> "الأيام" القدس العربي:

​قالت “هيومن رايتس ووتش”، أمس الإثنين، إن الهجوم الإسرائيلي على الحديدة اليمنية في 30 يوليو جريمة حرب محتملة، مشيراً إلى أن الهجوم استخدم قنبلة أمريكية موجهة.

وأضافت أن الضربات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة اليمني شكلت هجومًا يُفترض أنه عشوائي أو غير متناسب بشكل يخرق القانون، وقد يكون له تأثير طويل المدى على ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على الميناء للغذاء والمساعدات الإنسانية.

وأوضح بيان للمنظمة المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان ومقرها نيويورك: “جاءت الضربات الإسرائيلية قتلت ستة مدنيين على الأقل وأصابت 80 آخرين على الأقل، وأصابت أكثر من عشرين خزان نفط ورافعتين للشحن في ميناء الحديدة شمال غرب اليمن، بالإضافة إلى محطة كهرباء في مديرية الصليف بالحديدة. يفترض أن الهجمات تسببت في أضرار غير متناسبة للمدنيين والأعيان المدنية”.

وقالت: “الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب المرتكبة عمداً، أي عن عمد أو بإهمال، تُعتبر جرائم حرب”.

وقالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في “هيومن رايتس ووتش”: “الهجمات الإسرائيلية على الحديدة، رداً على غارة الحوثيين على تل أبيب، قد يكون لها تأثير دائم على ملايين اليمنيين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. يعاني اليمنيون بالفعل من الجوع على نطاق واسع بعد نزاع دام عقدًا، ولن تؤدي هذه الهجمات إلا إلى تفاقم معاناتهم”.

وقابلت المنظمة 11 شخصًا حول هجوم الحديدة، منهم مسؤول حوثي في ​​صناعة النفط اليمنية و4 موظفين في وكالات تابعة لـ”الأمم المتحدة” على معرفة بالميناء.

وحلّلت هيومن رايتس، أيضًا، صور الأقمار الصناعية للمواقع المستهدفة وصورًا لمخلّفات الأسلحة المحتملة التي جمعتها “منظمة مواطنة لحقوق الإنسان” غير الحكومية.

وقالت إنها أرسلت نتائجها الأولية إلى السلطات الإسرائيلية في 31 يوليو، وإلى الحوثيين في 7 أغسطس، لكن لم يرد أي منهما.

ووفق البيان، قتلت الهجمات الإسرائيلية 6 أشخاص جميعهم من موظفي “شركة النفط اليمنية”.
وقال دانييل هاغاري، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن الطائرة المسيرة الحوثية من طراز “صماد 3” إيرانية الصنع. قدرات التوجيه والاستهداف لصماد 3 غير واضحة، كما أن هدف الحوثيين غير مؤكد، مما يصّعب تحديد إذا كانت الضربة أصابت هدفها المقصود. لم يُشر الحوثيون إلى أنهم كانوا يهاجمون هدفًا عسكريًا، لكنهم ذكروا أنهم ضربوا “هدفًا مهمًا”، ربما في إشارة إلى مكتب فرع السفارة الأمريكية في المنطقة المجاورة.
  • قنبلة أمريكية
وقال بيان المنظمة إن القوات الإسرائيلية أضرت أو دمّرت 29 من مرافق تخزين النفط الـ41 في ميناء الحديدة على الأقل، والرافعتين الوحيدتين المستخدمتين لتحميل وتفريغ الإمدادات من السفن. دمرت الضربات الجوية أيضًا خزانات النفط المتصلة بمحطة كهرباء الحديدة، مما أوقف محطة الكهرباء عن العمل 12 ساعة.

وذكرت أن مخلفات الأسلحة التي جمعتها منظمة مواطنة لحقوق الإنسان في موقع الضربة حملت علامات “وودوارد”، وهي شركة تصنيع أمريكية، وتتطابق مع المخلفات التي جُمعت في سياقات أخرى، من سلسلة القنابل “جي بي يو-39” التي تصنعها شركة “بوينغ” الأمريكية. قنبلة جي بي يو-39، المعروفة باسم “القنبلة صغيرة القطر”، هي ذخيرة موجهة تُسقط جوًا.

وقالت “هيومن رايتس” إنها كتبت إلى وودورد وبوينغ في 14 أغسطس لكنها لم تتلق ردًا.

ميناء الحديدة هام جدًا لتوصيل المواد الغذائية وغيرها من الضروريات إلى السكان اليمنيين الذين يعتمدون على الواردات. يمر حوالي 70% من واردات اليمن التجارية و80% من المساعدات الإنسانية عبر ميناء الحديدة، بحسب أوكي لوتسما، الممثل المقيم لـ “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي”، الذي قال أيضًا إنها (موانئ الحديدة) “بالغة الأهمية للأنشطة التجارية والإنسانية في اليمن”.

وصفت روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، الميناء بأنه “شريان حياة لملايين الأشخاص” ويجب أن يكون “مفتوحًا وعاملًا”.

ونقلت عن مسؤول في وكالة تابعة للأمم المتحدة أن نحو 3,400 شخص، جميعهم مدنيون، يعملون في الميناء.

وتحدث المسؤول في 30 يوليو أنه “لم ير سفينة جديدة واحدة تدخل الميناء منذ الهجوم، وهو مؤشر مثير للقلق”.

فيما يتعلق بتقديم المساعدات الإنسانية، تفتقر الموانئ اليمنية الأخرى إلى القدرة نفسها على إدارة الواردات، كما أن الدمار والأضرار التي لحقت بخزانات النفط ورافعات التحميل، والضرر والدمار الأوسع الذي لحق بمنشآت الميناء، يعني أن إعادة بناء هذه المرافق سيتطلب الكثير من التمويل والوقت”.

وبموجب قرار “مجلس الأمن الدولي” رقم 2534 (2020)، كُلّفت “بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة” بالإشراف على مدينة وميناء الحديدة لضمان عدم وجود أفراد عسكريين أو عتاد.

قال مسؤول في وكالة تابعة للأمم المتحدة تراقب الميناء إن الوكالة لم تعثر على أي دليل على وجود عسكري للحوثيين في الميناء، وقال إن وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة تفتش السفن قبل دخولها الميناء لم تعثر على أي أسلحة. أشار اثنان من مسؤولي الأمم المتحدة الذين يعملون في الحديدة إلى أن سلطات الحوثيين تقدم موافقة مسبقة لوصول الأمم المتحدة وترافق مسؤولي الأمم المتحدة في عمليات التفتيش.

إلى ذلك، ذكر مسؤول صناعة النفط أن خزانات النفط في الميناء ليست مملوكة للحوثيين، بل “لرجال أعمال يمنيين يستوردون النفط ويعيدون بيعه إلى محطات الوقود والمؤسسات الأخرى”.

تمتلك منظمات الإغاثة أيضًا بعضًا من النفط وتستخدمه في عملياتها. قال مسؤول في برنامج الأغذية العالمي إن البرنامج خسر 780 ألف ليتر من الوقود في الهجوم، الذي كان يستخدمه لـ”دعم مولدات المستشفيات” والبنية التحتية للمياه والصرف الصحي في جميع أنحاء اليمن.
استهدفت الضربات الجوية الإسرائيلية، أيضًا، محطة الكهرباء الرئيسية في الحديدة. قال شخصان على معرفة بالحديدة إن محطة توليد الكهرباء كانت المصدر الرئيسي للكهرباء في المدينة، وتوفر الكهرباء للمستشفيات، والمدارس، والشركات، والمنازل. المناخ في محافظة الحديدة من بين الأعلى حرارة في اليمن، مما يجعل الكهرباء ضرورية للمراوح وتكييف الهواء والتبريد.