القصر والمنتزه

> عمر محمد بن حليس

> أتذكر أنني في عام 87م من القرن الفائت كتبت في صحيفة «الحارس» عن (القصر وموقع المنتزه)، فقلت حينها عندما رأيت بعضاً من جدران السور الخلفي (للقصر) تتآكل وتسقط حجارتها.. قلت إننا بحاجة ماسة إلى الحفاظ على آثارنا ومعالمنا في العمارة وفنونها، لأن منظر (القصر) وشكل بنائه يعتبر تحفة تبعث على الارتياح. وطالبت يومها بضرورة وسرعة أن يعاد بناء وترميم السور قبل أن يسقط بالكامل فنجد أنفسنا نتحسر ونندم على ما فات لأننا لم نعمل بالنصح.

وفيما يتعلق بموقع المنتزه، فقد كان وقتئذ عبارة عن بحيرة مائية راكدة بمنظر يبعث على الشفقة، لعدم التفكير بكيفية الاستفادة منها لا شكلاً ولا مضموناً.

< واليوم أجد نفسي أكتب ، لكن عبر هذه الصحيفة العزيزة «الأيام» وبشكل آخر، عن القصر والمنتزه.

< فأما «القصر» فهو قصر البراق، قصر العبدلي سلطان لحج الذي يشد إليه النظر لفنه المعماري المتداخل، والموجود في قلب عدن .. عدن المدينة الرائعة التي تمد زوارها بالحب والدفء والحنان. وما جعلني أعيد الكتابة وحز في نفسي أنني قرأت في خبر قصير وخطير على ظهر هذه الصحيفة «الأيام» قبل فترة ليست بعيدة، والخبر المصور قال إن مجموعة مسلحة تكسر سور قصر العبدلي في كريتر! فكان الخبر كالصاعقة التي هزت الوجدان، لأن ذلك العمل يعتبر اعتداء على أحد المعالم الأثرية في قلب المدينة، وأعتقد أنه إذا تم السكوت عليه فإننا لا محالة سنرى عجباً أكثر مما رأينا.. ولربما نقوم ذات صباح لنرى أنقاضاً لمبنى كان منتصباً شامخاً.. ليقوم محله فندق بحكم المساحة والموقع المتميز الذي يغازل البحر وقلعة صيرة.. وأقول ذلك.. لأنه لولا السكوت الذي أقصده لما تحول باب سجن عدن القديم في الوحدة السكنية في كريتر إلى ما نراه اليوم من مبنى عليه لافتات (للتنجيد والستائر والكوافير)!

لذا فإنني أتعجب أشد العجب من قوم لا يأبهون بما يعتمل بتراثهم ولا بمن يعبث بجزء من ثقافتهم وأمور حياتهم.

لكنني على ثقة من أن الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، الذي قال عن (عدن) إنها جوهرة، سيوجه - وربما قد فعل ذلك - بمحاسبة من اقترف ذلك العمل، لتظل عدن كما وصفها فخامته (الجوهرة).

أما فيما يتعلق بـ (المنتزه) الكائن أمام جبل حديد فبجهود المخلصين في المحافظة وفي مقدمتهم (المحافظ المثالي) د. يحيى الشعيبي فإنني أتوجه بالشكر لله سبحانه وتعالى أن أرى كغيري هذا المكان بلوحته الجمالية البديعة الرائعة، وهو طبعاً أحد الشواهد على (العقول) التي (تفكر وتخطط) والأيادي التي تعمل لتخرج لنا مدينتنا (عدن) بثوب طيب الملمس.. زاهي الحلل، وهذا المكان (المنتزه) يضاف إلى الأماكن الكثيرة والجميلة التي تسر الناظر وتجلب السلى للقلب والخاطر.

فمن كل قلبي وعبر هذه الصحيفة العزيزة أقول طوبى لتلك العقول التي فكرت وخططت، والسواعد الفتية التي تحفر وتزين الأرض بلوحات خضراء أزاحت غبار السنين، لأن (عدن) تمتلك من الجمال من نقاوة بحرها.. وسحر شواطئها.. وبساطة أهلها.. ما جعلها فاتنة، يتيّم بحبها ويهيم بعشقها كل من زارها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى