمكة من القعنبي، وسمع من أحمد بن يونس في الكوفة، ومن علي بن الجعد، وأكثر من الرواية عنه في غير الصحيح، وسمع في بلدانٍ كثيرة، منها: العراق ومصر والحرمين.

* رحلته: رحل الإمام مسلم وارتحل لكثيرٍ من البلدان والأمصار؛ طلباً للعلم الشرعي عموماً، وللحديث الشريف خصوصاً، فقد رحل إلى العراق ومصر والشام والحجاز، وذهب إلى بغداد أكثر من مرّة وأخذ أهلها الرواية عنه.

* شيوخه وتلاميذه

الشيوخ الذين روى عنهم الإمام مسلم كثيرون جداً؛ حتى قيل إنه بلغ عددهم مئتين وعشرين رجلاً ومنهم البخاري، ويُذكر منهم ما يأتي: شيوخه ومن روى عنهم: روى عن البخاري وأحمد بن حنبل، وعبد الله الدَّارِمِي، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وقتيبة بن سعيد، وسعيد بن منصور، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر، وإسحاق بن راهويه، وأبو كريب محمد بن العلاء، ومحمد بن يحيى الذهلي، وهناد بن السري، وإسحاق الكوسج، وأبو موسى محمد بن المثنى، وغيرهم الكثير.

صلته بشيخه البخاري: كان الإمام مسلم تلميذاً للإمام البخاري، وكان يقول له: "لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أنه ليس في الدنيا مثلك"، وقد سار على نهجه في التعلم والتصنيف، وكان كثيراً ما يسأله ويحتكم إليه.

* تلاميذه: روى عنه الترمذي صاحب السنن، وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي صاحب كتاب الجرح والتعديل، ومحمد بن إسحق بن خزيمة، والفضل البلخي، وأبو عوانة الإسفراييني، ومحمد بن عبد بن حميد، وعلي بن إسماعيل الصفار، وعبد الله بن حافظ البلخي، وإبراهيم بن أبي طالب، وإبراهيم بن إسحق، وأحمد بن نصر الخفاف. نكمل ماتبقى من سيرته بعد غد إن شاء الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى