عدم تكرار الأخطاء والاحتراس واجب في التسوية القادمة
نحن على أعتاب تسوية سياسية يشترك فيها الإقليم والعالم ومنها سيتحدد الوضع في اليمن وعلى وجه الخصوص مصير الجنوب، ومن الملاحظ بأن كل شيء قد تم إنجازه بين أطراف معينة، ولم يكن الجنوب حاضرًا في الإعداد، وسيتم إقرار التسوية.. السؤال كيف سيتم ذلك دون الأخذ بالاعتبار جوهر الصراع وأسباب الأزمة في اليمن؟ وهل سيتم فرضه بالقوة؟ معروف أن أزمة اليمن الحالية تكمن في الصراع على السلطة بين أقطاب النخب السياسية في صنعاء، وفشل الإقليم والعالم في حلها عبر المبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار الوطني، وكانت النتيجة الحرب، ومن يحكم صنعاء يعتبر الجنوب الجائزة وهذه المرة خرج الجنوب منتصرًا، ومع ذلك يتم تجاهله في هذه التسوية، وهل من المنطق تجاهل الجنوب في أي تسوية قادمة؟
وبانتقال الحرب إلى الممر الدولي باب المندب أعطى لها منحى دوليًا وإقليميًا خطيرًا، منح أساطيل العالم بالتواجد لإدارة صراعاتهم على بحارنا وممراتنا البحرية وشواطئنا، وهذه أحد تداعيات إطالة أمد الحرب والفشل في إدارتها وتحويل بوصلتها وطمس جوهر أزمة اليمن الأساسية، والتي تكمن بين جنوب وشمال بفشل الوحدة العشوائية التي تمت في عام 90م.
يبدو أن العالم والإقليم تعب من أزمات اليمن وغير مستعد لتحمل تبعاتها، وأصبح الوضع لا يطاق، لذا قرر اللاعبون الإقليميون والدوليون تمرير صفقة التسوية، ليخلصوا من هم اليمن ويتركونه في دوامة صراع مستمر. أصبحت قضية الجنوب في قلب التشابك الإقليمي والدولي، أضيف إليها التعقيدات الداخلية اليمنية، فالدخول بالتسوية تعتبر من أخطر المعارك السياسية، وتتطلب التسلح بالوعي والثبات وفهم التشابك والتعقيدات المحلية والإقليمية والدولية، التي لها الأثر الأكبر على مسار التسوية.
طريق التسوية محفوف بالمخاطر الكبيرة، فتجارب الجنوب في مجال التسويات الكبيرة كانت مؤلمة، أدت إلى كوارث للجنوب، فمنها مثلًا:
أولًا: دخل الجنوب في الوحدة السياسية مع الشمال بعواطفه الجياشة، ودون أن يكون متسلحًا بالوحدة الوطنية الجنوبية، وكان متعجلًا وعشوائيًا اعتمد على الثقة بالآخر، دون أن يحصل على ضمانات بعدم نكوص الشريك، وكانت النتائج مأساوية.
ثانيًا: المشاركة بالحوار التي نظم تحت إشراف إقليمي ودولي، لم يستفد من تجربة الوحدة فكرر الخطأ، ودخل دون التسلح بالوحدة الوطنية الجنوبية المتمثل بالحراك السلمي الذي قدم التضحيات، وبالتالي دون ضمانات مكتوبة بل لمجرد وعود شفوية من قبل رعاة المؤتمر، وعندما قرر الفصيل الذي دخل الحوار الانسحاب انسلخ عدد من أعضائه المشاركين الجنوبيين، وقرروا البقاء في الحوار، وتم استغلالهم كممثلين للحراك الجنوبي، وبالتالي كانت قضية الجنوب في مهب الريح، لأن من بقي في الحوار تم شراؤهم وأصبحوا يسيرون في ركاب الشرعية، وعند الانقلاب على الشرعية بصنعاء تحول بعض منهم مع الانقلابيين كممثلين للجنوب زورًا، واستخدموا كما استخدمت الشرعية الجزء الآخر.
لذا من سيفكر بالدخول بالتسوية السياسية الآن دون وحدة وطنية جنوبية ودون ضمانات مكتوبة، أو على الأقل تمكين الانتقالي من إدارة الجنوب قبل التسوية، فإنه يكرر أخطاء من سبقوه وسيكون مصير الجنوب في خطر، وسيتكرر صنع البدائل كممثلين للجنوب ليسيروا في فلك رعاة التسوية.
ماذا لو امتلك الجنوب خارطة طريق أخرى عبر التمثيل الشعبي كتعبير عن إرادة شعب الجنوب بفرض الأمر الواقع، فمن حق شعب الجنوب أن يقرر ما يريد دون الاستئذان من أحد، ويعتبر ذلك الطريق الآمن، خاصة وقد ظهر تشدد من قبل الانقلابيين في صنعاء، بفرض رؤيتهم للحل على الأرض، وظهر أيضًا استكانة الشرعية لهذا الحل، وممارسة التحكم في مصير وإرادة شعب الجنوب بشكل فظ، فهذا الطريق هو كالتالي:
أن تتم السيطرة على الأرض عبر الآلية التالية:
بناء الدولة الجنوبية من الأدنى إلى الأعلى أي البدء بالتجهيز لعملية سياسة ديموقراطية وتوافقية في كل مديريات الجنوب، لانتخاب مجالس تمثيل شرعية لإدارة المديريات في كافة مناحي الحياة، وطبعًا سيتم استيعاب من هو موجود حاليًا، شرط تنفيذ توجهات المجلس المنتخب وأن تعذر ذلك يتم استبدالهم.
الخطوة التالية ما جرى في المديريات يسري على مجالس المحافظات يتشكل مجلس منتخب أو توافقي لإدارة شؤون المحافظة.
أما الخطوة الثالثة يتم انتخاب ممثلين من خلال تلك المجالس أو انتخاب مباشر للمجلس الأعلى أو أي تسمية الجمعية الوطنية، مقره العاصمة عدن، بمثابة مجلس نواب تشريعي يدير نشاط دولة الجنوب، ويشرف على الإدارات التنفيذية بما فيها تشكيل حكومة مصغرة.
كل هذه الترتيبات تتم عبر هيئات المجلس الانتقالي وبمشاركة القوى الجنوبية الأخرى الملتزمة بهدف استعادة الدولة الجنوبية، ويمثل ذلك أوتوماتيكيًا بتوسيع المشاركة الشعبية، ويتحول من يريد من أنصار المجلس الحاليين المعينين إلى تلك المجالس في كل المستويات المديريات والمحافظات، والجمعية الوطنية، بحيث أن لا يتكرر الشخص في أكثر من موقع ومنصب، وهذا الطريق الآمن والإسراع في السير فيه حفظ حق الجنوب في إدارة نفسه قبل أن يتم فرض تسوية من الإقليم والعالم، قد لا تناسب تطلعات شعب الجنوب.
وهذا الطريق الآمن لا تستطيع أي قوة في العالم الوقوف ضدها مهما كانت قوته، لأنه سيصطدم بإرادة شعب الجنوب، وهذا الطريق قانوني وشرعي، وإن تم ذلك بعدها فليكن هناك حوار في أي تسوية، لأن من يمثل الجنوب سيكون شرعيًا ومنتخبًا، ويسحب البساط على من يقدمون أنفسهم ممثلين مزيفين لإرادة شعب الجنوب الحر، وسينطلق ممثلو الجنوب من أرضية ثابتة وصلبة يستند إلى شعب الجنوب والذي أصبح يدير أموره بنفسه.
الصراع الأساسي هو صراع بين الجنوب والشمال، ولا يجب حرف مسار الصراع او تزوير لجوهره الحقيقي، فإن أراد الإقليم والعالم تحقيق تسوية حقيقية، فهذا هو الطريق الآمن الذي يخدم أمن واستقرار المنطقة، إنه طريق إعادة الاعتبار للتاريخ والجغرافيا، أما غير هذا الطريق فسيؤدي إلى مزيد من الصراعات وعدم الاستقرار.
وبانتقال الحرب إلى الممر الدولي باب المندب أعطى لها منحى دوليًا وإقليميًا خطيرًا، منح أساطيل العالم بالتواجد لإدارة صراعاتهم على بحارنا وممراتنا البحرية وشواطئنا، وهذه أحد تداعيات إطالة أمد الحرب والفشل في إدارتها وتحويل بوصلتها وطمس جوهر أزمة اليمن الأساسية، والتي تكمن بين جنوب وشمال بفشل الوحدة العشوائية التي تمت في عام 90م.
يبدو أن العالم والإقليم تعب من أزمات اليمن وغير مستعد لتحمل تبعاتها، وأصبح الوضع لا يطاق، لذا قرر اللاعبون الإقليميون والدوليون تمرير صفقة التسوية، ليخلصوا من هم اليمن ويتركونه في دوامة صراع مستمر. أصبحت قضية الجنوب في قلب التشابك الإقليمي والدولي، أضيف إليها التعقيدات الداخلية اليمنية، فالدخول بالتسوية تعتبر من أخطر المعارك السياسية، وتتطلب التسلح بالوعي والثبات وفهم التشابك والتعقيدات المحلية والإقليمية والدولية، التي لها الأثر الأكبر على مسار التسوية.
طريق التسوية محفوف بالمخاطر الكبيرة، فتجارب الجنوب في مجال التسويات الكبيرة كانت مؤلمة، أدت إلى كوارث للجنوب، فمنها مثلًا:
أولًا: دخل الجنوب في الوحدة السياسية مع الشمال بعواطفه الجياشة، ودون أن يكون متسلحًا بالوحدة الوطنية الجنوبية، وكان متعجلًا وعشوائيًا اعتمد على الثقة بالآخر، دون أن يحصل على ضمانات بعدم نكوص الشريك، وكانت النتائج مأساوية.
ثانيًا: المشاركة بالحوار التي نظم تحت إشراف إقليمي ودولي، لم يستفد من تجربة الوحدة فكرر الخطأ، ودخل دون التسلح بالوحدة الوطنية الجنوبية المتمثل بالحراك السلمي الذي قدم التضحيات، وبالتالي دون ضمانات مكتوبة بل لمجرد وعود شفوية من قبل رعاة المؤتمر، وعندما قرر الفصيل الذي دخل الحوار الانسحاب انسلخ عدد من أعضائه المشاركين الجنوبيين، وقرروا البقاء في الحوار، وتم استغلالهم كممثلين للحراك الجنوبي، وبالتالي كانت قضية الجنوب في مهب الريح، لأن من بقي في الحوار تم شراؤهم وأصبحوا يسيرون في ركاب الشرعية، وعند الانقلاب على الشرعية بصنعاء تحول بعض منهم مع الانقلابيين كممثلين للجنوب زورًا، واستخدموا كما استخدمت الشرعية الجزء الآخر.
لذا من سيفكر بالدخول بالتسوية السياسية الآن دون وحدة وطنية جنوبية ودون ضمانات مكتوبة، أو على الأقل تمكين الانتقالي من إدارة الجنوب قبل التسوية، فإنه يكرر أخطاء من سبقوه وسيكون مصير الجنوب في خطر، وسيتكرر صنع البدائل كممثلين للجنوب ليسيروا في فلك رعاة التسوية.
ماذا لو امتلك الجنوب خارطة طريق أخرى عبر التمثيل الشعبي كتعبير عن إرادة شعب الجنوب بفرض الأمر الواقع، فمن حق شعب الجنوب أن يقرر ما يريد دون الاستئذان من أحد، ويعتبر ذلك الطريق الآمن، خاصة وقد ظهر تشدد من قبل الانقلابيين في صنعاء، بفرض رؤيتهم للحل على الأرض، وظهر أيضًا استكانة الشرعية لهذا الحل، وممارسة التحكم في مصير وإرادة شعب الجنوب بشكل فظ، فهذا الطريق هو كالتالي:
أن تتم السيطرة على الأرض عبر الآلية التالية:
بناء الدولة الجنوبية من الأدنى إلى الأعلى أي البدء بالتجهيز لعملية سياسة ديموقراطية وتوافقية في كل مديريات الجنوب، لانتخاب مجالس تمثيل شرعية لإدارة المديريات في كافة مناحي الحياة، وطبعًا سيتم استيعاب من هو موجود حاليًا، شرط تنفيذ توجهات المجلس المنتخب وأن تعذر ذلك يتم استبدالهم.
الخطوة التالية ما جرى في المديريات يسري على مجالس المحافظات يتشكل مجلس منتخب أو توافقي لإدارة شؤون المحافظة.
أما الخطوة الثالثة يتم انتخاب ممثلين من خلال تلك المجالس أو انتخاب مباشر للمجلس الأعلى أو أي تسمية الجمعية الوطنية، مقره العاصمة عدن، بمثابة مجلس نواب تشريعي يدير نشاط دولة الجنوب، ويشرف على الإدارات التنفيذية بما فيها تشكيل حكومة مصغرة.
كل هذه الترتيبات تتم عبر هيئات المجلس الانتقالي وبمشاركة القوى الجنوبية الأخرى الملتزمة بهدف استعادة الدولة الجنوبية، ويمثل ذلك أوتوماتيكيًا بتوسيع المشاركة الشعبية، ويتحول من يريد من أنصار المجلس الحاليين المعينين إلى تلك المجالس في كل المستويات المديريات والمحافظات، والجمعية الوطنية، بحيث أن لا يتكرر الشخص في أكثر من موقع ومنصب، وهذا الطريق الآمن والإسراع في السير فيه حفظ حق الجنوب في إدارة نفسه قبل أن يتم فرض تسوية من الإقليم والعالم، قد لا تناسب تطلعات شعب الجنوب.
وهذا الطريق الآمن لا تستطيع أي قوة في العالم الوقوف ضدها مهما كانت قوته، لأنه سيصطدم بإرادة شعب الجنوب، وهذا الطريق قانوني وشرعي، وإن تم ذلك بعدها فليكن هناك حوار في أي تسوية، لأن من يمثل الجنوب سيكون شرعيًا ومنتخبًا، ويسحب البساط على من يقدمون أنفسهم ممثلين مزيفين لإرادة شعب الجنوب الحر، وسينطلق ممثلو الجنوب من أرضية ثابتة وصلبة يستند إلى شعب الجنوب والذي أصبح يدير أموره بنفسه.
الصراع الأساسي هو صراع بين الجنوب والشمال، ولا يجب حرف مسار الصراع او تزوير لجوهره الحقيقي، فإن أراد الإقليم والعالم تحقيق تسوية حقيقية، فهذا هو الطريق الآمن الذي يخدم أمن واستقرار المنطقة، إنه طريق إعادة الاعتبار للتاريخ والجغرافيا، أما غير هذا الطريق فسيؤدي إلى مزيد من الصراعات وعدم الاستقرار.