التصالح والتسامح الجنوبي - الجنوبي.. في ذكراه الثامنة عشر
الثامنة عشر عامًا مضت على لقاء التصالح والتسامح التاريخي الذي دعت له جمعية ردفان الخيرية الاجتماعية/عدن رابع أيام عيد الأضحى المبارك عام 1427 هجرية التي صادف.
يوم الثالث عشر مِــن يناير 2006م في مقرها سابقًا في حي المنصورة بالعاصمة عدن لقد مثّــلَ ذلك اللقاء تحولًا فارقًا بتاريخ الجنوب المعاصر باعتباره نقطة انطلاق لثورة شعبية توعوية تؤسس لثقافة تسامح وتصالح مع النفس الجنوبية الجنوبية للمضي إلى المستقبل، صوب استعادة الحق الجنوبي من بين مخالب قوى الحرب والاحتلال، لقد كان التصالح والتسامح الجنوبي واحدًا من أهم محفزات وإرهاصات الثورة الجنوبية التي شكل القاعدة الصلبة لانطلاقتها رسميًّا في مهرجان 7/7/2007 في ساحة العروض خور مكسر الذي دعت له جمعية المتقاعدين العسكريين والأمنيين وعُـرف مجازًا باسم انطلاق (الحراك الجنوبي)، الذين فقدوا وظائفهم، ناهيك عما جرى من تدمير وعبث ونهب بكل ممتلكات الشعب، والتعدي على تراثه المادي والمعنوي الضارب جذوره بأعماق التاريخ.
- فقد أدركت القوى اليمنية - بكل تفرعاتها السياسية والحزبية والقبلية والعسكرية والدينية التقليدية، هذه القوى التي أمسكت بناصية الأمور في الجنوب غداة يوم 7 يوليو 1994م - أنه من الصعوبة بمكان أمامها أن تحقق ما تتطلع له بالجنوب من غايات السيطرة والاستحواذ والنهب والإقصاء، إلّا من خلال إحداث شقوق كبيرة بالجدار الجنوبي وبتعميق معاناته وبشعوره بالتوجس من ذاته، على الرغم مما تمتلكه هذه القوى من طاقات عسكرية طاغية وما تتسلح به من أمكانيات هيمنة وتأثير مالي وإعلام لا نظير له، وعلى الرغم من اختلال ميزان القوى لمصلحة الطرف الشمالي المنتصر، ودخول الجنوب في مرحلة الإخضاع، وأساليب القتل والاعتقال والمطاردة. فقد كان الصدع الأكثر ملائمة لهذه القوى للنفاذ من خلاله للمزيد من الهيمنة والتسلط هو استدعاء الماضي، والنبش في الخلافات القديمة، وإذكاء الفتن من جديد، ونكئ الجراحات بالجسد الجنوبي، فقد شكلت تلك الهجمة العدائية ضد الجنوب والتي استهدفت ماضيه وحاضره، فضلًا عن مستقبله ومستقبل أجياله وارتأى ضرورة القيام بطي صفحة الماضي الأليمة من تأريخه، وفتح صفحة مشرقة تؤسس لثقافة تصالحية تسامحية قادمة تعم كل الأرجاء وتشمل شتى الصُـعد، وألّا تقتصر على الصعيد السياسي وحسب، بل تتجاوزه إلى ما هو أبعد وأهم منه، ونعني هنا الصعيد الاجتماعي. كما أن ترسيخ ثقافة توعوية تسامحية في مفاصل المجتمع لا يعُــد فقط مهمة وطنية وسياسية، بل مهمة اجتماعية وواجب إنساني، وقبل هذا وذلك هي مهمة أخلاقية، وفرض عين على الجميع الاضطلاع به لإشاعة روح التسامح الجنوبي وإصلاح ذات البين مع الماضي، والتعايش مع الحاضر، ولتأسيس قاعدة صلبة للمستقبل.
فالضرر الذي طال الجنوب جرّاء سياسة إشعال الفتن
ضد بعضها بعض لم يطال النخبة السياسية فقط كما يتصور البعض بل ضرب عمقه ونسيجه الاجتماعي وحاول تمزيق أواصره وعُــراه، لولا أن تداركه الله بذلك الفعل التصالحي الذي انطلق في يوم الــ 13 من يناير 2006م. وأسس من حينها لعهدٍ جديد من التعايش المجتمعي، واستطاع شعبنا أن يسجل حالة فريدة في التاريخ العربي، فقد استطاع أن يحول مناسبة ارتبط اسمها بالاختلاف والتنافر كمناسبة 13 يناير إلى مناسبة للائتلاف والتضافر، بل واستطاع أن يحول هذه المناسبة من مناسبة ظلت سلطة ما بعد حرب 94م تترقبها لتبث فيها مزيد من سموم الفرقة بالجسد الجنوبي إلى مناسبة لاحتشاد الجماهير في كل الساحات على طول الجنوب وعرضه تضج بشعاراته الثورية وهتافاتها التصالحية وبصرخات بوجه الغزاة وصناع الفتن والتمزق، وبالتالي تحولت هذه المناسبة بالنسبة لتلك السلطة إلى كابوس مزعج يؤرق مضجعها كل عام تتمنى ألا يأتي ثانية.
ومع بزوغ هذه الثقافة التصالحية الجنوبية وبعد أن بدأت تأتي ثمارها وتندمل معها الجراج الجنوبية الغائرة في عموم محافظات الوطن من المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا فقد ثارت ثائرة تلك القوى المتشيطنة وجنّ جنونها، وشرَعت منذ اليوم الثاني للقاء التصالح الجنوبي بحملات قمع واسعة النطاق، على مراحل متتالية - واستهدفت بحقارة الصحف التي غطت ذلك الحدث العظيم ومنها صحيفة "الأيام" الغراء التي طالها النصيب الأكبر من الانتقام والأذى.
وعلى الرغم من ذلك استطاعت الثورة الجنوبية أن تشق طريقها وتوسع من حضورها طولًا وعرضًا بمساحة الوطن وبين شرائحه وأطيافه المختلفة وفئات مجتمعه المتعددة، بلغت ذروت نجاحها في عام 2008م ، حتى اندلعت الحرب الأخيرة عام 2015م التي وجد الجنوب نفسه في غمرتها.
وبعد النصر العسكري الذي أحرزه الجنوب بمعية التحالف حصل استقطاب خارجي أضر هذا الاستقطاب بمسيرة التصالح الجنوبي إلى حد كبير.
وعطفًا على هذا الواقع، وفي هذه المناسبة نكرر دعوتنا للجميع بمواصلة مشوار ثورتنا التسامحية المباركة حتى بلوغ غايتها،
وأن يدرك الجميع أنهم لايزالون أمام مهمة مستمرة جوهرها التصدي لهذا الاستهداف ومواصلة ترسيخ الثقافة التسامحية وتوطيدها أكثر وأكثر، ومترفعين عن كل اعتبارات سياسية وحزبية وفوق كل الصغائر، وفوق كل الحسابات الجهوية وسواها من الحسابات العقيمة.
يوم الثالث عشر مِــن يناير 2006م في مقرها سابقًا في حي المنصورة بالعاصمة عدن لقد مثّــلَ ذلك اللقاء تحولًا فارقًا بتاريخ الجنوب المعاصر باعتباره نقطة انطلاق لثورة شعبية توعوية تؤسس لثقافة تسامح وتصالح مع النفس الجنوبية الجنوبية للمضي إلى المستقبل، صوب استعادة الحق الجنوبي من بين مخالب قوى الحرب والاحتلال، لقد كان التصالح والتسامح الجنوبي واحدًا من أهم محفزات وإرهاصات الثورة الجنوبية التي شكل القاعدة الصلبة لانطلاقتها رسميًّا في مهرجان 7/7/2007 في ساحة العروض خور مكسر الذي دعت له جمعية المتقاعدين العسكريين والأمنيين وعُـرف مجازًا باسم انطلاق (الحراك الجنوبي)، الذين فقدوا وظائفهم، ناهيك عما جرى من تدمير وعبث ونهب بكل ممتلكات الشعب، والتعدي على تراثه المادي والمعنوي الضارب جذوره بأعماق التاريخ.
- فقد أدركت القوى اليمنية - بكل تفرعاتها السياسية والحزبية والقبلية والعسكرية والدينية التقليدية، هذه القوى التي أمسكت بناصية الأمور في الجنوب غداة يوم 7 يوليو 1994م - أنه من الصعوبة بمكان أمامها أن تحقق ما تتطلع له بالجنوب من غايات السيطرة والاستحواذ والنهب والإقصاء، إلّا من خلال إحداث شقوق كبيرة بالجدار الجنوبي وبتعميق معاناته وبشعوره بالتوجس من ذاته، على الرغم مما تمتلكه هذه القوى من طاقات عسكرية طاغية وما تتسلح به من أمكانيات هيمنة وتأثير مالي وإعلام لا نظير له، وعلى الرغم من اختلال ميزان القوى لمصلحة الطرف الشمالي المنتصر، ودخول الجنوب في مرحلة الإخضاع، وأساليب القتل والاعتقال والمطاردة. فقد كان الصدع الأكثر ملائمة لهذه القوى للنفاذ من خلاله للمزيد من الهيمنة والتسلط هو استدعاء الماضي، والنبش في الخلافات القديمة، وإذكاء الفتن من جديد، ونكئ الجراحات بالجسد الجنوبي، فقد شكلت تلك الهجمة العدائية ضد الجنوب والتي استهدفت ماضيه وحاضره، فضلًا عن مستقبله ومستقبل أجياله وارتأى ضرورة القيام بطي صفحة الماضي الأليمة من تأريخه، وفتح صفحة مشرقة تؤسس لثقافة تصالحية تسامحية قادمة تعم كل الأرجاء وتشمل شتى الصُـعد، وألّا تقتصر على الصعيد السياسي وحسب، بل تتجاوزه إلى ما هو أبعد وأهم منه، ونعني هنا الصعيد الاجتماعي. كما أن ترسيخ ثقافة توعوية تسامحية في مفاصل المجتمع لا يعُــد فقط مهمة وطنية وسياسية، بل مهمة اجتماعية وواجب إنساني، وقبل هذا وذلك هي مهمة أخلاقية، وفرض عين على الجميع الاضطلاع به لإشاعة روح التسامح الجنوبي وإصلاح ذات البين مع الماضي، والتعايش مع الحاضر، ولتأسيس قاعدة صلبة للمستقبل.
فالضرر الذي طال الجنوب جرّاء سياسة إشعال الفتن
ضد بعضها بعض لم يطال النخبة السياسية فقط كما يتصور البعض بل ضرب عمقه ونسيجه الاجتماعي وحاول تمزيق أواصره وعُــراه، لولا أن تداركه الله بذلك الفعل التصالحي الذي انطلق في يوم الــ 13 من يناير 2006م. وأسس من حينها لعهدٍ جديد من التعايش المجتمعي، واستطاع شعبنا أن يسجل حالة فريدة في التاريخ العربي، فقد استطاع أن يحول مناسبة ارتبط اسمها بالاختلاف والتنافر كمناسبة 13 يناير إلى مناسبة للائتلاف والتضافر، بل واستطاع أن يحول هذه المناسبة من مناسبة ظلت سلطة ما بعد حرب 94م تترقبها لتبث فيها مزيد من سموم الفرقة بالجسد الجنوبي إلى مناسبة لاحتشاد الجماهير في كل الساحات على طول الجنوب وعرضه تضج بشعاراته الثورية وهتافاتها التصالحية وبصرخات بوجه الغزاة وصناع الفتن والتمزق، وبالتالي تحولت هذه المناسبة بالنسبة لتلك السلطة إلى كابوس مزعج يؤرق مضجعها كل عام تتمنى ألا يأتي ثانية.
ومع بزوغ هذه الثقافة التصالحية الجنوبية وبعد أن بدأت تأتي ثمارها وتندمل معها الجراج الجنوبية الغائرة في عموم محافظات الوطن من المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا فقد ثارت ثائرة تلك القوى المتشيطنة وجنّ جنونها، وشرَعت منذ اليوم الثاني للقاء التصالح الجنوبي بحملات قمع واسعة النطاق، على مراحل متتالية - واستهدفت بحقارة الصحف التي غطت ذلك الحدث العظيم ومنها صحيفة "الأيام" الغراء التي طالها النصيب الأكبر من الانتقام والأذى.
وعلى الرغم من ذلك استطاعت الثورة الجنوبية أن تشق طريقها وتوسع من حضورها طولًا وعرضًا بمساحة الوطن وبين شرائحه وأطيافه المختلفة وفئات مجتمعه المتعددة، بلغت ذروت نجاحها في عام 2008م ، حتى اندلعت الحرب الأخيرة عام 2015م التي وجد الجنوب نفسه في غمرتها.
وبعد النصر العسكري الذي أحرزه الجنوب بمعية التحالف حصل استقطاب خارجي أضر هذا الاستقطاب بمسيرة التصالح الجنوبي إلى حد كبير.
وعطفًا على هذا الواقع، وفي هذه المناسبة نكرر دعوتنا للجميع بمواصلة مشوار ثورتنا التسامحية المباركة حتى بلوغ غايتها،
وأن يدرك الجميع أنهم لايزالون أمام مهمة مستمرة جوهرها التصدي لهذا الاستهداف ومواصلة ترسيخ الثقافة التسامحية وتوطيدها أكثر وأكثر، ومترفعين عن كل اعتبارات سياسية وحزبية وفوق كل الصغائر، وفوق كل الحسابات الجهوية وسواها من الحسابات العقيمة.