في لبنان .. لا مكان لهواة الحرائق والدمار

> نعمان الحكيم

>
نعمان الحكيم
نعمان الحكيم
« قد ذاب يا لبنان قلبي في النوى فمتى بعودٍ تسمح الأيام؟» هكذا تغنى الشاعر اللبناني : إلياس طعمة بوطنه، جراء الغربة والاغتراب.. وقد كان ذلك في زمن لم يكن فيه للحروب مكان أو مكانة، إلا في مخيلة الأدباء والكتاب الروائيين.. هكذا كان اللبناني، يغترب، ويتعشق وطنه وهو في الغربة، بعد معاناة ومقاساة لا أول لها ولا آخر، لكنها كانت الحياة التي جعلت من اللبنانيين سفراء لبلادهم، وكان اختلاطهم بشعوب أميركا الجنوبية والوسطى والشمالية وأوربا، عامل تعزيز لقدرتهم ومكانتهم التي أوصلتهم الى أن يكونوا الجزء الأوربي العربي في الشرق، من خلال اندماج العلاقات وانصهار بعض المعتقدات التي مكنت من النهوض بلبنان، حتى صار منبر علم وصناعة وحضارة وتقدم ورقي، وصار هذا البلد مطمع كل مرتادي التجارة والسياسة والثقافة والتطور والسمو.. وهو الذي دفع إلى تكالب لولوج هذا البلد الصغير مساحة والكبير حضارة وتأثيراً وتفرداً في الوطن العربي برمته من قبل الطماعين والطموحين .. الخ

لبنان .. الذي عاش فترات من الصراع والمقاومة .. انتصر بفضل شجاعة أبنائه الذين غلّبوا العقل على الفعل، وأوصلوه إلى مراتب عليا جعلت منه وطناً شامخاً مزدهراً، برغم ما اعتراه من اهتزازات كادت تطيح به، في بحر لجّي، ولكنه صمد وقاوم وبنى وعمر، ولم يكن إلا القطعة الغالية على الوطن العربي والمؤثرة فعلياً، كالقلب أو الدماغ في جسد الإنسان، كيف لا وهو السباق في حركة النقل والترجمة والتأليف والنشر، ومن خلاله انتشرت المعرفة وتوطدت مداميكها في امبراطوريات الطباعة والنشر، وصار لبنان أس الثقافة العربية والعالمية.. لهذا يحاولون زعزعته.. وصنع الفرقة بين أبنائه.

لبنان الذي انتزع استقلاله وبنى دولته وصار إلى ما صار إليه اليوم، لم تثنه النكبات فمنذ اغتيال «رينيه معوض فرشيد كرامي وبشير الجميل»، إلى اغتيال «رفيق الحريري» رجل البناء والتقدم الحضاري في لبنان والوطن العربي، والمؤامرات ما تزال على هذا البلد الجميل تتواصل، ولا ندري سبباً لهذه المؤامرات التي لا يوجد لها ما يبررها، إلا الحقد والكره للتقدم والازدهار والاستقرار، فلبنان الذي تغلب على جراحه ومداواتها شهد للحريري ببصمات ملموسة مكنته من أن يجعل هذا البلد قمة في النهوض والاستقرار والازدهار، فغدا بذلك منبرا للشعراء وقبلة للسياح، وملجأ للسياسيين والضعفاء، الذين أضعفتهم أنظمتهم الحاكمة، هكذا كان وما يزال لبنان مثار تقدير وإكبار كل أبناء الوطن العربي، ومايزال أيضاً مركز الرؤية لدينا، فكلما تعثر أو واجه مشاكل، تأذينا نحن في الوطن العربي عامة، وأنى لبلد أن يعيش بمثل ما هو لبنان العلم والثقافة والرقي والإنسانية برمتها.. أنى لبلد أن يصل لما وصل إليه لبنان من تعايش وحكم وسياسة واقتصاد وبناء وعمران فاق التصور حتى في الخيال.

لبنان اليوم يعيش بين حناياه التتار، هواة الحرائق والدمار.. فمن أين جاء هؤلاء التتار المغسولون بنار الحقد الدفين، وكيف وجدوا متنفساً لهم في أرض الحضارة، ومن أين أتت هذه الحقارة التي كشفت المدفون منذ أزمان بعيدة، ألم يحن الوقت لرص الصفوف ومواجهة الدسائس المحيطة بالمنطقة العربية والمهددة لكيانها ووحدتها وبقائها، ألم يحن الوقت -بعد اغتصاب أرض فلسطين المقدسة، واحتلال العراق المجيد أرض الحضارة وعاصمة الدولة الإسلامية -لمواجهة الأعداء بقوة الإيمان والوحدة العربية القويمة، لكي نحمي لبنان وسوريا وغيرهما من الأقطار العربية الغالية علينا جميعاً.

لبنان .. سينتصر .. ولكننا بحاجة إلى تفهم لأوضاعه وإسناده بكل ما أوتينا من قوة في هذا الزمن الصعب للغاية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى