> د. سمير عبدالرحمن الشميري

لم يدر بخلدي أن مشاهدتي للقاضي الفاضل أحمد عراسي، يوم الأربعاء الموافق 23/3/2005م، وهو يصعد سلالم كلية التربية - عدن، ستكون آخر مرة تكتحل برؤيته عيني. إني أعتز بمعرفة هذا الرجل الذي يسكب مشاعره وأحاسيسه الحارة في أفئدة الطيبين، ويوازن ما بين العقل والوجدان.

ففي ذات ليلة رمضانية مشعة الأضواء، سعدت بمعرفة العزيز الفاضل أحمد عبدالله العراسي بمعية الأستاذ نجيب يابلي، الذي يعود له الفضل في تعريفي بهذا الرجل ورفقاء طفولته وجلاسه ومحبيه، ولم أشعر قط بغربة عندما قابلته وزمُله في شقته المتواضعة بالوحدة السكنية (المنصورة)، فتوثقت العلائق وتعانقت الأرواح.

والفضل موصول لمنتدى «الأيام» بحراكه ومناشطه اللامعة، الذي أصبح نقطة جذب قوية لكثرة كاثرة من الناس، حيث يقود سفينة هذا المنتدى العزيزان الفاضلان هشام وتمام محمد علي باشراحيل بالحلم والهيبة والوقار، فكثير ما التقيت به في هذا المنتدى وتبادلت معه أطراف الحديث، وفي غير مرة استمتعت بوده وحبه للسخرية الخفيفة.. حيث كان وقوراً في التواضع، يجيد لغة الصمت، وبصمته يقول ما تعجز عنه الألسن، فالقاضي أحمد عراسي عميق بنظراته وشديد الفراسة والتأمل وشغوف بمشاركة الناس حياتياً ووجدانياً، ويجيد إيقاد سراج المحبة في القلوب.

إني أشعر بجراح ناغرة في سويداء قلبي عندما أتذكره وهو يقف شامخاً بمعية حرمه بالقرب من قسمي التربية وعلم الاجتماع في كلية التربية - عدن، يتبادلان أطراف الحديث مع الأستاذ الأنيق عادل حبيشي، فاقتربت منه وحييته بحرارة ومحبة ووداد، تم انصرفت، وهذه آخر صورة مطبوعة في ذاكرتي منغمسة بالوجع وبدموع ساخنة تنهمر من العينين.

العزاء كل العزاء لعائلته الكريمة ولأشقائه محمود عبدالله عراسي وعبدالمجيد وفهمي، ولأصدقائه الأوفياء.

وداعاً أيها الطيب أحمد، وداعاً يا صديقي العطوف.

رحم الله أحمد عبدالله علي ثابت العراسي وأجزل مثوبته.. إنا لله وإنا إليه راجعون.