> برلين «الأيام» آي بي أس جورنال:

أكدت مجلة "السياسة والمجتمع الدولي" الألمانية، في تقرير لها اليوم الأحد، أن أساليب جماعة الحوثي تشبه إلى حد كبير حركة طالبان الأفغانية، في حين لا يزال الغرب والمجتمع الدولي يسمح لها بمواصلة تحديد قواعد اللعبة ودعمها لسنوات بشكل غير مباشر لتقسيم اليمن، من خلال سياسة الاسترضاء للحوثيين وفصل شبكات الاتصالات، وتقسيم المكاتب الحكومية إلى شمال وجنوب، وتقسيم أنظمة الضمان الاجتماعي، والتخلي عن النظام المصرفي والنقدي الموحد للبلاد.

وقالت المجلة الألمانية في تقريرها، إن "أساليب الحوثيين تشبه إلى حد كبير، تلك التي تتبعها طالبان، لكن الغرب لا يزال يسمح لهم بمواصلة تحديد قواعد اللعبة".

وأوضحت أن الحوثيين "يحتجزون حالياً نحو 60 موظفاً من المنظمات الدولية ومنظمات الإغاثة - أو بالأحرى تم اختطافهم. وأما مكان وجودهم فغير معروف، ولا يُسمح لهم بالاتصال بالمحامين أو الحصول على الأدوية، وهم في معزل عن العالم الخارجي، كما يؤكد الخبراء".

وذكرت المجلة في تقريرها الذي ترجمته إلى العربية وكالة خبر، أن "من بين المختطفين موظفين من الأمم المتحدة والسفارات والوكالات الإنسانية الذين يعملون منذ سنوات من أجل تحسين إمدادات المياه والحكم اللامركزي ومشاريع الطاقة في اليمن".

واستغربت المجلة من إجراءات الاعتقالات الحوثية التي طالت موظفين أمميين، ومضايقة ومصادرة ممتلكات معارضيها، وفرضها نظاما "إرهابيا" يعيد إلى الأذهان نظام حركة طالبان في أفغانستان.

تقول المجلة: "ورغم أنه ليس من غير المألوف أن يتعرض موظفون دوليون للاعتقال والمضايقة في بعض الأحيان في أجزاء أخرى من العالم، فإن موجة الاختطاف التي تشنها مليشيا الحوثي في العاصمة صنعاء منذ مايو لم يسبق لها مثيل".

ويتطرق التقرير إلى اتساع دائرة الإجراءات القمعية بـ"تعمد الحوثيين لسنوات طويلة تغيير قواعد اللعبة عندما يتعلق الأمر بالسلوك الذي يتماشى مع الساحة الدولية. فهم يصعدون ويستفزون ويهاجمون"، مشيراً إلى أن "كل هذا يتم وفقا لخطة مدروسة. مرت عشر سنوات الآن منذ أن احتل الحوثيون صنعاء لأول مرة".

يضيف: "وبدأت المضايقات ومصادرة الممتلكات واعتقال المعارضين السياسيين وإقامة نظام إرهابي حقيقي ضد سكان البلاد"، مؤكداً أن "بعض الأشياء تذكرنا بحركة طالبان".

وذكر التقرير أنه منذ احتلال الحوثيين "لأجزاء من البلاد همش الحوثيون الإنجازات السابقة مثل البرلمان العامل، وحرية الصحافة، والالتحاق بالمدرسة، وألقي اللوم بشكل كبير على خصوم خارجيين مزعومين".

وأشار إلى أنه "بدلاً من تركيزهم على التنمية الاقتصادية لبلد في حالة خراب، فرض الحوثيون ضرائب حرب جديدة، ويواجه أولئك الذين لا يدفعونها السجن".

وأردف: "في الوقت نفسه، ينتظر الموظفون العموميون في الأراضي التي يحتلها الحوثيون رواتبهم منذ سنوات. ويتعرض شمال غرب اليمن لإفقار منهجي، ويقدر الخبراء الآن أن حوالي 90 % من الناس هناك يعيشون في فقر، وهو رقم قياسي عالمي" وفقاً للتقرير.
  • نقطة تحول
السياسة الغربية والعالمية وإن أبدت مشاعر القلق تجاه سياسة التصعيد الحوثية مؤخراً، وتبعات استسلام المجتمع الدولي لمطالب الجماعة واسترضائها في وقت سابق، إلا أن الفتور لا يزال طاغيا عليها، والخطوط التي كانت حمراء في السابق أصبحت وردية اليوم.

يقول التقرير إن "من الواضح أن الغرب قلق من الاستفزاز الأخير للحوثيين، وقد عبر عن مخاوفه وكرر تذكيراته وصعد من خطابه".

ويضيف: "قد لخص المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانز جروندبرج الوضع بدقة وقوة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 23 يوليو 2024، قائلا: "إن مسار التطور في اليمن إذا تُرك دون معالجة فقد يصل إلى نقطة تحول".

وذكر أن المجتمع الدولي استسلم "في السنوات الأخيرة، لأي مطلب جديد تقدم به الحوثيون وتجاهل بشكل روتيني انتهاكاتهم للحريات الفردية أو منع المساعدات الدولية، وعلى الرغم من كل هذا التصعيد، استمر الغرب في إظهار التفهم تجاه الحوثيين ودعمهم بشكل غير مباشر".

وأكد أن "استرضاء الحوثيين لم يؤد إلا إلى تعزيز سلطتهم ومنحهم انطباعا بأنهم يفعلون الشيء الصحيح، فقد تمكنوا من إرسال مبعوثين إلى التجمعات الدولية واستخدام قنوات خلفية غير رسمية لإشراك آخرين في المحادثات أو المفاوضات نيابة عنهم، وقد أدى هذا إلى انتهاك حتى أصغر الاتفاقات الملموسة باستمرار، في حين يظل الشركاء الدوليون صامتين".

ويحذر التقرير أن استمرار استرضاء الحوثيين "يقربهم من هدفهم النهائي: إقامة دولتهم الخاصة"، لافتاً إلى أن اليمن "انقسم بشكل متزايد منذ 10 سنوات - ليس من خلال المفاوضات السياسية، كما في السودان وجنوب السودان، ولكن خطوة بخطوة على مستويات أدنى".

ويوضح بالقول: "يتم فصل شبكات الاتصالات، وتقسيم المكاتب الحكومية إلى شمال وجنوب، وتقسيم أنظمة الضمان الاجتماعي، والتخلي عن النظام المصرفي والنقدي الموحد للبلاد".

وأردف التقرير: "لا ينبغي لنا أن نتفاجأ إذا كان هناك حل دولتين أو حتى حل متعدد الدول في المستقبل المنظور، دون مشاركة الأمم المتحدة"، موضحا أن "المجتمع الدولي دعم هذا بشكل غير مباشر لسنوات من خلال سياسة الاسترضاء تجاه الحوثيين".

وأشار إلى أن المراقبين السياسيين الدوليين اعتادوا على الارتباك والفوضى المتزايدة. والتعود على ما هو غير عادي يؤدي في بعض الأحيان إلى قبوله، وبالنسبة لليمن فإن هذا يعني حركة دينية قبلية تتوحد في شكل دولة، بينما نشاهد اليمن تنهار وتنجرف إلى المجهول، حد تعبيره.