> «الأيام» اليوم السابع:
قلبه لم يتحمل صدمة وفاة ابنه ومات في حضن زوجته حب عمره.. اكتشفه حسين رياض وقال له: أنت أنور وجدى القادم.. وشمس البارودى: مات أكرم الرجال وراح لحبيبه.. رحل منذ ساعات الفنان الكبير حسن يوسف، أحد كبار نجوم الزمن الجميل وصاحب التاريخ الفني الثري بعد صراع مع المرض والأحزان.
رحل الفنان الكبير حسن يوسف الذى شارك كبار وعمالقة الفن في شبابه أهم وأجمل الأفلام السينمائية، واستطاع أن يحتفظ بهذه النجومية بعد تقدمه في العمر، صاحب التاريخ الطويل في عالم الفن والسينما والمسرح والتلفزيون، تمثيلًا وإنتاجًا وإخراجًا، وصاحب رحلة تألق تزيد عن نصف قرن من العطاء الفني المتنوع، كان خلالها أشهر ولد شقي في السينما حتى اشتهر بهذا اللقب، وحين تجاوز مرحلة الشباب استطاع أن يبدع من خلال أدوار الرجل الناضج والإمام العالم والقاضي العادل، أحببناه شابا في أفلام: الزواج على الطريقة الحديثة، الخطايا، الشياطين الثلاثة، التلميذة، أم العروسة، للرجال فقط، وغيرها عشرات، بل مئات الأفلام التي استطاع من خلالها أن يحظى بشعبية كبيرة لقدرته على إقناع كل أسرة أنه أحد أبنائها يتصرف ويتكلم ويخطئ وينجح ويحنو ويقسو مثلهم، وفى مرحلة النضج قدم أدوارًا لا تنسى واستطاع أن يصل أيضًا إلى كل الأسر رغم ابتعاده عن السينما فقدم العديد من روائع التليفزيون: "زينب والعرش، ليالي الحلمية، إمام الدعاة، الإمام النسائي، ابن ماجة، العارف بالله الشيخ عبدالحليم محمود، الإمام المراغي، قضاة عظماء وغيرها".
حسن يوسف الذى تتلمذ على يد رواد الفن وعمالقته، ووقف في بداية حياته إلى جوارهم بطلًا في العديد من الأعمال، ونجم السينما والتليفزيون وقبلهما المسرح، حياة حافلة بالأحداث والذكريات والأسرار الفنية والشخصية.
وإلى جوار هذا التاريخ الفني ومشوار النجومية الطويل، عاش الفنان الكبير مشوارًا إنسانيًّا لا يقل زخمًا وثراء ودراما عن مشواره الفني، ففي منتصف عمره اتخذت حياة الولد الشقي مسارًا مختلفًا، فخلال المرحلة الثانية من حياته اتخذ اتجاها دينيًا بعد اعتزال زوجته الفنانة شمس البارودي التي شاركته بطولة العديد من الأفلام، وبعد اعتزالها تعرض الزوجان لهجوم شديد كان يشتد بين حين وآخر، وتوقف الفنان الكبير لفترة عن المشاركة في الأعمال الفنية حتى تحدث مع الشيخ الشعراوي ليعود من جديد إلى عطائه الفني ويقدم عددًا كبيرًا من الأعمال الفنية والدرامية التي تتناسب مع قناعاته ومرحلته العمرية، وظل الفنان الكبير مستمر في عطائه حتى المرحلة الثالثة من حياته والتي صدم فيها برحيل عبدالله أصغر أبنائه الأربعة غرقًا، فاعتزل الفنان الكبير وتحصن بأسرته وزوجته التي يرتبط بها ارتباطًا كبيرًا وعاشا قصة حب كبيرة حتى رحيله وتفرغ للعبادة، كما صرحت زوجته شمس البارودي في تصريحات سابقة لليوم السابع.
نشأ الفنان حسن يوسف في أسرة متوسطة بالسيدة زينب، حيث كان والده يعمل موظفًا وولد في 14 أبريل عام 1934، وبدأ حياته لاعبا لكرة القدم في نادى الزمالك حتى وصل لفريق تحت 21، وحصل على بكالوريوس التجارة عام 1955، كما التحق بمعهد الفنون المسرحية وتخرج فيه عام 1962، وبدأ مشواره الفني قبل أن ينتهي من دراسته بالمعهد، حيث شارك في بطولة أكثر من مسرحية أثناء الدراسة.
وفي حوار لـ اليوم السابع قبل رحيله قال الفنان الكبير حسن يوسف: أعتبر الفنان حسين رياض الأب الروحي الذى أدين له بالفضل، لأنه آمن بموهبتي وشجعني، وأثناء دراستي بالمعهد رشحني أساتذتي حمدي غيث وعبد الرحيم الزرقاني للمشاركة في بعض المسرحيات، فشاركت عمالقة الفن حسين رياض، أمينة رزق، فؤاد شفيق، سميحة أيوب، سناء جميل، سهير البابلي، كمال حسين، وعمر الحريري، وحصلت على المركز الأول في السنة النهائية، وقال لي حسين رياض: "إنت أنور وجدي السنين الجاية".
وتابع الولد الشقي في حواره لليوم السابع "أوعز الفنان حسين رياض للمنتج رمسيس نجيب أن يوقع معي عقد احتكار لمدة 5 سنوات حتى لا أسافر، وبالفعل اعتذرت عن بعثة لدراسة الإخراج ولو لم أسمع بنصيحة الفنان الكبير حسين رياض لتغيير مصيري، وبعدها شاركت في العديد من الأفلام مع كبار النجوم والمخرجين، صلاح أبو سيف وحسن الإمام ، وفطين عبدالوهاب وحسام الدين مصطفى، ومن النجوم عبدالحليم حافظ وشادية وهند رستم وعمر الشريف وغيرهم، واستفدت من عملي مع كبار المخرجين وتعلمت الإخراج فقررت أن أخرج، رغم تحذيرات زملائي بأنني إذا عملت بالإخراج فلن يستعين بي باقي المخرجين، لكنني أخرجت 7 أفلام وعملت اسما جيدا في مجال الإخراج، كما أنتجت 9 أفلام، وتوالت البطولات السينمائية وكنت أشارك في بطولة أكثر من 3 أفلام في وقت واحد".
وفى أوج التألق والنجومية بدأت قصة الحب الكبيرة في حياة حسن يوسف وشمس البارودي التي لم يفرقهما بعدها إلا رحيل الولد الشقي وهو في حضن حبيبته التي قاسمته حياته وكانا كيانًا واحدًا، والتي تحدث عنها الفنان الكبير في حواره معنا مؤكدًا أن هذه القصة العظيمة بدأت بخناقة، قائلًا: "ينطبق على علاقتي بشمس المثل الشعبي القائل ما محبة إلا بعد عداوة فقد بدأت علاقتي بها بخناقة في أول عمل يجمعنا معًا، حيث كنت البطل وتأخرت هي عن موعد التصوير فقلت اطلبوها وتحدثت معها تليفونيًا، وسألتها: "إيه ياشمس ماجيتيش ليه"، فقالت "مين حضرتك، وأنت مالك أجي ولا ماجيش اللي يكلمني المنتج أو المخرج"، وكانت صورت مشهدين فقط ولم تكمل الفيلم أو تأخذ أجرا، وبعد هذه الواقعة التقينا في فيلم "حكاية 3 بنات" وكانت هي البطلة مع سعاد حسنى وسامية شكر، وكان معظم شغلي معاها واتخانقنا تاني لكن كملنا الفيلم، ومكانش في استلطاف بيننا، وكان شقيقي زميلها في معهد الفنون المسرحية، وكنت أمر عليه بعربية أسبور، كانت حديث مصر وقتها، فكانت تقول لأخي "هو أخوك جاي يتمنظر علينا".
وعن بداية مشاعر الحب بينهما قال "خلال تصويرنا فيلم رحلة حب في بلدها سوريا، كنت أراقبها فوجدتها مختلفة عن غيرها شكلا وموضوعا، وبدأت مشاعر الحب بيننا وعندما نزلنا مصر ذهبت إلى فيلا والدها وطلبت يدها منه وتزوجنا في 8 فبراير 1972، وأصبحت شمس حب العمر وخير زوجة، وبعد الزواج اتفقنا ألا تمثل أمام أي بطل غيري واشتغلنا معًا عددًا كبيرًا من الأفلام، وأنجبنا أبناءنا الأربعة ناريمان وعمر ومحمود وعبد الله".
- حسن وشمس
وعن ابتعاده عن الفن خلال هذه الفترة قال: أنا لم أتوقف عن التمثيل لكن خلال هذه الفترة كنت أراجع حساباتي، وتحدثت مع الشيخ الشعراوي، فقال لي: يعنى أنت لازم تعمل أدوار الشقاوة وتركب العربية الاسبور وتعاكس البنات، زي ما علمتهم الشقاوة اعمل حاجات تعلم الناس أصول دينهم وصحيح الإسلام، ومش لازم أدوار دينية بحتة، فالشيخ الشعراوي لم يقل لأي فنان بطل تمثيل، وخلال تعاملنا معه تعلمنا من تصرفاته وكرمه ورحمته على الفقراء، وبعد وفاته لم أجد أحدًا قدم سيرته، وقررت أن أقدمها في مسلسل، وحقق نجاحًا غير متوقع، وكانت المقاهي والشوارع تخلو من المارة، وأطلق عليه مسلسل القرن، كما قدمت مسلسل الشيخ عبدالحليم محمود، ومسلسل الشيخ المراغي، ومسلسل قضاة عظماء.
وعن الهجوم الذى تعرض له هو وزوجته شمس البارودي قال: "تحملنا معا ولم نرد على الهجوم الذى استهدفنا ولا زال يستهدفنا، بالتشكيك في نوايانا، ودائمًا نستعين بقول الله: إن الله يدافع عن الذين آمنوا".
عاش الفنان الكبير مع زوجته المعتزلة شمس البارودي حياة أسرية هادئة يسودها الحب والمودة والعطاء المتبادل وعاشت شمس البارودي لعبادتها وأسرتها تقدس حياتها حبها لرفيق عمرها تقديسًا، حتى كانت صدمة وفاة ابنهما غرقًا في يوليو 2023 وهو الحادث الذى زلزل الأسرة، ولكن تحملت شمس الصدمة واستعانت عليها بالإيمان والصبر، وتبدلت أحوال الفنان الكبير حسن يوسف وتأثرت حالته الصحية وفي أواخر أيامه صارع المرض والأحزان وحاولت زوجته التخفيف عنه بتجمع الأسرة والأبناء، وحين ساءت حالته الصحية رفضت أن يبتعد عنها وحولت غرفته إلى غرفة رعاية مركزة وكانت ترعاه ليل نهار حتى لا تفارقه لحظة، إلى أن صعدت روحه إلى بارئها وهو في حضنها لتنتهي مسيرة الولد الشقي والفنان الكبير والزوج الوفي.