في نهاية ديسمبر من عام 1965م استُدعيتُ من قبل المناضل قحطان محمد الشعبي الأمين العام للجبهة القومية، وطلب مني ومن المناضل علي محمد الشعبي وأحمد علي عبد الرب (غسان) التوجه فورًا إلى جبهة بيحان لنقل الأسلحة والذخائر والمال مع المناضل والقائد للجبهة عبد ربه ناصر الرقابي. وانطلقنا من تعز ويريم ورداع والسوادية والملاجم وبني وهب في طريقنا إلى جمَلية آل عريف بأعالي بيحان، ونزلنا في منزل الرقابي قائد المنطقة والجبهة آنذاك، وجاء الثوار والمواطنون من كل مكان، وكان من بينهم الشيخ المناضل علوي العواضي الذي التحق بجبهة بيحان مع رفيقه في النضال عبد ربه ناصر الرقابي الذي كان يحظى بحضور مميز بين الثوار، فسألتُ من هذا؟
قالوا الشيخ علوي العواضي. وكان يلبس عمامة على طريقة سكان المنطقة ومعه بندق بلجيكي جديد، حيث كان الثوار حينها يحملون بنادق 303 (شرفا) كما يسمونها وهي من مخلفات الجيش البريطاني في قاعدة السويس التي آلت لمصر بعد جلاء بريطانيا من السويس إلى عدن عام 1956م، وكانت القيادة المصرية وقيادة الجبهة القومية قد طلبت منا استخدام السلاح البريطاني من بنادق ومدافع وألغام ومتفجرات وغيرها، والتدرب عليها في معسكر صالة بتعز، حتى إذا وقعت بيد العدو وعرضها في الإعلام كدليل على التدخل المصري فلن يصدق الناس ذلك؛ لأنها أسلحة بريطانية.
وكان الشيخ العواضي يتمتع بحيوية وهو في قمة صحته آنذاك وكانت هذه هي المرة الأولى التي ألتقيته فيها، ومنذ ذلك التاريخ استمرت علاقاتنا الشخصية والنضالية في صنعاء ودمشق والقاهرة وحتى وفاته. وقد كُلّف أكثر من مرة بالوساطة بيني وبين الرئيس علي عبد الله صالح في فترة الخلافات التي مررنا بها بسبب التباين في وجهات النظر، وعلى الرغم من أنه رسول صالح لكنه كان متعاطفًا معي كثيرًا. وكان يتصل بي من البحرين بعد تعيينه في السفارة اليمنية هناك كما كان يتصل بي من عند ابنه عبد السلام الدبلوماسي في مدريد والسفير لاحقًا في نيروبي.
وبوفاته خسرتُ صديقًا صادقًا وخسر الوطن مناضلًا من أسرة مناضلة نعتز به وبها، فقد كانت لهم بصماتهم في ثورة 26 سبتمبر والدفاع عنها، وفي مقدمتهم الشيخ أحمد عبد ربه العواضي والشيخ أحمد سالم العواضي والشيخ اللواء حسين العواضي والشيخ ياسر العواضي وغيرهم من هذه الأسرة المناضلة.
ولا يسعني هنا إلّا أن أتوجه بأحرّ التعازي إلى آل العواضي جميعًا، وفي مقدمتهم السفير عبد السلام علوي العواضي ومحبي الفقيد، سائلًا المولى العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جنّاته وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.