> عدن «الأيام» خاص:

ضباط جنوبيون أعادوا أمجاد التأهيل العسكري ليعملوا بلا مرتبات
> في أروقة الكلية الحربية وأقسامها بالعاصمة عدن يعمل نحو 170 مدرسًا جنوبيًا بجهودٍ جبارةٍ لإعادة مجد التأهيل العسكري، رغم الظروف القاسية التي تواجههم.

هؤلاء الضباط الذين استجابوا لنداء الواجب قدموا من وحدات عسكرية مختلفة، وبعضهم كانوا مسرّحين ومبعدين، ليضعوا بصمتهم في إعادة فتح الكلية الحربية التي تعرضت لسنوات من الإهمال والتدمير خلال العقود الماضية.

الكلية الحربية في عدن تُعدّ إحدى أعرق المؤسسات العسكرية في الجنوب، حيث كانت مركزًا لإعداد الكوادر العسكرية المحترفة منذ عقود، إلا أنها تعرضت كغيرها من المؤسسات العسكرية الجنوبية لعملية تهميش منهجية بعد حرب 1994 عندما أحكم نظام علي عبدالله صالح قبضته على مؤسسات الجنوب، ما أدى إلى تدمير معظم البنى التحتية العسكرية والتدريبية، ورغم ذلك فإن الإرادة الجنوبية لم تتوقف، حيث شهدت الكلية إعادة افتتاحها في خطوة تهدف إلى إعادة بناء القوات المسلحة على أسس علمية ومهنية.

يواصل المدرسون أداء مهامهم دون رواتب رسمية من الكلية، حيث يعتمدون فقط على مرتباتهم السابقة التي يتقاضونها من وحداتهم العسكرية، وهي رواتب ضئيلة بالكاد تكفي لتغطية احتياجاتهم الأساسية، إضافةً إلى تأخر صرفها لأشهر كما هو حال معظم العسكريين، وبرغم غياب أي حوافز أو امتيازات، إلا أن هؤلاء الضباط يستمرون في أداء واجبهم الوطني بدافع عقيدتهم العسكرية والتزامهم بالمهنة التي نشأوا وتربوا عليها في مدرسة الجيش الجنوبي العتيق.

يقول أحد الضباط المدرسين: "نحن لا نعمل من أجل المال فقط، بل من أجل إعادة بناء الجيش الجنوبي على أسس علمية حديثة، لكن هذا لا يعني أننا لا نعاني من ظروف صعبة تؤثر علينا وعلى أسرنا".

ويضيف آخر: "لا نحصل سوى على 60 ألف ريال شهريًا بدل مواصلات، وهي مبادرة دعم من قائد قوات العمالقة أبو زرعة المحرمي، لكن هذا لا يكفي، ونحن بحاجة إلى التفاتة رسمية من الجهات المختصة".

وسط هذه المعاناة برز انقسام بين صفوف المدرسين حول الجهة التي ينبغي أن تُوجَّه إليها المناشدة لدعمهم وتحسين أوضاعهم، ففي حين أن يرى بعضهم ضرورة الاستنجاد بقائد قوات المقاومة الوطنية العميد طارق صالح، للحصول على الدعم اللازم لاستمرارهم في التدريس، يرفض آخرون هذا التوجه، مؤكدين أن المناشدة يجب أن تكون موجهة أولًا وأخيرًا إلى الجهات الرسمية، ممثلة بوزارة الدفاع، ومجلس القيادة الرئاسي، والمجلس الانتقالي الجنوبي.

وبحسب مصادر خاصة لـ "الأيام"، فقد طُرِح على المدرسين مقترح بالتوجه إلى العميد طارق صالح قائد قوات المقاومة الوطنية، لمساعدتهم في الحصول على الدعم اللازم، غير أن هذا المقترح لم يحظَ بإجماع المدرسين، حيث رفضه البعض بشكل قاطع، مشددين على أن المناشدة يجب أن تبقى موجهة إلى الجهات الرسمية المسؤولة عن المؤسسة العسكرية، وهي وزارة الدفاع والمجلس الرئاسي والمجلس الانتقالي الجنوبي.

يقول أحد الضباط المعارضين لفكرة الاستنجاد بطارق صالح: "يجب أن نحصل على حقوقنا من الجهات الرسمية، وليس من أي طرف آخر. نحن جزء من مؤسسة عسكرية وطنية، ولا يجوز أن نطلب الدعم من شخصيات خارج إطار الدولة".

في المقابل، يرى مؤيدو فكرة مخاطبة طارق صالح أن الدعم يجب أن يأتي من أي جهة مستعدة لتقديم المساعدة، خاصة في ظل الوضع الصعب الذي يواجهونه، موضحا أن مخاطبة العميد طارق ستكون بصفته عضوا بمجلس القيادة الرئاسي وقائدا عسكريا لديه قوة وإمكانيات، ويؤكد أحد المؤيدين للمقترح: "ما يهمنا هو استمرار التدريس في الكلية الحربية، فإذا لم تستجب الجهات الرسمية، فلماذا لا نبحث عن دعم من أي طرف قادر على مساعدتنا؟".

ويشدد الضباط على أن دعمهم لا ينبغي أن يكون مجرد وعود، بل إجراءات ملموسة تشمل صرف مرتبات منتظمة، توفير مخصصات مالية للمدرسين، وتحسين بيئة العمل في الكلية، لضمان استمرارها في تخريج كوادر عسكرية كفؤة قادرة على حماية الوطن.

وتُعد إعادة افتتاح الكلية الحربية في عدن خطوة كبيرة في مسار بناء القوات المسلحة الجنوبية، لكنها لا تزال بحاجة إلى دعم قوي من الدولة لضمان استمرار نجاحها؛ فبدون الالتفات إلى مطالب المدرسين وتوفير الإمكانيات اللازمة، قد تواجه هذه الجهود عقبات تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة.

هل تستجيب الجهات المختصة لهذه المطالب؟ هذا ما ينتظره المدرسون الذين لا يزالون يعملون بإخلاص، واضعين نصب أعينهم مسؤولية بناء جيل جديد من الضباط القادرين على حماية أمن واستقرار الجنوب.