لم أكن أتصور أن يأتي يوم من الأيام وأكتب مثل هكذا موضوع والسبب في ذلك رجل اشتعل رأسه شيبًا في العقد الخامس من العمر كان جالسًا بجواري في إحدى مقاهي عدن العتيقة وقد بادرني الحديث وكان صوته والعبرة بلغت حنجرته لقد ناضلنا وجابهنا آلة القمع في نظام عفاش وافترشنا الساحات؛ الهاشمي والمنصورة وساحة العروض وكل ذلك لاستعادة دولة الجنوب هكذا كان حلمنا.
وأصبحنا اليوم نناضل من أجل لقمة العيش، وتوقف عن الكلام ورأيت الدمع تنزل من عينيه ويقول أصبح نضالنا كيف نؤمن قوت يومنا لأولادنا وانهار في البكاء وصرخ وقال: (أصبح حلم الجنوبي كيلو طماط)، لم نعد نحلم بالوطن فالجوع أهان كرامتنا أصبحنا نعيش على وجبة واحدة، أولادي لم يروا الأسماك ولا والدجاج ولا اللحوم منذ زمن، أصبحنا نناضل من أجل البقاء.
لم نعد نحلم بالوطن أصبحت أكبر أمانينا هي كيف استعادة توفير الثلاث الوجبات اليومية بعد أن أصبحت وجبة واحدة. تصور أصبح حلم الجنوبي إبقاء أولاده على قيد الحياة.
وفجأة وقف المناضل الجنوبي وصرخ بوجهي قائلا: (اللعنة على الجوع، اللعنة على الجبايات، اللعنة على التلاعب بالعملة، اللعنة على الغلاء الفاحش، اللعنة على كل من أذلنا وأهان كرامتنا وأوصلنا إلى ما نحن فيه، وتركني المناضل الجنوبي ومضى في سبيل حاله.
حقا إنها مأساة بكل المقاييس، حيث أصبحت العاصمة عدن مركزًا رسميًّا للجبايات والتلاعب بالعملة والخاسر الأكبر هو المواطن المغلوب على أمره، لقد أصبحت الجبايات والتلاعب بالعملة عبئًا ثقيلًا على السواد الأعظم في المناطق المحررة.
من ينصف العاصمة عدن من ظلم الجبايات فالتاجر لا يهمه الجبايات التي تأخذ منه لأنه يعكس مبالغها على السلعة التي تؤثر على السواد الأعظم من المواطنين، من ينصف العاصمة عدن من المتلاعبين بالعملة.
نصيحة أخيرة لكل المسؤولين النافذين في العاصمة عدن اتقوا الله في المواطن المغلوب على أمره (كلنا جنائز مؤجلة).
رحم الله عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" قوله عن المظلوم: دموع المظلومين هي في أعينهم مجرد ماء، ولكنها عند الله صواعق يضرب بها الظالم.