> سالم حيدرة صالح:

بعد سنوات من التحديات.. هل تنجح زراعة الدلتا في استعادة البذور المحسنة؟
> المعاناة تولد الإبداع، ومن رحم المعاناة يولد الأمل، ومن رحم الألم تولد الإرادة. مزارعو منطقتي ساكن وعيص بمديرية خنفر بدلتا أبين الخصيب، استطاعوا إنتاج الأسمدة العضوية التي يحتاجونها لتحسين خصوبة الأرض، وزيادة كمية الإنتاج، والاستغناء عن الكيماويات التي لا شك أنها تضر الأرض والإنسان، وتلوث البيئة والتربة والمياه.

وقال الخبير الزراعي وعضو الجمعية الوطنية، المهندس عبدالقادر خضر السميطي، إنّه بعد تدريبهم على طريقة إنتاج الكمبوست، بلغ عدد المتدربين الذين تم دعمهم بمستلزمات العمل من قبل منظمة "كير"، التي نفذت وأشرفت على تدريبات مكثفة لأكثر من 250 مزارعًا خلال عام 2023، كما توالت التدريبات لمزارعين آخرين.

وأشار إلى أن منظمة "آرك جروب" قامت بتدريب أكثر من 40 مزارعًا ومزارعة، واعتمدت مبادرة يقوم بها المزارعون بالشراكة مع منظمة "آرك جروب"، وتمثلت هذه المبادرة بدعم تصفية قنوات الري في المنطقة بما قدر بأكثر من 200 ساعة عمل. يتنافس مزارعو ساكن وعيص على إنتاج الأسمدة العضوية للحصول على غذاء صحي وآمن خالٍ من مترسبات المبيدات والأسمدة الكيميائية، وأصبح شعارهم الرسمي: "الزراعة العضوية من أجل غذاء صحي وبيئة آمنة للجميع".

ولفت إلى أن مزارعي ساكن وعيص اتفقوا فيما بينهم على التوزع في ست مجموعات، بحيث تقوم كل مجموعة بتدريب مجموعة من المزارعين الذين لم يتمكنوا من الدخول في التدريبات السابقة. تحية كبيرة لكل ساكني هذه المنطقة على اهتمامهم ببيئتهم وتدوير مخلفات الحقول ومخلفات الحيوانات التي تعتبر مأوى للآفات والحشرات والقوارض والثعابين والعقارب والقراد والحلم، التي تمثل تحديًا كبيرًا للمزارعين، خصوصًا مربي المواشي والأبقار وبقية الحيوانات.

من جانب آخر، طالب السميطي المزارعين في دلتا أبين بزراعة الدخن، مشيرًا إلى قصة بذور صنف "كانو" التي تم إهداؤها كبذور من شخص محب للزراعة، كباحث زراعي يريد خدمة بلده في زمن قل فيه الوفاء للوطن وكثر فيه التدمير والتخريب. فقد قام الباحثان المتألقان أحمد الغاز ود. واثق العولقي بتجهيز الأرض الزراعية وزراعة البذور الهدية في موسم 2009/2010، وتمت الزراعة والمتابعة من قبل المهندس أحمد سالم الغاز.

وأشار إلى أن نتائج التجربة كانت مذهلة، واستبشر الجميع خيرًا بنجاح صنف "كانو" السريع النمو والقوي، والخالي من الأمراض والآفات، والذي يمتاز بسنابل كبيرة وحبوب ممتلئة. تم الحصاد وحفظ البذور في المستودع على أمل زراعتها في الموسم القادم.

وتابع يقول: "يا فرحة ما تمت! دخل عام 2011، عام نحس ينذر بكارثة كبيرة، حيث حدث نزوح جماعي وسلب ونهب، وتم تدمير مخزن البذور الهدية التي كنا نعول عليها كمصدر أساس لزراعتها وتوزيعها على المزارعين، ولكن قدر الله وما شاء فعل، فضاع كل شيء."

وقال: "يا سادة، ضاع معها الأمل والتفاؤل، وعاد الجميع إلى منازلهم سالمين، وأغلق ملف قضية بذور 'كانو' وبذور 'كود 94' و'كود 92'، وما خفي كان أعظم".

وأضاف: المطلوب تنسيق مع مراكز البحوث في الوطن العربي لشراء أصناف محسنة وعالية الإنتاجية. هل أنتم فاعلون؟

ولفت إلى أن هذه الدعوة موجهة لمعالي وزير الزراعة والري وهيئة البحوث والإرشاد الزراعي، ولجميع من يهمه الأمر، مشيرًا إلى أن مصر والسودان تمتلكان بحوثًا متقدمة وأصنافًا محسنة من الحبوب مثل الذرة الشامية والذرة الرفيعة والدخن والقمح والسمسم والفول السوداني وعباد الشمس.

وأشار إلى أهمية مخاطبة هذه المراكز، إما عبر الهيئات الرسمية أو عن طريق وزارة الزراعة في البلدين، للحصول على عينات من هذه المحاصيل وتسليمها إلى مراكز البحوث في الكود وسيئون لتجربتها وزراعتها، بهدف إكثارها ونشر ما يعود بالنفع منها.