الأمن الغذائي في آسيا يواجه تهديدات كبرى

> "الأيام" العرب:

> ​تجمع آسيا حوالي 60 في المئة من سكان العالم. ولكنها لا تتمتع سوى بحوالي ثلث الأراضي الصالحة للزراعة في العالم. كما تشمل هذه المنطقة بعضا من أكثر البلدان نشاطا اقتصاديا وتشهد زيادة التحضر وتنامي الطبقة المتوسطة.

وتعدّ آسيا كذلك موطنا لبعض البلدان الأكثر تضررا من تغير المناخ. ويؤثر الأمن الغذائي في آسيا لهذه الأسباب وغيرها على الأمن الغذائي العالمي من خلال العديد من الروابط المتبادلة.

ويشرح كتاب جديد بعنوان “قضايا الأمن الغذائي في آسيا”، الذي ألفه بول تنغ مع مؤلفين آخرين، العديد من القضايا الرئيسية التي لا تزال سببا لانعدام الأمن الغذائي في آسيا ويطرح إضافة إلى ذلك تطورات مثيرة خلال فصوله السبعة والعشرين، ونشره السفير أونغ كانغ يونغ، الأمين العام السابق لرابطة أمم جنوب شرق آسيا، ضمن مؤسسة “الناشرون العلميون العالميون سنغافورة” في 27 مارس 2024.

ومن أهم ما طرحه الكتاب، وفق حوصلة نشرتها خدمة إنتر برس، توفّر المواد الغذائية المهمة للأمن الغذائي الآسيوي في المستقبل، مثل الأرز والأسماك والخضروات والبروتين الحيواني.

ومن المتوقع أن يؤدي نمو الطلب على الأرز والبروتين الحيواني خاصة إلى الضغط على البيئة من خلال الطلب على استخدام المياه وزيادة انبعاثات غازات الدفيئة. وقدر المعهد الدولي لبحوث الأرز الحاجة إلى 60 مليون طن إضافية من الأرز بحلول 2050.

وتتقلص أنواع الأسماك البرية بسبب عوامل تشمل الإفراط في صيدها والصيد غير المشروع الذي يقلل من مخزونها. وسيواجه إنتاج الخضروات ذات القيمة الغذائية العالية تحديا أكبر بسبب تغير المناخ وطلب المستهلكين على التغذية المعدنية المحسنة. كما سيتضاعف الطلب على اللحوم قبل 2050.

وستتأثر كيفية استجابة البلدان بحالة تحولها الزراعي، وتنميتها الاقتصادية، وسياسات الأغذية الزراعية التي توازن بين احتياجات المزارعين والمستهلكين. ومن المتوقع أن يؤثر مستوى الزراعة في العملاقين الآسيويين، الصين والهند، على ديناميكيات العرض والطلب على الأغذية في آسيا وخارجها. وأصبحت الهند أكبر مصدر للأرز في العالم ومصدرا مهمّا للبقوليات.

وأصبحت الصين، التي تعتبر منتجا زراعيا كبيرا، معرضة لأحداث مناخية شديدة غير متوقعة تجبرها على الشراء من الأسواق العالمية لضمان تلبية مطالبها المحلية. لكن الكميات التي يمكن للهند تصديرها وتحتاج الصين إلى استيرادها تؤثر على البلدان التي تعتمد على الأغذية المستوردة من خلال التجارة.

ويبرز الجانب المشرق في الإمكانيات التي توفرها التكنولوجيا الرقمية والتكنولوجيا الحيوية والتخمير الدقيق والتكنولوجيا الزراعية الحضرية والتقنيات الغذائية الجديدة وتثمين النفايات والبروتينات البديلة.

وتدرس العديد من الحكومات الآسيوية الزراعة الرقمية لتوفير مسار لتحسين الإنتاجية، وخاصة مضاعفة المحصول وخفض تكاليف الإنتاج.

يُذكر أن وزراء الزراعة والغابات في رابطة أمم جنوب شرق آسيا أيدوا مبادئ المجموعة التوجيهية لتعزيز استخدام التكنولوجيات الرقمية لقطاع الأغذية والزراعة في بلدانهم. وبينما تبنى كبار المصدرين مثل الولايات المتحدة، وكندا، والأرجنتين التكنولوجيا الحيوية، كانت الدول الآسيوية بطيئة في اعتماد هذه التكنولوجيا.

وغالبا ما يرجع ذلك لأسباب علمية مشكوك فيها. لكن تغييرا كبيرا قد يطرأ في المستقبل القريب، حيث أعلنت الصين خلال 2023 عزمها على ريادة الطريق بزراعة المزيد من المحاصيل المعدلة وراثيا.

وتتوسع الزراعة في البيئة المتحكم بها بسبب العجز عن التنبؤ بالطقس. ومن أفضل الأمثلة مزارع الخضراوات في المناطق الحضرية تحت إضاءة اصطناعية، ومزارع الأسماك الداخلية بتقنيات إعادة تدوير أنظمة تربية الأحياء المائية المتطورة.

وشهد مطلع القرن الحالي كذلك عودة استخدام التكنولوجيا الحيوية المعروفة بالتخمير الدقيق، لزراعة الخلايا الحيوانية والنباتية في المفاعلات الحيوية. وبلغت الاستثمارات في الأغذية الجديدة مثل اللحوم المزروعة والبروتين النباتي أو الميكروبي المليارات من الدولارات في مطلع 2020.

ورغم بطء القواعد التنظيمية، إلا أنها اكتسبت زخما منذ أن وافقت سنغافورة لأول مرة على الدجاج المزروع في 2020.

وشهدت آسيا ظهور نظام بيئي مزدهر للشركات الناشئة في مجال الأغذية الزراعية. ويغذيه أساسا التمويل الخاص. لكن ترسيخ الابتكارات يتطلب بذل المزيد من الجهد لإعداد المستهلكين والمنظمين استباقيا للمنتجات الغذائية والتقنيات الجديدة.

وتدرك العديد من المؤسسات والشركات العامة أكثر فأكثر أن توليد تكنولوجيات جديدة لا يكفي دون أن تصاحبها إجراءات بشأن نظم نقل التكنولوجيا مثل الإرشاد العام وقبول المستهلك وبرامج الاتصال المناسبة مثل الإبلاغ عن المخاطر.

ومع الزيادة المتوقعة في الطلب على الغذاء في آسيا المصحوبة بزيادة الوعي البيئي، سيتعين على البلدان الآسيوية تسريع انتقالها إلى تسخير التكنولوجيات وتنفيذ السياسات الداعمة للنظم الغذائية المستدامة.

وستحتاج هذه النظم الغذائية إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية مع توفير سبل العيش للملايين من صغار المزارعين والغذاء بأسعار معقولة للمستهلكين.

ولكن يتوجب على الحكومات كذلك أن تتبنى “نموذج تحوط” يستند إلى سيناريوهات “مستقبلية” للعرض والطلب على الغذاء مع خطة استجابة خاصة بكل واحد منها لضمان الأمن الغذائي. وتشتد الحاجة إلى التغيير نحو نهج “النظام الغذائي الكامل” المشترك بين القطاعات والشامل للعديد من الوكالات الحكومية. ولقد كانت الزراعة في الكثير من الأحيان القطاع المسؤول الوحيد عن الأمن الغذائي وهذا ما يجب أن يتغير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى