الأستاذ أحمد عبده حمزة:صاحب مواصفات نادرة وتاريخ حافل بالمآثرينقصه السكن

> نجيب محمد يابلي

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
الأستاذ أحمد عبده حمزة من مواليد نوفمبر 1925م، في أسرة استوطنت عدن على مدى ستة أجيال، وبلغت أسرة «حمزة» حداً من الشهرة أن أطلق اسم أسرة «حمزة» على مدينة التواهي، وهي موئل ولادة أستاذنا أحمد عبده حمزة وفيها تلقى مرحلة تعليمه الابتدائي.

تلقى الأستاذ أحمد تعليمه الثانوي في مدرسة الإقامة RESIDENCY SCHOOL (مدرسة السيلة الابتدائية لاحقاً والمتحف الحربي حالياً) بكريتر وحصل على شهادة السينير كيمبردج SENIOR CAMBRIDGE المعادلة للثانوية العامة.


من قاهرة المعز إلى جامعة كراتشي
خلال الفترة من عام 1944م حتى عام 1948م، تلقى الأستاذ أحمد عبده حمزة تعليمه الثانوي في قاهرة المعز، العاصمة المصرية خلال عهدالملك فاروق، ملك مصروالسودان، حيث تلقى تعليمه الثانوي على النظام القديم (الثقافة العامة) ثم التوجيهية أدبي (فلسفة).

بعد عودته من مصر، عمل الأستاذ أحمد عبده حمزة مدرساً في مدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية بكريتر عام 1949م، ثم عمل مديراً للمدرسة الأهلية بالتواهي خلال الفترة من عام 1949م حتى عام 1954م.

شد الأستاذ أحمد الرحال إلى باكستان عام 1954م والتحق هناك بكلية الآداب بجامعة كراتشي لدراسة العلوم السياسية والإدارية والأدب الأنجليزي وحصل على درجة البكلاريوس عام 1959م.


في إذاعة باكستان والسفارة السعودية
أثناء بقائه في باكستان عمل الأستاذ أحمد محرراً للأخبار باللغة الإنجليزية بإذاعة باكستان خلال الفترة 1955م-1956م ثم مترجماً للسفارة السعودية بكراتشي ومحرراًَ لنشرتها الشهرية باللغة الإنجليزية خلال الفترة 1957 - 1958م.


حمزة في رحاب لوك توماس ووكالة شهاب والمدرسة الأهلية
عمل الأستاذ أحمد عبده حمزة بعد عودته من باكستان مساعداً لرئيس قسم بشركة لوك توماس التجارية بكريتر (عدن) خلال الفترة 1960 -1961م، ثم رئيس قسم بوكالة شهاب للتأمين والتجارة بكريتر خلال الفترة 1961 -1962م وعاد سيرته الأولى في المدرسة الأهلية بالتواهي مديراً لها خلال الفترة 1962 -1966م.


حمزة رجل المهمات الصعبة في وزارة المالية
عين الأستاذ أحمد عبده حمزة، وكيلاً مساعداً بوزارة المالية بعدن عام 1966م، وشغل مراكز مختلفة بهذه الصفة كوكيل لتطوير ولاية عدن ثم كوكيل نفقات معار للحكومة الاتحادية ثم وكيل للشؤون الإدارية والمالية بالوزارة بعد دمج وزارتي المالية تمهيداً للاستقلال، ثم عمل وكيلاً للإيرادات وفقاً لنظام التدريب والتنقلات آنذاك.

للأستاذ أحمد عبده حمزة بصمات بارزة حيث عمل مع زملاء آخرين في بناء وزارة المالية للدولة المستقلة في 30 نوفمبر 1967م من حيث النظام المالي والإداري، ولعب دوراً رئيسياًَ في تعريب الجهاز الإداري للحكومة ودمج ميزانيات الولايات السابقة للجنوب في ميزانية موحدة ومراقبة تنفيذها، وهناك مآثر أخرى للأستاذ أحمد عبده حمزة لا يتسع المجال لذكرها.


عبدالفتاح إسماعيل يأسف لمغادرة حمزة
عرضت على الأستاذ حمزة منحة من الحكومة الفرنسية للدراسة العليا في فرنسا لنيل درجة الدكتوراه، وعوتب الفقيد محمود عشيش نائب رئيس الوزراء ووزير المالية آنذاك على حجب تلك الفرصة وبرر اعتراضه بأنه لا يستطيع الاستغناء عنه.

حضر الفقيد عبدالفتاح إسماعيل الأمين العام للحزب اختتام إحدى الدورات التدريبية عام 1973م وسأل عن الأستاذ حمزة فقيل له إنه غادر إلى الشمال واستقر في الحديدة،فأبدى أسفه وقال: «وهكذا نخسر أكفأ كوادرنا الإدارية لأننا لا ننصفهم لعدم انتمائهم لحزبنا».


الأستاذ حمزة في الحديدة وصنعاء
شد الأستاذ أحمد عبده حمزة الرحال إلى الشمال حيث عمل في الحديدة مديراً لقسم التأمين بشركة الحديدة للملاحة والنقل خلال الفترة 1973 - 1974م، ثم عمل مستشاراً للشؤون اليمنية ومترجماً بالسفارة البريطانية بصنعاء خلال الفترة 1974 - 1976م، ثم عمل مستشاراً للشؤون اليمنية ومترجماً للسفارة اليابانية عام 1977م. ثم مديراً إدارياً لمكتب شركة وليام هالكرو الاستشارية بصنعاء عام 1978م

وخلال الفترة من 1974- 1978م عمل الأستاذ حمزة محرراً صحفياً في الفترة المسائية بمكتب الفقيد الأستاذ حسين الصافي بصنعاء الذي كان وكيلاً للإذاعة والتلفزيون الإيراني ووكالة بارس ووكالة رويتر ووكالة مسقط بترشيح من الرئيس إبراهيم الحمدي.


الأستاذ حمزة في دولة الإمارات العربية المتحدة
أنهى الأستاذ أحمدعبده حمزة أعماله في صنعاء وغادر إلى أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة في نوفمبر 1978م، حيث عمل مترجماً قانونياً في شركة محاماة حتى سبتمبر 1979م وعمل خلال الفترة سبتمبر 1979م - مارس 1990م مديراً للترجمة والوكالات التجارية بغرفة تجارة وصناعة أبوظبي ومحرراً بمجلتها الاقتصادية ومشرفاً على القسم الإنجليزي بالمجلة.

أثناء إقامته في دولة الإمارات تلقى الأستاذ حمزة دورة تدريبية للكوادرالقيادية بمركز التنمية التجارية والصناعية في أبوظبي عام 1989م، وهي الثالثة في سلسلة الدورات التدريبية للكوادر القيادية التي تلقاها الأستاذ حمزة.


الأستاذ حمزة في دائرة النشاط الاجتماعي والتربوي والسياسي
دخل الأستاذ أحمد عبده حمزة التاريخ من أوسع أبوابه وفي أنصع صفحاته باعتباره رقماً يشار إليه بالبنان في عالم التربية والسياسة والصحافة والأدب.

أسس الأستاذ حمزة مع أربعة من أقاربه وأصدقائه «لجنة التعليم الأهلية» بعدن في يناير 1949م، حيث أسست اللجنة المذكورة «المدرسة الأهلية» بالتواهي في 1 مارس 1949م، والتي استوعبت الطلاب الذين لم تستوعبهم المدارس الحكومية لعدة أسباب.

إضافة لتبوئه منصب السكرتير الفخري للجنة التعليم الأهلية، أسندت إليه مهمة إدارة المدرسة الأهلية. ولم ينتظر إكمال المبنى المخصص للمدرسة فتحمل مسؤولية إدارة المدرسة في مبنى مؤقت، فتح فيها القسمين الابتدائي والمتوسط واستحدث بناية إضافية عام 1963م للتعليم الثانوي وقسماً مسائياً للذين تجاوزوا سن الدراسة عام 1964م.


الأستاذ حمزة أحد مؤسسي «الرابطة»
كان الأستاذ أحمد عبده حمزة أحد أربعة شكلوا اللجنة التحضيرية لتأسيس «حزب رابطة أبناء الجنوب» في الجامع الأزهر بالقاهرة عام 1947م، وانتقلت الدعوة لإقامة هذا الحزب إلى عدن عام 1948م، وانضوى تحت راية هذه الفكرة محمد علي الجفري وسالم الصافي وأحمد عبده حمزة ورشيد حريري.

وفي أبريل 1951م، تقدمت كوكبة من الشبان اللامعين بترخيص لإنشاء تنظيمهم «رابطة أبناء الجنوب» استناداً لقانون الأندية والجمعيات، ورموز تلك الكوكبة هم: محمد علي الجفري، سالم الصافي، أحمد عبده حمزة، رشيد حريري، علي غانم كليب، مصطفى عبدالكريم بازرعة، شيخان الحبشي، حسين عبدالله الحبشي، عبدالله صالح المحضار، فيصل علي الفقيه وطه خليل.

لم ينقطع تواصل الأستاذ حمزة مع حزبه في كل المنعطفات والمراحل بدءاً من مرحلة دراسته في باكستان أوفي المحافظات الشمالية أو في دولة الأمارات العربية حتى تحققت الوحدة اليمنية. انضم الاستاذ حمزة إلى القيادة الجديدة لحزب الرابطة وانتخب في المؤتمر الحزبي العام الثاني الذي انعقد في صنعاء خلال الفترة 11- 14 فبراير 1992م عضواً في الهيئة المركزية واللجنة التنفيذية حيث شغل منصب مساعد رئيس الحزب للشؤون البرلمانية ومنصب مساعد الأمين العام للشؤون الإدارية وأشرف على سكرتارية الهيئة المركزية للحزب.


الأستاذ حمزة في نادي الإصلاح العربي بالتواهي
نادي الإصلاح العربي بالتواهي، الذي أسس في أواخر عام 1929م يعتبر واحداً من مراكز التنوير في عدن التي حملت على كاهلها رسالة المجتمع بكل تفاصيلها، وسيسجل التاريخ شهادته بأن الأستاذ أحمد عبده حمزة أحد رجالات ذلك النادي الذي شغل فيه عدة مناصب إدارية ومنها منصب سكرتير النادي ونائب الرئيس خلال الفترة 1948 -1967م، وهي الفترة التي تعاقب على رئاسة النادي رموز متميزة وهم: عبدالرحمن جرجرة ومحمد علي باشراحيل ومحمد علي الأسودي ومحمد عبده غانم.


الأستاذ حمزة مع الشهيدين محي الدين العنسي وأحمد الحورش
كتب الأستاذ حمزة عدة مقالات باسم مستعار في صحيفة «الصداقة» التي كانت تصدر في القاهرة مع الشخصيتين الوطنيتين المعروفتين الشهيدين محي الدين العنسي وأحمد الحورش.

وعلى تلك الخلفية تواصلت كتابات الأستاذ حمزة في صحيفة «النهضة» لصاحبها عبدالرحمن جرجرة وكان سكرتيراً لتحريرها ، ثم في «الرأي العام» و«الحق» الرابطيتين ورأس تحريرهما عبداللطيف كتبي، وامتدت كتابات الأستاذ حمزة خلال الفترة 1949-1967م تحت أسماء صريحة ومستعارة.


الأستاذ حمزة والأستاذ عبدالله فاضل و«الحاضر الغائب»
الأستاذ أحمد عبده حمزة مبدع في كتابة الشعر والمسرحية والقصة القصيرة، ومن إبداعاته مسرحية «الحاضر والغائب» التي كتبها عام 1964م وهي مسرحية سياسية رمزية فازت بالجائزة الأولى لوزارة الإعلام ووصفها الأستاذ عبدالله فاضل فارع بالقول: «الآن نستطيع القول إن لدينا أملاً في أن يكون لنا كاتب مسرحي بالمعيار المتعارف عليه عالمياً».

كما فاز الأستاذ حمزة بالجائزة الأولى للقصة القصيرة عام 1965م وقد نشرت له عدة قصص في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي في الصحف المحلية، وله عدد آخر من القصص التي لم تنشر.

أما في مجال الشعر فللأستاذ حمزة قصائد نشرت تحت أسماء مستعارة في عدد من الصحف، وقال الأستاذ حمزة عن نفسه : «الشعر شيء كبير ولا أحب أن أنتسب إلى الشعراء» إلا أن الأستاذ محمد مرشد ناجي سبق وأن قال لي: «الأستاذ حمزة شاعر ويعجبني شعره الخفيف الساخر». وعرض عليّ الأستاذ المرشدي قصيدة بخط يد الأستاذ حمزة حملت في ثناياها البساطة والسخرية وخفة الدم.


من صاحب عقارات إلى مستأجر
الأستاذ أحمد عبده حمزة ينتمي لأسرة «حمزة» التي استوطنت مدينة التواهي الجميلة وانعكست عراقة تلك الأسرة على تسمية أحد شوارع مدينة التواهي وهو«شارع حمزة»، وهي أسرة ميسورة الحال ملكت عدداً من العقارات، وكم يحز في النفس أن رجلاً بقامة الأستاذ أحمد عبده حمزة يجد نفسه وهو في خريف عمره بدون مأوى وهو يعيش حالياً بالإيجار، وقد قال لي: «تصور أن بيتي وبيوت أجدادي قد صودرت، أنا ابن هذه المدينة الطيبة عدن ولا بيت لي مع أن آخرين ملكوا ويملكون منازل وفللا وقصوراً وأنا محروم».

الأستاذ أحمد عبده حمزة أرمل وله بنت واحدة وهي جامعية وتعمل اختصاصية للأمراض النفسية بوزارة الصحة بدولة الإمارات العربية المتحدة.

هذا هو الإنسان .. وهذا هو الوطن .. وتلك هي حكمة الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى