أيام الأيام :خوفاً من ثورة البحر!

> أحمد محسن أحمد

> هذا عنوان لموضوع سابق كنت كتبته في هذه الصحيفة الشجاعة «الأيام» بعد الوحدة المباركة بسنوات عديدة، كنت أحاول أن أشرح في ذلك المقال آثار الهجوم الشرس على متنفسات البحر والمساحات المحاذية لمياه البحر المحيط بعدن الحبيبة. قلت إن التضييق والمضايقات المتكررة لأطراف البحر وإلغاء متنفساته المعروفة لسنين عمر المدينة إلى ما قبل هجمة الكابتن (هنس) واغتصابه للأرض اليمنية في عدن، قد يسبب كل ذلك شيئاً من الململة والضغط الذي يولد الانفجار أو (لا سمح الله) الثورة.. ثورة البحر! بعد نشر هذا المقال تباعدت الآراء والاجتهادات عند عامة الناس، وعند ذوى الاهتمام والاختصاص.

وهنا أنا لست بصدد استحسان عامة الناس لذلك المقال، ولكن الاهتمام كان منصباً فيما أحدثه المقال عند أصحاب الأمر والنهي، وربما صولجان السلطة، أهمهم كانوا جماعة الأمن السياسي. ولأنني هنا صادق وصريح فيما حدث.. ولأن معظمهم لا زال على قيد الحياة، وربنا يمد في أعمارهم وأعمار من كانوا على شاكلتهم وأمثالهم، ما داموا مستمرين بنظرتهم وسياستهم وأسلوبهم في العمل السياسي الأمني الذي هم عليه... بلطف .. منتهى اللطف. اتصل بي بعضهم .. وقالوا: نريد أن نجلس معك جلسة ودية .. جلسة قات! طبعاً أنا لا أرفض دعوة فيها حديث يدور حول ما أكتبه مهما كان مصدر هذه الدعوة، المهم الجماعة أثبتوا لي حقيقة واحدة لا جدال حولها، وهي أنهم بلطف وأسلوب سلس، طلبوا الجلوس وتبادل الآراء، لم يقدموا على ما كان عليه أصحابنا «أيام حكمنا الشمولي» عندما كان أسلوب التعامل يتم عبر (زوّار الفجر)! المهم ذهبت- ومعي قاتي- وفي ذلك الموقع الجميل المطل على رصيف مدينة التواهي الساحرة، وهو سكن أحد الضباط الذين أكن له كل الاحترام، فتح النقاش، وقالوا الكثير والكثير.. وأهم ما قالوه أنهم يعرفون كيف تقرأ المعاني وخفايا الكتابات، أي يقرأون ما وراء السطور. وبصورة أوضح، قالوا: نحن نعرف أن خوفك الخفي هو من ثورة الشعب وليس خوفك من ثورة البحر! والإجراءات التي تتم من قبل السلطة هي التي تشكل التضييق والمضايقة، وتشدد الخناق على الشعب ليخرج معبراً عن سخطه ورفضه القاطع لكل ما تصدره السلطة بحقه كشعب غلب على أمره! استطعت إثبات عدم صحة ما وصلوا إليه في استنتاجهم. ولأنهم احترموا ضيافتهم لي قبلوا تبريري، لكننا جميعاً -في حوارنا- ترحلنا من أرضية إلى أخرى، من قضية سياسية إلى أخرى اقتصادية، ولم نترك صغيرة ولا كبيرة إلا ووقفنا أمامها وأعطيناها حقها من الحوار، وما لفت نظري وشد انتباهي وجعلني (أهرش) رأسي أكثر من مرة لتحريك الدم المتجمد وأفتح مسام الذهن الذي أغلقته آراؤهم ونظرتهم إلى كل تلك القضايا الحساسة.. أنهم أوصلوني إلى نتيجة واحدة، وهي إيش قلت قياساً لما قالوه؟ يشكون أكثر من شكواي وينتقدون بأكثر صراحة مما أقوله وأسمعه من الناس في الشارع، كنا نعتقد أننا قد بلغنا الحد الأعلى في انتقاداتنا للسلطة ومكاشفتنا لها بحقائق الأمور الغائبة عنها. خرجت من ذلك اللقاء أضرب أخماسا في أسداس، يا ترى هل هذا صحيح؟ أم أن المسألة لا تعدو كونها التفافا ذكيا لتضييف الخناق حول قلمي التائه والمسكين الذي تقع عليه مسؤوليات كثيرة وكبيرة؟!

وفي نهاية المطاف.. تحقق لي الأمر، ماذا بقي لنا من أمرنا، حتى الشكوى صدروها، الشيء الوحيد الذي كان الشعب يمتلكه امتلاكاً كلياً، وهو الشكوى والبكاء، لم يعد ملك الشعب الغلبان، رجال السلطة هم أكثر من الشعب في الشكوى والبكاء، وربنا يستر!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى