تزخر الأرياف هذه الأيام بحياة مفعمة بالحركة والدأب والنشاط، في الأودية والمدرجات الزراعية لقطف السنابل وحصد الزروع في موسم الحصاد الذي يصادف غالبًا تشرين الأول والثاني.
يتنفس كثيرًا من أهل البلد الصعداء ويستريحون من عناء الاستماع لنشرة الأخبار في الراديو أو القراءة في المواقع عن سعر الصرف.
المواطن البسيط يشيح بوجهه بعيدًا عن مشاهدة صور أعضاء مجلس القيادة، في التلفزيون، ويذهب يمارس هوايته في الرعي، وجمع السنابل وحصد الزروع، ولملمة عُشب الشواجب، لتغذية نفسه وأغنامه.
إنّ نصفَ الناسِ أعداءٌ لِمنْ
وليَ السلْطة هذا إنْ عَدَلْ
يا مجلس الرئاسة، ويا رئاسة الحكومة اعلموا: إنّ الجُري وراء عطاء المنظمات والتهافت على مساعداتها، نقيصة في حق الأحرار.
اسألوا أيام الحصاد عن السنابل المُثقلَة بمختلف أنواع الحبوب
اعطِ أيُّها الإنسان سمعك لزامل الزارع وهو ينشد باكرًا:
"اليوم والله واليوم دائـــم
قد صَرَب الدُّخن والذُّرة قائم".
صباح الأقداح ومكاييل الحبوب بعد موسم الحصاد، ثروة من الطعام البلدي اللذيذ.
لِمَنْ يقرأ المقالة، اعقِد الآن مقارنة بين الحبوب البلدي والخارجي، اذهبْ إلى فُرن واشترِ قُرص دخن أو ذرة شامية "هند" جاهز من وارد الهند أو الصين، ثم الوي على بقالة أو مقلاية واشترِ كيلو دُخن أو هند بلدي واطبخ في المنزل خبزًا وقارن في الطعم والمذاق، أليس البلدي يوكل؟! كما يقول إخواننا المصريون.
يا حكومة مبارك، شجّعوا الزُّرّاع، حفِّزوا الفلاحين، أعدّوا خطة زراعية طموحة، فإنّ سكان هذا البلد هم أهل الزراعة، وخُبراء الأرض، وساسة التراب، هم أول من علّم العالم بناء المدرجات الزراعية، فكانت المعلّقات الخضراء في سفوح الجبال والشِّعاب.
لو حُظيَ أهل البلد بحكومة أمينة ونزيهة، لأقاموا مؤسسات وجمعيات خيرية توزع المساعدات لفقراء المسلمين في الأقطار البعيدة من خيرات البلد، الذي جاءَ عنه في سِفْر التاريخ أنّهُ "أرض الجنتين"، و"البلدة الطيبة".
أتدرون ماذا يقول عنكم الشعب؟!
إنُّه يقول أنكم تدعون اللصوص ينهبون خيراته، ثم تذهبون تتسولون لهُ في الأقطار والأمصار!
سلطة تستجدي المنظمات لإغاثة المواطنين، وهي تسمح بسرقة أموال الدولة، وتتغافل عن نهب إيرادات ومقدرات البلد.
يا أصحاب السُّلْطة، اسمعوا لِمَن فسَّر بيتًا شعريًّا لابن الوردي حين قال:
نَصَبُ المنصبِ أوهى جَلَدي
يا عنائي منْ مداراةِ السَّفُلْ
"أنّ ضريبة المنصب غالية، إنها تأخذ ماء الوجه، والصِّحَّة، والراحة، وقليلٌ من ينجو من هذه الضرائب التي يدفعها يوميًّا، من عرقِهِ، من دمِهِ، من سمعتِه، من راحته، من عزّته، من شرفه، من كرامته".
"لا تكن يا بُنيَّ رأسًا، فإنَّ الرأسَ كثيرُ الأوجاع".
ياعنائي من مدارة (السَّفَل)..
بفتح الفاء، وليس بالضمة..