لماذا يا أحمد؟

> سلوى صنعاني

>
سلوى صنعاني
سلوى صنعاني
هفت نفسي إلى البحر ذات يوم .. قادتني قدماي إليه.. أعشق البحر لأنه جميل وصديق بإمكانك أن تخلع عباءة الكآبة والألم وترميها إليه بكل ثقلها.. يمتص حزنك ولا يبوح بأسرارك.. رؤيته على مداه الأرزق تفرج الأسارير وتشفي النفس من أدرانها.

أول ما ارتطمت به هو السياج الاسمنتي المطلق عليه «الكورنيش» في محاولتي اختراقه وتعدّيه لأصل إلى الشاطئ .. اعترضني أحمد وكان يتفقد أعشاشه المصنوعة من أعواد الأشجار مما أضفى جمالاً على المكان ولكنه جمال مخدوش .. نهرني أحمد بألا أقف إلا إذا كنت مستعدة لدفع نقود.. أخبرته أنني سأنزل عبر الدرجات الاسمنتية إلى الشاطئ .. فدخول الأعشاش ممنوع رغم قذارة فرشها المغبر المملوء بأوراق وأغصان القات .. وبعض فضلات المخزنين. كانت الساعة تقارب الثانية بعد الظهر، والبحر في قمة جماله والنهار في عز شبابه.. عند آخر درجة تفاجأت بوجود «قذارة لا توصف» تمنعني من تجاوز الموقع لأصل إلى الشاطئ .

هناك من يقضون حاجاتهم على صدر ذلك الشاطئ الساحر لتمتزج نسائمه العليلة بتلك المبعوثة من «الفضلات الانسانية». عدت أدراجي مسرعة، ويبدو أن العودة إلى الحاجز الاسمنتي لا بد منها .. لجأت للأخ أحمد «هل تسمح لي بقضاء ساعة واحدة فقط وربما أقل في أحد هذه «الأعشاش». أجابني بصراحة: «الجلسة هنا بفلوس». اردفت إجابته بسؤال «وكم تريد لقاء ساعة أو أقل؟»رد: «ستمائة ريال» .. دهشت وتساءلت في نفسي «هل هذه العشة» نزل خمس نجوم؟ داهمني صوته الأجش «ما معك واقفة، تدفعي الستمائة أو تغادري المكان». سألته بفضولي الصحفي والإنساني «من أي منطقة أنت يا أحمد؟» أجاب دون اكتراث: «من إب». ضحكت وسألته: «يا أحمد جئت من إب وقطعت مئات الأميال لتقطع الصلة بيني وبين البحر الذي يحتفظ إلى الآن بملامح خطاي الطفولية؟». أجاب «أنا مستثمر ولم أتعد على حقوق أحد لتدفعي أو غادري».. لم أجد سبيلاً سوى العودة إلى البيت معاتبة أحمد في نفسي .. لماذا يا أحمد؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى