> فردوس العلمي:

لم يكمل عامه العشرين وفاقد للبصر لكن يتمتع ببصيرة عالية، استطاع أن يقول أنا هنا أين أنتم؟ أثبت للجميع أن العمى لا يلغي الطموح والشخصية ولا يقف عائقا أمام الشخص وأثبت أن الإعاقة ممكن أن تكون سببًا للنجاح والوصول للقمة، إنه الكفيف المبصر مازن علاء شاب يعمل في مجال الصحافة والإعلام.
  • فقدان البصر وبداية الرحلة
الشاب مازن لم يولد بالعمى حسب قوله: "كان العمى بسبب عمليات جراحية مر بها في الصغر إذ قال فقدت البصر كليا في عام 2014م فأنا ولدت بمياه زرقاء ومياه بيضاء وفي السنوات الثلاث الأولى من حياتي خضعت لعمليات جراحية في الأعوام 2006- 2007 - 2008 وتم عمل العمليات على ضغط عين مرتفع مما سبب تلف العصب البصري".

ويضيف، "فقدت البصر تدريجيا، كنت أرى ألوانا وأشكالا وأضواء وبعدها رأيت غشاشا ومن ثم أصبت بالعمى الكامل".

يقول مازن: "لم تكن رحلتي هينة وسهلة بل كانت جدا صعبة، حرمت من أفضل حقوقي من التنقل والحرية واستمر هذا الوضع إلى عام 2020، كانت انطلاقتي واستقلالي الذاتي وأصبحت كما ترون الآن".
الشاب مازن
الشاب مازن


يصف مازن رحلته مع العمى: "العمى ليس أن يظن الناس أنه أعمى لكن العمى من يراه الناس بعين العمى".

وعن تقبل المجتمع له يعلق: "إذا هناك مجتمع متحضر لا يوجد شخص أعمى حتى يشعر الناس بالعمى حتى لو كان كفيفا، عانيت من التنمر فأغلب المجتمع لا يتقبل ذا الإعاقة".

ويوضح: لم أشعر أني أعمى كوني تقبلت موضوع فقد البصر بأريحية فهو قدرة ومكتوبا وكان والدي متواجدا ولم يشعرني يوما بالعمى، لهذا لم أشعر أني أعمى مع وجود والدي".
  • التعليم والتحديات
يصف مازن بداية المرحلة الدراسية والخضوع في مغامرات التعلم بأنها كانت مأساوية وقال، "في بداية حياتي الدراسية التي كانت جدا مأساوية دفعتني أن أتمنى أني لم أخض غمار الدراسة أساسا"، وعن السبب قال: "بحكم تواجدي في بيئة غير متقبلة للكفيف وفاقد البصر".

يواصل مازن حديثه عن مراحل التعليم التي مر به وكيف تجاوزها: "بدأت دراستي الابتدائية عام 2014 - 2015 وانتهيت من الدراسة الابتدائية بعد امتحانات تحديد المستوى الدراسي وانتقلت من مرحلة التعليم الأساسي ثم إلى الثانوي ودرست حتى وصلت إلى المرحلة الأكاديمية".


يتحدث بشغف عن مرحلة التعليم الأكاديمي: "في هذه المرحلة تعمقت بمجال التدريب والتأهيل فهو أفضل من مجال الأكاديمي والدراسي الجامعي ذي أربع سنوات أو خمس سنوات".

وعن سبب اختياره لمجال التدريب قال: اخترت مجال التدريب والتأهيل كون الوقت الراهن في ظل التطور والحداثة والتكنولوجيا لا يحتاج فيه الشخص شهادة أكاديمية ليعمل بها في أي مجال، لكن يحتاج منك مهنة وخبرة، لهذا اخترت مجال التدريب الفني أفضل من التدريس والتأهيل الأكاديمي".
  • الاعتماد على التكنولوجيا
اعتمد مازن على التكنولوجيا بشكل كبير في حياته اليومية، واستخدم تطبيقات مثل "Be My Eyes" و "OverDrive" وغيرها لتسهيل تعليمه وحياته الشخصية، يقول "اعتمادي على التكنولوجيا ساعدني على تحقيق الاستقلالية. المدارس والجامعات تعتبر مكملة وليست موفرة كل شيء.
  • تجاوز العقبات وتحقيق الأحلام
كان فقدان والده نقطة تحول كبيرة في حياة مازن، حيث قرر أن يحقق حلم والده بأن يصبح شخصية مميزة. تجاوز العديد من العقبات منها التنمر ونقص الموارد، وركز على تطوير مهاراته من خلال الدورات التدريبية، حتى أصبح مندوباً لمنظمة دولية متخصصة بذوي الإعاقة البصرية. يقول "كانت وفاته دافع الانطلاق في تحقيق حلم أبي".

يقول إن والده كان من الشخصيات المناضلة لاستعاده دولة الجنوب ويضيف، "سعيت حتى تفوقت وتطورت وكان اجتهاد ودراسة العديد من الدورات التدريبية".
  • تأهيل وتدريب
حصل مازن على عدد من الدورات التدريبية ومنها دوره من الاتحاد العربي للمكفوفين كانت خاصة بالصحافة والإعلام (إعلام دولي) ثم تعميد الشهادة من سوريا وماليزيا وقطر وفي هذه الدورة وحسب قوله: "عانيت كثيرا بسبب عدم وجود نت في منزلي وفي الحي، لهذا كنت أذهب إلى مواقع بعيدة عن منزلي لكي أتابع المحاضرات أون لاين وكنت احتاج إلى وسيلتي مواصلات لكي أذهب إلى الكافيهات أو أجلس على الكورنيش، ضعف النت أكثر شيء تعبني".

يحكي مازن كيف استطاع أن يكون مندوبا لمنظمة دولية: "كان لدي صديق من أصول سورية يعيش في ألمانيا في إحدى الأيام بعد أن تعرفنا على بعض أرسل لي رابطا عبر تطبيق الواتساب دخلت على مجموعة المنظمة وكانت بداية تأسيس منظمة (أكون الدولية) وهي منظمة متخصصة بذوي الإعاقة البصرية فقط بعد فترة أصبحت مندوب المنظمة في عدن".
  • مشاركات خارجية
شارك مازن بالعديد من المؤتمرات الخارجية وعن ذلك قال "تمت دعوتنا إلى أكثر من مؤتمر دولي في ألمانيا وكندا وبريطانيا مرتين وهذه المرة الثالثة التي تتم فيها دعوتنا، ونسعى إلى أن يكون لنا حضور في هذا المؤتمر الدولي المخصص لذوي الإعاقة البصرية والإعاقة بشكل عام، وسيقام في بريطانيا حضور هذه المؤتمرات وبصورة شخصية سواء في مختلف الدول العربية والأجنبية، أحضرها من الميزانية الشخصية مرة أبيع الآيفون أو أبيع بعض الأشياء الخاصة بي أو أبيع مجوهرات أمي لكي أتمكن من الحضور ويكون لنا صوت".
  • جهات متعاونة
يتحدث مازن عن تعاون مع جهات معينة: "حاليا لدينا تعاقد مع مستشفى رؤيا لطب وجراحة العيون ولدينا تخفيضات 25 % في كل جوانب للمكفوفين وضعاف البصر".
  • التعليم كحق أساسي
أكد مازن أهمية التعليم في بناء المجتمعات، مشيراً إلى تدهور العملية التعليمية في عدن وزيادة نسبة الأمية، وقال كان عدن في عام 1983 صنفت كدولة خالية من الأمية وحاليا لدينا 80 % أمية وأطفال خارج التعليم ودعا إلى عودة التعليم إلى مستواه السابق لدعم الأجيال القادمة.
  • طموحات وأهداف مستقبلية
يقول مازن حاليا عملي مركز على المبادرة الوطنية لمكفوفي الجنوب العربي وهي مبادرة "أنا وأنت من أجل مكفوفي الجنوب العربي" ومن طموحاتي أسعى لتأسيس المؤسسة الوطنية لمكفوفي الجنوب العربي واسعة إلى تعزيز الوصول الشامل وليس أن تقوم بتوفير بعض الأشياء فقط، فهذه الأشياء سيوفرها المجتمع عندما يتقبل فكرة أنك كفيف وأنت عائش في المجتمع، وحاليا هناك تقبل بحكم اندماجنا في المجتمع وأصبح للمجتمع فكرة عنها بدأت الصعوبات تتدلل بأن يكون لها صوت داخل أو خارج الوطن لدافع عنها.
  • أمنيات
أتمنى من الجهات المعنية أن تلفت الأنظار للأشخاص الذين يذهبون إلى تمثيل الوطن بشكل شخصي وتخصيص ميزانية لهؤلاء الأشخاص الذين يجتهدون لتمثل الوطن مهما كان هذا الحدث وتذليل الصعوبات وتوفير الميزانية، وقال معاناتي في المبادرة الوطنية أو كصحفي وإعلامي هي ضعف ميزانية".
  • الصعوبات
وفي رده عن سؤال عن الصعوبات رد بابتسامة: "حياتي كلها صعوبات، كل الأوقات أعاني من التنمر، لكن هذا لا يعادل شيئا أمام ضعف الميزانية".

وأضاف: أكثر صعوبات تقبل المجتمع، فمن الصعب أن تتعامل مع مجتمع يرفض وجودك خاصة لو كان مجتمعا شرقيا وعربيا فهم لديهم ضعف فكر واستيعاب متأخر.
  • كيفية التعامل مع الكفيف
والميزانية أيضا تعد إحدى العقبات التي تعيق مشاركتي الخارجية.. نصيحتي لذوي الإعاقة بشكل عام ألا يقفوا عند شيء معين في الحياة، عليهم أن يستمروا، ونصيحتي لذوي الإعاقة البصرية تحديدا أو المكفوفين أن عليهم أن يثبتوا ويظهروا للمجتمع، ونصيحتي للمجتمع بالتكاتف فكلنا نكمل بعض.

دعا مازن أصحاب المنصات في مواقع التواصل الاجتماعي والصحف إلى إعطاء المجال لذوي الإعاقة لنشر المقالات والأخبار الخاصة بالفعاليات التي تسلط الضوء عليهم بأن ينظروا إلى ما يصنعون من المحتوى.

في الختام.. رسالة موجهة للجهات المعنية ممثلة بمحافظ عدن وقيادة المجلس الانتقالي والمجلس الرئاسي بضرورة الالتفات لمن يعملون على رفع راية الوطن وتمثيل الوطن خير تمثيل وتكريمهم، وسبق أن تناولنا قصة المبدع أحمد الإبي الفائز بجائزة أحسن فيلم ولم يلق التكريم المناسب، وها نحن اليوم نتناول قصة نجاح الكفيف المبصر مازن علاء الذي يمثل نموذجاً ملهماً لشاب تحدى الإعاقة، وحقق إنجازات تستحق التقدير، مؤكداً أن الإصرار والعزيمة يمكن أن يحققا المستحيل، فهل تلتفت الجهات المعنية وتمد يد العون ليتمكن من حضور المؤتمر الدولي.