بدلاً من اللعب بالنار!

> أحمد عمر بن فريد

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
بكل أسف ويقين يمكنني أن أقول إنه لا أحزاب (اللقاء المشترك) ولا غيرها من أحزاب المعارضة الأخرى، لديها الإمكانيات الفعلية التي تمكنها عملياً من تحريك الشارع اليمني ، وإخراجه للتظاهر ضد الحكومة في أي مسألة أو قضية من القضايا، وذلك لعدد غير قليل من الأسباب التي يعود بعضها إلى قصور بيّن في أداء أحزاب المعارضة من جهة، والبعض الآخر منها يرجع بطبيعة الحال إلى الواقع السياسي اليمني، الذي يمنع بطريقة شبه واضحة أي شكل من أشكال التظاهرات في الشارع من جهة أخرى .. أولم يصل بنا الأمر حد سن التشريعات التي تجيز لقوات الأمن حق استخدام الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين شريطة أن تصيب برصاصها (مواضع غير قاتلة) من أجساد المواطنين المتظاهرين في الشارع؟!.. أتمنى أن يهديني نائب برلماني قانوناً مشابهاً لقانوننا (العيب) هذا تم سنّه تحت قبة أي برلمان - حر أو غير حر- في العالم .. إنه سبق يمني ننفرد بصناعته.

والحال هكذا .. فإنه يمكن التأكيد، أن تلك المظاهرات التي شهدتها بعض المدن اليمنية مؤخراً كردة فعل طبيعية جداً تجاه قانون ضريبة المبيعات الجديد، كانت تظاهرات عفوية غير منظمة وغير مسيرة أو مدفوعة من أي جهة حزبية على حد زعم البعض من وزراء الحكومة، الذين زعموا في تصريحاتهم أن أحزاب اللقاء المشترك كانت هي المحرك وهي الدافع الرئيسي لها. ولأن تلك المظاهرات قد جسدت منظراً غير مألوف لحكومات استمرأت السكوت والسكون تجاه كل برامجها وأخطائها، وحتى خطاياها بحق الشعب المسكين، فقد وصفت تلك الظاهرة الحضارية المعبرة عن مشاعر ورأي شريحة واسعة من المواطنين، بأنها نوع من أنواع اللعب بالنار!

غريب هو الحال في بلادنا.. أن تعمد الحكومة إلى سن وتطبيق قوانين مجحفة وظالمة، وأن تبدأ في تنفيذ جرع اقتصادية مهلكة ومدمرة، تعلم هي قبل غيرها أنها تصيب الحياة المعيشية للمواطن اليمني البسيط في مقتل، ثم تطلب من هذا الشعب أن يستكين لكل هذه الإجراءت ويتجرع مرارتها ويتكبد معاناتها ويدفع ثمنها من دم قلبه بكل رحابة صدر وهدوء، وذلك حتى تصبغ عليه إذا ما فعل كل هذا لقب (المواطن الصالح)، أما إذا ما فكر مجرد التفكير في الرفض والدفاع عن كرامته المرتبطة بلقمة العيش الشريفة وخرج إلى الشارع معبراً عن موقفه هذا بكل هدوء وسكينة وتحضر كبقية شعوب الأرض الأخرى .. قيل عنه إنه أداة مغرر بها من قبل قيادات أحزاب المعارضة، وطلب منه التوقف الفوري عما سمي مؤخراً (اللعب بالنار)! وكانما أحزاب المعارضة وقياداتها شريحة سياسية معجونة بمياه الشياطين التي تكيد الدسائس لهذا الوطن ومستقبله، بينما هي توليفة سياسية يمنية ولدت وعاشت على تراب اليمن وتتنفس هواءه أيضاً .. حمداً لله أننا لم نسمع حتى الآن من يتهم أحداً من الذين تظاهروا بأنهم كانوا مدفوعين من قبل الصهيونية العالمية.

أتمنى في الحقيقة، أن ترى الحكومة في تلك المظاهرات التي حدثت، مقياساً يستحق التفكير والأخذ بالاعتبار، قبل أن تقدم عملياً على تنفيذ (الطامة الكبرى) التي ستعم بمصيبتها جميع أبناء الوطن.. وليعلم الأخوة الوزراء أن الحالة المعيشية للمواطن لم تعد تحتمل أكثر مما هي عليه حالياً، وليعلموا أن أية إضافة جديدة ستشكل بكل تأكيد كسراً مفصلياً لا يمكن جبره ولا تصليحه. وإن حدثني أحد الأخوة الوزراء عن كم الضغوط القائمة من قبل البنك الدولي وبقية الالتزامات والإجراءات التي تم التعهد بتنفيذها، فيمكن الرد عليه بالقول إنه كان المفترض أن نصل إلى هذه المرحلة.

وقد شهدت حياة المواطن تقدماً واضحاً على مستوى حياته المعيشية لا أن يحدث العكس! أولم يخبرنا صانع معجزة ماليزيا مهاتير محمد بما يتطابق مع هذا المنطق؟ وفي حال أن تكون الحكومات اليمنية قد فشلت في تنفيذ برامجها الإصلاحية التي حدثتنا عنها كثيراً لأسباب خارجة عن إرادتها، فلا يجب أن يتحمل الوطن والمواطن عبء هذه الأخطاء والممارسات، وإلا فلتعترف (السلطة) لمرة واحدة بكل شجاعة وحس وطني بأننا والوطن في مأزق، ولتدعو الجميع للمشاركة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، أوليس هذا أفضل بكثير من المكابرة وذرائع اللعب بالنار؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى