> د. يوسف مرعي:
مقدِّمة:
كيف أعادت الحرب في أوكرانيا تشكيل الموقف الروسي مِن الأزمة اليمنية؟:
سقوط نظام الأسد.. الخسارة الجيوسياسية الكبرى:
المخاوف الروسية مِن انهيار المحور الإيراني:
وتهدف موسكو مِن خلال هذا الاتِّفاق إلى:
• احتواء النفوذ التركي: مواجهة تمدُّد النفوذ التركي في القوقاز والشرق الأوسط.
• استقرار النظام الإيراني: ضمان بقاء طهران حليفًا أساسيًّا في مواجهة العقوبات الغربية.
وبالتالي دفع التهديد المزدوج -كالضغوط الأمريكية- الإسرائيلية على البرنامج النووي الإيراني، والعزلة الدولية لروسيا، إلى تسريع التكامل بين موسكو وطهران؛ وتجسَّد ذلك في اتِّفاق الشراكة الإستراتيجية عام 2025م، الذي وُقِّع قبل أيَّام مِن تنصيب "ترامب" رئيسًا للولايات المتَّحدة، ليشمل -بحسب السفير الإيراني في موسكو- "جميع مجالات التعاون الثنائي"، بدءًا مِن الطاقة إلى التكنولوجيا العسكرية .
التعاون العسكري التقني بين موسكو والحوثيين:
في ظلِّ تدهور العلاقات بين كلٍّ مِن إيران وروسيا مِن جهة والغرب مِن جهة أخرى شهد التعاون العسكري الإيراني-الروسي تطوُّرًا ملحوظًا، خاصَّة مع انتهاء مفعول العقوبات الدولية المفروضة على إيران بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي. وقد تُوِّج هذا التعاون بتوقيع الشراكة الإستراتيجية بين البلدين (إيران وروسيا) في 17 يناير 2025م، ما مثَّل ذروة التنسيق الثنائي في المجالات الدفاعية والتقنية.
• إشغال الحلفاء الغربيين واستنزاف مواردهم.
السياق العسكري: تدريبات روسلان وتزامنها مع أحداث البحر الأحمر:
رحلات رسلان إلى إيران: شحنات غامضة متزامنة مع أحداث البحر الأحمر:
الخطاب السياسي والخبراء: بين التشجيع والإنكار:
الردُّ الرسمي الروسي:
التسريبات الإعلامية: كأدلَّة على التعاون السرِّي:
كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في أكتوبر 2024م، عن عودة "فيكتور بوت"، وهو تاجر سلاح روسي شهير، لوساطة صفقة أسلحة صغيرة مع الحوثيين، حيث زار ممثِّلوهم موسكو تحت غطاء "شراء المبيدات الحشرية"، وزاروا مصنع سيارات "لادا" . وربطت شبكة "سي. إن. إن." الأمريكية بين خطط روسيا لتوريد صواريخ للحوثيين في يوليو 2024م وبين رغبتها في الردِّ على دعم واشنطن لأوكرانيا، لكنَّها ألغت الصفقة بعد تحذيرات سعودية .
التعاون الروسي مع الحوثيين.. تحوُّل مِن الحياد إلى الانحياز:
عوامل التحوُّل.. الشراكة مع إيران والدعم العسكري:
1. التحالف الإيراني- الروسي:
- أصبح التعاون العسكري بين موسكو وطهران أداة لتعزيز نفوذهما المشترك، عبر استخدام إيران كقناة لنقل الأسلحة الروسية إلى الحوثيين.
2. الخطاب الإعلامي الروسي:
السياق التاريخي.. مِن الوساطة إلى التحيُّز:
ويُظهر هذا التحوَّل رغبة الكرملين في:
- تعزيز نفوذه في المنطقة عبر تحالفات مع فواعل غير تقليدية.
مؤشِّرات تراجع النفوذ.. مِن "القوَّة الناعمة" إلى "القوَّة الخشنة":
يشير هذا التحوُّل مِن دبلوماسية الأيديولوجيا إلى دبلوماسية السلاح إلى تراجع النفوذ الروسي العالمي، حيث اضطرَّت موسكو للاعتماد على:
رغم الظهور الخارجي للتحالف الروسي- الإيراني فإنَّ دعم موسكو للحوثيين لا يعكس بالضرورة "توافقًا أيديولوجيًّا" مع طهران، بل يُعتبر ردًّا إستراتيجيًّا على:
- العزلة الغربية: فروسيا تحاول تعويض فقدان نفوذها التقليدي عبر خلق أزمات موازية تشغل الحلفاء الغربيين (مثل تعطيل الملاحة في البحر الأحمر).
إنَّ السياق المتزايد للتضامن والتعاون العسكري بين روسيا وإيران، والذي يتجلَّى مِن خلال الدور الفاعل الذي قامت به طهران في الصراع الأوكراني، يُسهم بشكل كبير في فهم طبيعة تطوُّر العلاقة بين موسكو والحوثيين. ومع ذلك، فإنَّ الدعم المتزايد الذي تقدِّمه موسكو للحوثيين يرتبط بشكل وثيق بالعداء العام الذي تواجهه روسيا مع الولايات المتَّحدة والدول الغربية الأخرى، أكثر مِن ارتباطه بالتوافق والتضامن القائم بين موسكو وطهران . وهذا يشير إلى أنَّ موسكو لم تعد قادرة على تصدير نموذج جاذب كالسوفييت، بل تحوَّلت إلى لاعب يعتمد على:
- تصدير الفوضى كبديل عن المشاريع الحضارية.
آفاق العلاقة وتداعياتها بالنسبة لموسكو:
- كما تستخدم موسكو الحوثيين لتهديد أمن الممرَّات المائية، ما يضرُّ بمصالح الولايات المتَّحدة ومكانتها، فضلًا عن أنَّها رأت في الحوثيين ورقة مساومة مربحة ضدَّ السعودية، التي لها تأثير كبير على أسعار الطاقة.
* متخصِّص في سياسات روسيا والصين تجاه اليمن والخليج ومنطقة القرن الأفريقي.
مركز المخا للدراسات الاستراتيجية
في إطار موازنة الضغوط الغربية في أوكرانيا كان واضحًا أنَّ علاقة روسيا بجماعة الحوثي أخذت منحًا تصاعديًّا واضحًا، مدفوعة بالضرورات الجيوسياسية في إطار المحافظة على نفوذها في المنطقة مِن خلال استخدام الحوثيين، أوَّلًا كأداة لتحقيق مصالحها مع القوى الغربية، وثانيًا كوسيلة دعائية لمحاولة استخدامها على المستوى الداخلي الروسي، مِن خلال إظهار هجمات الحوثيين في البحر الأحمر على أنَّها صورة مصغَّرة لمعاناة الهيمنة الغربية في النظام الدولي، وأنَّ ذلك لم يكن ليحدث لولا حرب روسيا ضدَّ أوكرانيا، والتي يعدُّها الكرملين نقطة تحوُّل لخلق نظام عالمي جديد، مُتعدِّد الأقطاب.
كما أنَّ روسيا، مِن خلال علاقاتها المتعدِّدة مع وكلاء إيران الإقليميين، تسعى لتعزيز موقعها الإستراتيجي في المنطقة، وذلك مِن خلال تعميق التعاون مع إيران، ودعم القوى المناهضة للغرب، ومحاولة تأمين دورها في السياسة الدولية، ومِن خلال إظهار تأثيرها على الطرق الرئيسة للطاقة. كما تحمل هذه العلاقة بين روسيا وجماعة الحوثي طابعًا عسكريًّا تقنيًّا مميَّزًا، مع إمكانية تقديم إمدادات الأسلحة والاستشارات، رغم أنَّ الكثير مِن تفاصيل هذه العمليَّات غالبًا ما تظلُّ سرِّية.
وسوف تدفع الارتدادات الإقليمية للسقوط السريع للنظام السوري السابق، الحليف لروسيا، موسكو لاتِّخاذ مجموعة مِن إجراءات التحوُّط الإستراتيجية للمحافظة على تأثيرها في الشرق الأوسط؛ وذلك مِن خلال تعزيز النفوذ مع دول أخرى، ورفع مستوى التعاون مع الحلفاء، والاعتماد على الردع العسكري، بالإضافة إلى توطيد نطاقات تحالفاتها الاقتصادية والعسكرية مع دول مثل إيران والصين.
تهدف هذه الورقة إلى تحليل حقيقة الدور الروسي المحتمل في هجمات الحوثيين على الشحن الدولي، وإمداد الحوثيين بتقنيَّات عسكرية متطوِّرة، وأهداف روسيا مِن وراء ذلك، وتقييم تداعيات جوانب هذا التعاون على الأمن الإقليمي؛ فضلًا عن تأثير ذلك على علاقة روسيا ببعض الدول الإقليمية الكبرى في المنطقة.
حافظت موسكو على موقفها الثابت تجاه اليمن، حتَّى عملية "طوفان الأقصى"، في 7 أكتوبر 2023م، والتي تزامنت مع تدهور علاقاتها بالغرب جرَّاء وقوفه إلى جانب أوكرانيا في مواجهة روسيا. وقد دفعت هذه التطوُّرات روسيا للبحث عن حلفاء جدد لدعم أجندتها المناهضة للغرب، فوجدت في إيران شريكًا إستراتيجيًّا زوَّدها بالطائرات المسيَّرة والذخائر لحربها، مُعربة عن إعجابها بتحدِّي طهران للعقوبات الغربية رغم عقود مِن الحصار. كما رأت موسكو في وكلاء إيران الإقليميين -ومِنهم جماعة الحوثي- شركاء محتملين في تحالف عالمي مُعادٍ للغرب، في حال دعمت هذه القوى سياسات الكرملين. وعلى سبيل المثال، أعلن الحوثيون، في 21 فبراير 2022م، أي قبل (3) أيَّام مِن غزو روسيا لأوكرانيا، تأييدهم لـ"اعتراف روسيا بجمهوريتي: دونيتسك ولوغانسك، الـمُنفصلتين"، ما عكس عن وجود تحالف تكتيكي يستند إلى مصالح مشتركة في مواجهة النفوذ الغربي.
وشكَّلت هجمات الحوثيين على السفن الدولية في البحر الأحمر، واستهدافهم المصالح الإسرائيلية، أحد أبرز التطوُّرات المـُفاجئة في حرب الشرق الأوسط، خلال العام الماضي؛ وحظيت بتأييد روسي لافت. فقد شكَّلت نقطة تحوُّل في الموقف الروسي تجاه اليمن، حيث بدأت موسكو بتعزيز علاقاتها بجماعة الحوثي، التي كانت تُوصف سابقًا بأنَّها "تهديد محدود" لجيرانها. جاء هذا التحوُّل بعدما كشفت المواجهات عجز التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتَّحدة الأمريكية، عن وقف هجمات الحوثيين، ما وفَّر لموسكو ذريعة لاتِّهام واشنطن بتأجيج التصعيد الإقليمي، بينما استغلَّت هي الوضع لتعزيز نفوذها الجيوسياسي بالمنطقة.
لم تكتف موسكو بالدعم السياسي، بل حوَّلت الأزمة إلى ورقة ضغط اقتصادية، حيث ساهمت هجمات الحوثيين في تعطيل الممرَّات البحرية الإستراتيجية، ممَّا حال دون انخفاض أسعار النفط العالمية بشكل كبير، وهو ما يخدم المصالح الروسية في ظلِّ العقوبات الغربية المفروضة عليها. وهكذا، حوَّلت روسيا أزمة البحر الأحمر إلى منصَّة لتعريض ضعف الهيمنة الأمريكية، واختبار قدرة الغرب على حماية مصالحه في نقاط الاشتباك الدولية. ويرى الفيلسوف الروسي، "ألكسندر دوغين" ، أنَّ هجمات الحوثيين في اليمن ليست مجرَّد عمليَّات عسكرية محدودة، بل هي جزء مِن صراع جيوسياسي أوسع لتحرير المنطقة مِن الهيمنة الغربية، وفرض نموذج "سيادة الأطراف" ضدَّ مركزية القطب الأمريكي. ويُبرز "دوغين"، في تحليله، أنَّ استمرار الحوثيين في استنزاف الاقتصادات الغربية عبر تعطيل الممرَّات البحرية، وتكبيدها خسائر عسكرية، خاصَّة في أنظمة الدفاع الصاروخي، وتشويه هيبتها الدولية، ما يمنحهم قيمة إستراتيجية كشريك غير تقليدي لروسيا في معركة إعادة تشكيل النظام العالمي.
ويعود تأييد "دوغين" للحوثيين إلى سنوات مبكِّرة، إذ صرَّح لقناة "تسار غراد" الروسية المحافظة، عام 2016م، بأنَّ التحالف الموضوعي بين روسيا والقوى الشيعية، ومِنها جماعة الحوثي، ينبع مِن اشتراكهم في مواجهة "الحضارة الأطلسية" المتمثِّلة في التحالف الغربي-السنِّي، بقيادة السعودية.
وفي رؤيته، يجسِّد الحوثيون "الأوراسية العربية" كقوَّة برِّية مقاومة للهيمنة البحرية الغربية، ما يضعهم على خطِّ المواجهة نفسه مع موسكو ضدَّ خصوم مشتركين، مثل "تنظيم القاعدة" وحكومة الرئيس "هادي" المدعومة سعوديًّا.
ويُشدِّد "دوغين" على ضرورة أن تتبنَّى روسيا سياسة عدائية واضحة ضدَّ خصوم الحوثيين، معتبرًا أنَّ انتصار الأخيرين -كقاعدة شيعية في جنوب الجزيرة العربية- سيفتح الباب أمام نفوذ روسي مباشر، في واحدة مِن أكثر المناطق إستراتيجية بالعالم. وهكذا، لا ينفصل دعم الكرملين للحوثيين عن الرؤية "الدوغينية" التي تحوِّل الصراع اليمني إلى معمل لتجربة صراع الحضارات، وإضعاف القوى الموالية للغرب، وإعادة رسم التحالفات الإقليمية، بعيدًا عن المعايير الغربية.
وبعد تصعيد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، أطلق الفيلسوف والسياسي الروسي، "ألكسندر دوغين"، تصريحًا لافتًا وصف فيه تصرُّفات الغرب بأنَّها "تجاوزت كلَّ الخطوط الحمراء"، داعيًا روسيا إلى ردٍّ إستراتيجي عبر تسليح خصوم الولايات المتَّحدة في الشرق الأوسط. وتضمَّنت دعوته الصريحة ضرورة "تزويد حزب الله والحوثيين بأسلحة متطوِّرة، بما في ذلك الأسلحة النووية التكتيكية"، مُعتبرًا أنَّ المواجهة مع الغرب دخلت مرحلة حرجة تتطلَّب إجراءات غير تقليدية.
في ذات السياق، تشير تحليلات إلى تحوُّل جوهري في سياسة موسكو تجاه اليمن على مدى العامين الماضيين، وتمثَّل ذلك في تعزيز التعاون مع جماعة الحوثي، لا سيَّما في المجال العسكري. وتتعزَّز هذه التحليلات بتقارير حديثة صادرة عن خبراء مجلس الأمن الدولي، رصدت محاولات تهريب لأسلحة روسية إلى اليمن، مِن بينها: صواريخ كورنيت "133M9" المضادَّة للدبَّابات، والموجَّهة بالليزر، وبنادق هجومية مِن طراز "AKS- 20U"، وأسلحة أخرى تحمل مواصفات تقنيَّة وعلامات تشير إلى إنتاجها في روسيا. ويُفسِّر المراقبون هذه التحرُّكات كجزء مِن إستراتيجية روسية أوسع لتعزيز نفوذها في مناطق النزاع بالشرق الأوسط، عبر دعم أطراف تعتبرها معادية للنفوذ الغربي. كما تُظهر التقارير الأممية تناميًا ملحوظًا في تدفُّق الأسلحة الروسية إلى اليمن، منذ مطلع 2022م، ما يؤكِّد تحوُّلًا في موقف موسكو مِن مراقبة للأزمة اليمنية إلى مشاركة فاعلة فيها.
مع سقوط نظام "الأسد" في سوريا، وتدمير "حزب الله" في لبنان، تعرَّضت إستراتيجية إيران الإقليمية، المتمثِّلة في "محور المقاومة"، لانتقادات حادَّة، ما دفع بـمحلِّلين لوصفها بـ"الوهم الدعائي" لتعزيز الهيبة الإيرانية. كما كشفت هذه التطوُّرات عن هشاشة النفوذ الإيراني، لا سيَّما في ظلِّ التصوُّرات الجيوبوليتيكية الروسية التي ترى في إيران جسرًا يربط الشرق الأوسط بآسيا الوسطى وروسيا، وفقًا لرؤية "ألكسندر دوغين" الذي يعتبر التعاون الروسي-الإيراني في الطاقة والدفاع ركيزة لإستراتيجية "الأوراسية الكبرى" ، التي تهدف إلى إحلال التعدُّدية القطبية محلَّ الهيمنة الأمريكية الأحادية.
تُدرك موسكو أنَّ سقوط النظام السوري يمتدُّ تأثيره إلى إيران، ما يُهدِّد مصالحها الجيوسياسية في المنطقة، خاصَّة مع مخاوفها الأمنية على حدودها الجنوبية في القوقاز، الخاصرة الرخوة بالنسبة لها، وتنامي النفوذ التركي مِن البحر الأسود إلى بحر قزوين، خصوصًا بعد مكاسب أنقرة في كاراباخ وسوريا مؤخَّرًا. كما تخشى روسيا مِن انتقال "العدوى الثورية" إلى أراضيها، وهو ما دفعها تاريخيًّا -سواء في العهد القيصري أو السوفييتي- إلى تبنِّي إستراتيجيات متعدِّدة للحفاظ على الاستقرار الداخلي، كـ"التحالف المقدَّس" الذي دعا له القيصر الروسي "إلكساندر الأوَّل" مع القوى الأوربِّية الكبرى (النمسا وبروسيا)، بعد هزيمة "نابليون"، بهدف الحفاظ على الأنظمة الملكية الأوربِّية، ومنع انتشار الأفكار الثورية في أوربَّا في القرن التاسع عشر الميلادي، أو "مبدأ بريجنيف" في العصر السوفييتي، للتدخُّل العسكري لقمع أيِّ ثورات في دول الكتلة الشرقية (مثل المجر 1956م، وتشيكوسلوفاكيا 1968م). لذلك سارعت موسكو وطهران إلى توقيع اتِّفاق الشراكة الإستراتيجية لتعزيز التحالف ضدَّ التهديدات المشتركة، وللحدِّ مِن الخسائر الناجمة عن تراجع النفوذ في سوريا.
• احتواء النفوذ التركي: مواجهة تمدُّد النفوذ التركي في القوقاز والشرق الأوسط.
• استقرار النظام الإيراني: ضمان بقاء طهران حليفًا أساسيًّا في مواجهة العقوبات الغربية.
• تعزيز التعاون العسكري-التكنولوجي: وقد يمتدُّ إلى دعم جماعات مُوالية مثل الحوثيين، عبر توريد أسلحة متطوِّرة (كالصواريخ فرط الصوتية)، أو نقل خبرات صناعية عسكرية أخرى، ما قد يُغيِّر موازين القوى في مناطق مثل البحر الأحمر.
وعليه يمكن القول إن تعميق موسكو لعلاقتها بالحوثيين يأتي في سياق إستراتيجية مواجهة الخسائر الإقليمية، في ظلِّ التراجع الجيوسياسي لروسيا وإيران بعد سقوط نظام الأسد، كجزء مِن إستراتيجية مشتركة مع طهران لتعويض خسائرهما عبر خلق نقاط توتُّر جديدة تُربك الخصوم وتُعيد ترسيم أوراق النفوذ. ويُشير هذا التحرُّك إلى تحوُّل في أدوات موسكو مِن الدعم السياسي إلى الدعم العسكري الفعَّال، كردٍّ على تآكل نفوذهما التقليدي في الشرق الأوسط.
في ظلِّ تدهور العلاقات بين كلٍّ مِن إيران وروسيا مِن جهة والغرب مِن جهة أخرى شهد التعاون العسكري الإيراني-الروسي تطوُّرًا ملحوظًا، خاصَّة مع انتهاء مفعول العقوبات الدولية المفروضة على إيران بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي. وقد تُوِّج هذا التعاون بتوقيع الشراكة الإستراتيجية بين البلدين (إيران وروسيا) في 17 يناير 2025م، ما مثَّل ذروة التنسيق الثنائي في المجالات الدفاعية والتقنية.
السياق الإقليمي والدولي:
بعد تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، "أنطوني بلينكن"، التي أشاد فيها بتقدُّم الهجوم الأوكراني المضادِّ لاستعادة الأراضي الأوكرانية، جرت عملية "طوفان الأقصى" في حدود قطاع غزة، في 7 أكتوبر 2023م، وشكَّلت عامل تُخفيف للضغوط عن موسكو، فقد أتاحت الحرب الإسرائيلية ضدَّ قطاع غزَّة، وما خلَّفته مِن تداعيات أمنية واقتصادية، إقليمية ودولية، فرصة لروسيا لتعزيز نفوذها عبر إطالة أمد الصراع، بما يخدم هدفها الإستراتيجي المتمثِّل في:
• خلق بيئة مضطربة تُضعف القدرة الغربية على التركيز على الملفِّ الأوكراني.
ورغم أنَّ موسكو لم تكن المحرِّك الرئيس لـ"محور المقاومة"، المكوَّن مِن إيران وحلفائها في المنطقة، إلَّا أنَّها عملت على تشجيع هذه القوى وتعزيز قدراتها العسكرية، بهدف زيادة الضغط على الولايات المتَّحدة وحلفائها في الشرق الأوسط. ولم يقتصر هذا الدعم على الخطابات السياسية، بل تجسَّد في خطوات عملية، أبرزها:
الدعم العسكري للحوثيين وفقًا لتقارير إعلامية روسيَّة، حيث تمَّ تزويد الحوثيين بصواريخ متعدِّدة الأغراض، قصيرة المدى، تتميَّز بصعوبة رصدها، وقابلة للتثبيت على قوارب خفيفة، ما يُعزِّز قدراتهم في استهداف السفن أو المنشآت، خصوصًا بعد الرحلات الجوية المتكرِّرة لطائرة "أنطونوف: 124-100 "، التابعة للقوَّات الجويَّة الروسية، إلى العديد مِن المطارات الإيرانية الرئيسة كمطار مهر آباد . وطائرة "أنطونوف: 124-100" (روسلان)، هي طائرة نقل عسكرية ثقيلة، تصل قدرتها الاستيعابية إلى (120) طنًّا، ويبلغ نطاق طيرانها عند الحمولة القصوى (4,800)كم.
أجرت وزارة الدفاع الروسية، في ديسمبر 2024م، تدريبات غير مسبوقة، شملت (7) طائرات نقل ثقيلة، مِن طراز "أنطونوف: 124-100" (روسلان) ، التي تُعدُّ عامود النقل الإستراتيجي للجيش الروسي. جاءت هذه التدريبات بالتزامن مع تصاعد التوتُّرات في البحر الأحمر، حيث شنَّ الحوثيون هجمات على السفن التجارية، ما أثار تساؤلات حول دور موسكو في تعزيز القدرات العسكرية للحوثيين.
وفقًا لموقع "بارسينه" الإيراني ، هبطت طائرة "أنطونوف" في مطار مهر آباد، في أغسطس 2024م، بعد رحلة مماثلة إلى أصفهان قبل شهر. وأشارت تقارير إيرانية إلى أنَّ الشحنات تضمَّنت سابقًا طائرتي تدريب "Yak-130" ، مزوَّدتين بتقنيات الأشعة تحت الحمراء، مع توقُّعات بنقل مقاتلات أكثر تطوُّرًا في المستقبل. ولم تُكشف طبيعة الشحنات الأخيرة، لكنَّ التكتم الروسي- الإيراني يُغذِّي التكهُّنات بنقل أسلحة متطوِّرة قد تصل لاحقًا إلى الحوثيين.
خلال برنامج "سولوفييف لايف"، على إذاعة "فيستي إف. إم."، أكَّد المستشرق، "بافيل جوسترين"، أنَّ "روسيا قادرة على استخدام الحوثيين كحلفاء"، مُعتبرًا أنَّ شمال اليمن قد يُصبح معقلًا لنفوذ موسكو في المنطقة ، ودعا إلى تجاوز الخطاب السياسي نحو "خطوات ملموسة"، مثل تزويد الحوثيين بأسلحة تُمكِّنهم مِن مواجهة القوَّات الأمريكية.
نفت موسكو، عبر الناطق الرسمي للكرملين، "ديمتري بيسكوف"، التقارير التي تتَّهمها بنقل بيانات الأقمار الصناعية للحوثيين عبر الحرس الثوري الإيراني، ووصفتها بـ"الكاذبة".
كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في أكتوبر 2024م، عن عودة "فيكتور بوت"، وهو تاجر سلاح روسي شهير، لوساطة صفقة أسلحة صغيرة مع الحوثيين، حيث زار ممثِّلوهم موسكو تحت غطاء "شراء المبيدات الحشرية"، وزاروا مصنع سيارات "لادا" . وربطت شبكة "سي. إن. إن." الأمريكية بين خطط روسيا لتوريد صواريخ للحوثيين في يوليو 2024م وبين رغبتها في الردِّ على دعم واشنطن لأوكرانيا، لكنَّها ألغت الصفقة بعد تحذيرات سعودية .
واعتبر "فيكتور بوت" ماتناولته الصحيفة الأمريكية، في مقابلة له مع مع قناة "REN TV"، بمثابة "هديَّة" مِن الغرب للرئيس الروسي، "فلاديمير بوتين"، في عيد ميلاده، وبحسب قوله فإنَّ المقال يقول إنَّه لا توجد حقائق، بل هناك تكهُّنات معيَّنة؛ لكنَّه أكَّد في مقابلته أنَّ الحوثيين حلفاء لروسيا ويحتاجون إلى الدعم، لأنَّهم حسب رأيه فاعلون للغاية في محاربة طائرات الاستطلاع الأمريكية بدون طيَّار، وكلَّما أسقطوا طائرات أكثر قلَّت فرص الولايات المتَّحدة لاستخدام هذه الطائرات في البحر الأسود ضدَّ روسيا ، وبالتالي فإنَّ كلَّ هذه التناولات والتقارير بقدر ما كانت روسيا الرسمية تحاول نفيها إلَّا أنَّ هجمات الحوثيين خلال الأشهر الأخيرة على إسرائيل والشحن الدولي أثبتت صحَّتها.
أصبح مِن الصعب على الكرملين الحفاظ على سردية "الحياد" في الصراع اليمني، بعدما كشفت تقارير دولية عن دور روسي مُتزايد في دعم الحوثيين عسكريًّا وتقنيًّا، خاصَّة مع تصاعد هجماتهم على السفن في البحر الأحمر وإسرائيل. ويبدو أنَّ هذا التحوُّل جاء نتيجة لتعميق الشراكة الإستراتيجية مع إيران، التي شهدت ذروتها بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، في 2022م، حيث تحوَّلت طهران إلى شريك رئيس في إمداد موسكو بالطائرات المسيَّرة والصواريخ.
1. التحالف الإيراني- الروسي:
- أصبح التعاون العسكري بين موسكو وطهران أداة لتعزيز نفوذهما المشترك، عبر استخدام إيران كقناة لنقل الأسلحة الروسية إلى الحوثيين.
- تكثيف وجود المستشارين العسكريين الروس في صنعاء، وفقًا لتقارير استخباراتية غربية.
بدأت منصَّات إعلامية موالية للكرملين، مثل قناة روسيا اليوم و"سبوتنيك"، تتحدَّث صراحة عن "شرعية" مطالب الحوثيين، دون استبعاد تزويدهم بالسلاح، في تحوُّل واضح عن الخطاب الدبلوماسي الرسمي سابقًا.
حافظت موسكو على موقف محايد ظاهريًّ، خلال عملية "عاصفة الحزم" العسكرية، التي شنَّتها السعودية ضدَّ الحوثيين، واكتفت بالدعوة لـ"وقف إطلاق النار" ، رغم اعتراضها على التدخُّل الخارجي في اليمن. وطيلة السنوات الماضية، دعت روسيا إلى "حوار يمني شامل"، واستضافت ممثِّلين لجميع الأطراف، لكنَّ اللقاءات مع الحوثيين شهدت تسارعًا لافتًا منذ عام 2023م، حيث اجتمع نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الخاص للرئيس الروسي للشرق الأوسط، "ميخائيل بوجدانوف"، بممثِّلي جماعة الحوثي حوالي (4) مرَّات خلال عام ونصف ، مقارنة بلقاءات متفرِّقة مع أطراف أخرى. وهذا يعني أنَّ موسكو لم تعد قادرة على إخفاء تحيُّزها التدريجي للحوثيين، ما يُهدِّد مصداقيَّتها كوسيط محايد في الملفِّ اليمني.
- تعزيز نفوذه في المنطقة عبر تحالفات مع فواعل غير تقليدية.
- استغلال الصراعات الإقليمية لتحقيق مكاسب جيوسياسية في مواجهة الغرب.
وبذلك، تتحوَّل روسيا مِن لاعبٍ داعم للاستقرار إلى طرف فاعل في تعقيد المشهد اليمني.
مِن الشيوعية إلى الميليشيات.. تحوُّل استراتيجي:
في ستينيَّات القرن العشرين، دعم الاتِّحاد السوفييتي الثوَّار اليمنيين عبر تصدير نموذج أيديولوجي قائم على الماركسية، ساعيًا لبناء دولة حديثة وفق منظور المنظومة الاشتراكية؛ أمَّا في عشرينيَّات القرن الحالي، فتعيد روسيا رسم تحالفاتها في اليمن عبر دعم جماعة الحوثي، التي تسعى لتقويض مؤسَّسات الدولة لصالح نظام طائفي-سلالي، مستخدمة في ذلك أدوات مختلفة، مِن توريد الأسلحة إلى الدعم السياسي عبر تحالف ثلاثي (موسكو- طهران- الحوثيين).
يشير هذا التحوُّل مِن دبلوماسية الأيديولوجيا إلى دبلوماسية السلاح إلى تراجع النفوذ الروسي العالمي، حيث اضطرَّت موسكو للاعتماد على:
- تحالفات هشَّة مع فواعل غير تقليدية، مثل الميليشيات الطائفية، بدلًا مِن نشر نموذجها السياسي أو الاقتصادي.
- التنسيق مع إيران التي تحوَّلت إلى شريك مركزي في إدارة الأزمات الإقليمية، كالصراع الأوكراني، حيث زوَّدت طهران موسكو بالطائرات المسيَّرة لدعم هجماتها على أوكرانيا.
- العزلة الغربية: فروسيا تحاول تعويض فقدان نفوذها التقليدي عبر خلق أزمات موازية تشغل الحلفاء الغربيين (مثل تعطيل الملاحة في البحر الأحمر).
- الحرب في أوكرانيا: فروسيا ترغب في استخدام الحوثيين كواجهة لاستنزاف القدرات الأمريكية في الشرق الأوسط، ردًّا على الدعم الغربي لكييف.
- تصدير الفوضى كبديل عن المشاريع الحضارية.
- تحالفات قصيرة المدى مع كيانات مثيرة للشغب، ما يُضعف مكانتها كقوَّة عُظمى قادرة على قيادة النظام الدولي.
هذا التحوُّل ليس مجرَّد تغيير تكتيكي، بل مؤشِّر على أزمة عميقة في الرؤية الروسية، تجعل تأثيرها العالمي رهينة لقدرتها على إطالة أمد الصراعات، لا حلِّها.
مِن الواضح أنَّ موسكو تواجه تحدِّيات كبيرة في علاقتها مع الحوثيين. في السياق الجيوسياسي، يُعتبر تزويدها للحوثيين بأسلحة متطوِّرة تصرُّفًا متهوِّرًا وعدائيًّا تجاه جيران الحوثيين في الخليج العربي. بمعنى آخر، فإنَّ اختيارها إقامة علاقات مع الطرف الفقير وغير المستقرِّ، في صنعاء، قد يهدِّد علاقاتها الراسخة مع دول مستقرَّة ومزدهرة، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتَّحدة. ويُعزِّز مِن تعقيد هذه المسألة أنَّ بعض الدول الخليجية أصبحت ملاذًا آمنًا لرؤوس الأموال الروسية، خاصَّة بعد العقوبات الغربية غير المسبوقة على روسيا . وتعتبر السعودية، التي تلوِّح بين الحين والآخر بتهديدات مبطَّنة بوقف التعاون مع موسكو في قضايا الطاقة، عاملًا مهمًّا في صنع القرار الروسي عندما يتعلَّق الأمر بتوريد الأسلحة المتطوِّرة للحوثيين .
وتسعى روسيا، مِن خلال تقاربها مع الحوثيين، إلى تعزيز نفوذها الإستراتيجي في مواجهة السعودية، وكسب تأثير على الحوثيين، ما قد يُغيِّر مجريات الصراع في حال قرَّروا تهديد السعودية مرَّة أخرى. في الوقت نفسه، تواصل الرياض وواشنطن مناقشاتهما حول معاهدة دفاع محتملة، قد تُوقَّع مع عودة "ترمب" إلى البيت الأبيض. هذه الديناميكيَّات قد تؤدِّي إلى تقليص نفوذ موسكو في منطقة الخليج، ما يبرز أهميَّة التحوُّلات الجيوسياسية في المنطقة. في الوقت نفسه يبدو أنَّ موسكو فضَّلت تبنِّي نهج الغموض في علاقاتها مع الحوثيين. كما يمكن تلخيص بعض التداعيات والفرص التي تتيحها هذه العلاقة لموسكو على النحو التالي:
أوَّلًا: "إذا كان الكرملين يعتقد أنَّ تشتيت الحوثيين في البحر الأحمر للجهود الغربية يمنحه فرصة للتنفُّس في أوكرانيا، فمِن المحتمل أن تبحث روسيا عن طرق مبتكرة لدعم الجماعة مع تقليل ردود الفعل الدبلوماسية المحتملة مِن دول الخليج. وقد تعتمد على شكل مِن أشكال المساعدة غير المباشرة التي يمكنها إنكارها بشكل معقول، مثل تزويد إيران بالأسلحة التي ستصل في النهاية إلى الحوثيين" .
ثانيًا: "قد تبدو علاقة الكرملين بجماعة مصنَّفة كمنظَّمة إرهابية غير تقليدية في بعض الجوانب. ومع ذلك، فإنَّ روسيا تتمتَّع بمرونة كبيرة في تعريفها للإرهاب، حيث قامت مؤخَّرًا بإزالة طالبان مِن قائمة المنظَّمات الإرهابية" . كما أنَّ وجود رؤية مشتركة للمستقبل والتعاون، في ظلِّ تراجع النفوذ الأمريكي، قد يوفِّر للروس والحوثيين أساسًا كافيًا للتعاون بينهما.
وعوضًا عن معالجة المخاوف السعودية، يبدو أنَّ موسكو فضَّلت الحفاظ على قدر كبير مِن الغموض في علاقاتها مع الحوثيين.
ثالثًا: "تظلُّ صفقات الأسلحة المتطوِّرة التي قد يُقدِّمها الكرملين إلى صنعاء قادرة على تغيير قواعد اللعبة، رغم عدم اليقين المحيط بذلك. كما يتَّضح أنَّ تعزيز العلاقات بين الكرملين والحوثيين يأتي في سياق الضغوط الجيوسياسية التي تربط روسيا بإيران. ومع ذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار أنَّ الكرملين يواجه قيودًا تتعلَّق بأولويَّاته الأساسية، مثل الطاقة والاقتصاد، ممَّا قد يؤثِّر على إستراتيجيَّاته في المنطقة.
ووفقًا لـ"أندريه أونتيكوف"، الخبير في شئون الشرق الأوسط، فإنَّ دعم موسكو لأيِّ جهة منضوية في صراع مع واشنطن، بما في ذلك "أنصار الله"، محكوم -حاليًّا- بحسابات وضوابط، لكنَّها جميعًا مرشَّحة للتبدُّل تبعًا للتغيرات التي يمكن أن تطرأ على قواعد الاشتباكات القائمة مع الغرب في ظلِّ المعطيات الحالية المرتبطة بالنزاع مع أوكرانيا" .
- خلاصة:
- في ظلِّ التصاعد الحاد في التوتُّرات مع الغرب، وتفويض أوكرانيا بضرب أهداف في عمق الأراضي الروسية، تعتمد موسكو بشكل متزايد على دعم الحوثيين في اليمن لاستهداف المصالح الغربية عند المضائق البحرية الإستراتيجية، بهدف تشتيت انتباه حلف الناتو عن أوكرانيا، وإلحاق خسائر اقتصادية بالغرب.
- رغم محاولات الكرملين الحفاظ على توازن دبلوماسي مع الأطراف اليمنية، كـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" ودول الخليج، إلَّا أنَّ تعاونه الخفي مع الحوثيين يُنذر بتحوُّله إلى طرفٍ منحاز، ما يُهدِّد علاقته بالرياض، خاصَّة مع توقُّعات بتراجع التعاون السعودي في "أوبك+"، أو إبرامها اتِّفاقية دفاعية مع واشنطن. هذا بالإضافة إلى أنَّ موسكو استغلَّت أزمة البحر الأحمر لطرح مزايا طرقها اللوجستية البديلة، مثل ممرُّ "شمال- جنوب" مع إيران، والطريق الأوراسي البرِّي مع الصين، وكذلك طريق بحر الشمال الروسي.
- تحوَّلت إستراتيجية روسيا مِن التركيز على الأيديولوجيا إلى توظيف تحالفات هشَّة مع ميليشيات طائفية، في محاولة لتعويض تراجع نفوذها العالمي، عبر تصدير الفوضى واستغلال الصراعات لتحقيق مكاسب آنية، ما يُعمِّق التعقيدات الجيوسياسية في المنطقة والعالم.
مركز المخا للدراسات الاستراتيجية