رجال في ذاكرة التاريخ:1- هادي ناصر الأعوج: احترمه النصارى وأذلّه المسلمون..2- علي أحمد الهمامي: مشوار كفاحي مديد ومعاش شهري زهيد

> نجيب محمد يابلي

> هادي ناصر الأعوج: الميلاد والنشأة.........هادي ناصر هادي لعوج من مواليد 12 يوليو 1925م في قرية البريقة القديمة، التي كانت قائمة على ساحل البريقة (كود النمر حالياً)، ينتسب هادي الأعوج إلى بيت عبود هادي السباعي، من آل السباعي في «ديس الحامي» بحضرموت. نزح جدوده إلى قرية البريقة واشتغلوا في استخراج الحشأ من البحر، الذي كان يستخدم آنذاك بعد إحراقه «نورة» لأغراض بناء وطلاء المنازل.

اكتسب لقب «لعوج» لأن والده ناصر هادي كان يعاني قصوراً في إحدى ساقيه، وأحدث عنده عرجاً في مشيه، فلقب «لعوج» والتصق ذلك اللقب بالأسرة.

مع أعيان البريقة في معلامة الفقيه فنحوس

التحق هادي ناصر لعوج بكتاب (معلامة) الفقيه فنحوس بقرية البريقة لقراءة القرآن، وكان من زملائه في المعلامة: ناصر محمد الحاج، المرحوم قادري أحمد نيقة، هادي أحمد نيقة، صالح أحمد نيقة، ناصر الدنمي، سالم عبدالله قبيح، أحمد علي بيلول، أحمد سعيد بيلول، عبدالله أحمد فرج، سعيد أحمد فرج، عوض أحمد فريد، فرج حسن علي، سالم حسن علي وغيرهم. لم يواصل هادي الأعوج دراسته، وشمر عن ساعديه وهو في طراوة عوده وخاض غمار البحر على زوارق الصيد التابعة لوالده، الذي تولى مشيخة قرية البريقة في نهاية الأربعينات خلفاً للشيخ محمد الحاج العقربي، بعد نشوء خلاف بين الأخير والحكومة البريطانية حول تحصيل الضرائب والجمارك، ففرضت عليه السلطات البريطانية الإقامة الجبرية في بيت المطري في كريشة، فرسى اختيار عقال ومشايخ وأعيان البريقة أمثال المرحوم أحمد نيقة وشقيقه المرحوم عوض نيقة والمرحوم سالم بسم والمرحوم عمر سويد على الشيخ ناصر هادي لعوج شيخاً للبريقة.


هادي لعوج ومساعد والي عدن «هيكين بوتم»
عمل هادي ناصر لعوج مع هيكين بوتم، مساعد والي عدن في السفينة الشراعية التابعة له إلى جانب المرحوم محمد حيدرة وعاشق محمد جبيلي، كما رافق لعوج هيكين بوتم عام 1951م، وكان قد أصبح والياً لعدن GOVERNOR OF ADEN عند بدء عملية المسح في منطقة البريقة، فسأله: ماذا ستفعلون هنا؟ أجابة هيكين بوتم: سنبنى هنا مصافي جديدة للنفط، وستحدث تغييراً كبيراً في ا لمنطقة. وكان سائق سيارة الوالي آنذاك المرحوم ناصر الحماطي، والد الإعلامي المعروف أحمد ناصر الحماطي، وكيل وزارة الإعلام حالياً.


هادي لعوج يشهد عملية بناء مصافي عدن
شرعت شركة مصافي الزيت البريطانية (B.P.) ببناء مصافي عدن عام 1952م، وكان مشروعاً ضخماً .. لم تكن هناك مدينة وإنما قرية البريقة القديمة (OLD VILLAGE) القائمة على ساحل البريقة (كود النمر)، كانت الأرض كما وصفها هادي لعوج «بحر وصحراء». طلبت السلطات من سكان القرية القديمة الانتقال إلى الموقع المعروف حالياً بـ «الخيسة»، ونظمت عملية الانتقال اتفاقية حققت مكاسب طيبة للسكان منها إعطاء الأولوية لأبناء المنطقة في فرص العمل للالتحاق بالمصفاة وتوفير الخدمات الأساسية لمنطقة الخيسة، حيث نعمت المنطقة بخدمات المياه والكهرباء والصرف الصحي، والخدمات الصحية والتعليمية وغيرها من الخدمات.


هادي لعوج في أول الطريق
وقع اختيار شركة بكتل الأمريكية (التي رست عليها مناقصة إنشاء مصافي عدن، إلى جانب شركة وينبي) على هادي ناصر لعوج لتزويدها بالأسماك المختلفة عند بدء إنشاء المصافي عام 1952م، ووقع اختيارها على المرحوم علي إبراهيم نور لتزويدها باللحوم والخضار، استمرت خدمات هادي لعوج حتى تم الانتهاء من إنشاء المصافي عام 1954م.

كان هادي ناصر لعوج أول مقاول محلي تتعاقد معه شركة (B.P.) عند بدء تشغيل مصافي عدن عام 1954م، على تنفيذ عدد من الأعمال داخل المصفاة، إذ كانت سياسة شركة (B.P.) في مجال المقاولات قائمة على حصرها أولاً في أبناء المنطقة، فبرز على السطح مقاولون أمثال المرحوم مجعلي عوض والمرحوم هادي أحمد المعلم وهادي أحمد نيقة والمرحوم ناصر الحاج والمرحوم عبدالله أحمد فرج وغيرهم.


هادي لعوج .. الرائد في تموين السيارات بالبترول في البريقة
أبرم هادي لعوج اتفاقية في نهاية خمسينات القرن الماضي مع شركة (بي .بي.) لتشغيل محطة التموين بالبترول للسيارات، وكانت الوحيدة في البريقة، قامت الشركة ببناء المحطة واشترطت الاتفاقية قيام هادي لعوج بشراء المبنى التابع للمحطة، الذي شغلته ورشة الصيانة التابعة لشركة أخوان أثاناسATHANAS BROTHERS CO. وكلفته عملية الشراء (000.80) شلن، ويعتبر الرقم كبيراً بحسابات تلك الأيام.

قدم هادي الأعوج دعماً مادياًَ ومعنوياً للجبهة القومية وجبهة التحرير أثناء الكفاح المسلح، وكان يقدم دعمه سراً وعبر أشخاص معروفين لا يزال بعضهم على قيد الحياة. حدث موقف لهادي الأعوج بعد الأيام الأولى التي أعقبت يوم الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م، وذلك عندما حضر الشهيد علي عنتر إلى البريقة ومعه سيارات تراوح عددها من (15) إلى (30) سيارة، وبادر لعوج بتزويد كل تلك السيارات بالوقود مجاناً وفاضت مكرمته بإعطائهم مبلغاً من المال.


خابت آمال هادي الأعوج
مرت البلاد بمنعطفات عديدة، وظن هادي الأعوج أنها ستحمل معها تباشير الخير والأمل باستعادة حقوقه في محطة البترول الكائنة في البريقة، التي بنتها شركة (بي.بي) وليس شركة (شل)، لأن شركة (بي.بي) اشترطت عليه شراء الأرض والمبنى المجاور لها الذي كان يتبع شركة أخوان اثاناس، واللذين أصبحا ملكاً خاصاً لهادي الأعوج ومن حر ماله الذي شمل أيضاً (3) عمارات سكنية في البريقة، وحرم هادي الأعوج من كل ذلك، ولم يكتفوا بتنكيلهم به عند ذلك، بل وحاربوه في رزقه من الأعمال الخاصة في المصفاة.. هناك وعد من الأخ فتحي سالم، المدير التنفيذي للمصفاة بإنصافه، ويتعشم هادي لعوج خيراً في فتحي سالم مادام قد حمل معه الخير للبريقة، فهو كما ورد على لسان لعوج: «لقد أحدث فتحي سالم نقلة كبيرة في تطوير مديرية البريقة».

الوالد هادي لعوج متزوج وله ست بنات وستة أولاد هم: 1- فضل، مغترب في الإمارات. 2- ناصر، بدون عمل ويعمل مع والده. 3- ناجي، موظف في شركة مصافي عدن. 4- ميعاد، موظف في شركة مصافي عدن. 5- حلمي، موظف في شركة مصافي عدن. 6- عماد، موظف في شركة مصافي عدن.


2- علي أحمد الهمامي:
الميلاد والنشأة

علي أحمد علي الهمامي، من مواليد وادي همام، الذي كان جزءاً من سلطنة العوالق العليا وحاضرتها نصاب عام 1937م. التحق كسائر أقرانه من أبناء الريف بأحد الكتاتيب لتلقي تحصيله الأول من القرآن ومبادئ القراءة والكتابة، وانتقل بعد ذلك إلى التعليم النظامي وواصل دراسته بعد ذلك إلى المرحلة الثانوية.

وفي بداية عام 1953م التحق علي الهمامي بشركة بكتل الأمريكية، التي رست عليها المناقصة لبناء منشأة مصافي عدن، كما عملت إلى جانبها شركة ويمبي، التي تولت عملية إنشاء ميناء الزيت، التابع لمصافي عدن في مدينة عدن الصغرى. تواصل العمل ليل نهار وتمكنت الشركتان العملاقتان من إنجاز بناء منشأة تكرير النفط وميناء الزيت ومنازل موظفي الشركة والمرافق الأخرى في غضون (21) شهراً بدلاً من (24) شهراً، وأصبحت شركة B.P. معلماً هاماً في مدينة عدن اعتباراً من 7 يوليو 1954م.


الهمامي في سلك عاملي شركةB.P.
انتقلت خدمات علي الهمامي من شركة بكتل إلى شركة B.P. عاملاً عادياً حتى عام 1957م، حيث بدأ يتدرج في السلم الوظيفي حتى يوليو 1962م، حيث حصل على وظيفة «مساعد مشرف». تواصلت دوراته التدريبية في جميع وحدات المصافي (إدارة العمليات) وتحمل مسؤوليات إشرافية من ضمنها ميناء الزيت.

وفي العام 1970م حصل علي الهمامي على منصب إشرافي بدرجة 10، وتواصل مع تأدية مهامه في وحدات المصافي حتى عام 1980م، حيث انتقل بعد ذلك إلى إدارة التدريب، التابعة للعمليات PROCESS مدرباً للخريجين والعمال حتى عام 1986م، حيث عاد علي الهمامي يمارس مهامه الإشرافية «مساعد مسؤول قسم بدرجة (11)»، وأكمل مشواره الوظيفي مع مصافي عدن عام 1992م عندما أحيل للتقاعد في 2/1/1992م بمعاش شهري متواضع قدره 10 آلاف ريال، وهو معاش يلبي هامشاً من متطلبات الحياة في ظل سعير الأسعار المتصاعد، وهنا يقول علي الهمامي لولاة الأمر: «إذا دعتكم قدرتكم على ظلم الناس فتذكروا قدرة الله عليكم».


المشوار الكفاحي المزدوج
أدرك علي الهمامي الحاجة الماسة لتعلم اللغة الانجليزية، وأصبح في مفترق الطريق أو «رهان أن يكون أو لا يكون»، فشمر عن ساعديه والتحق بالصفوف المسائية EVENING CLASSES لدراسة اللغة الانجليزية، وصمد في تلك الصفوف خلال الفترة الممتدة من عام 1956م حتى عام 1963م، وأمسك بناصية اللغة، التي كانت عوناً له على اجتياز دروب الوظيفة، بيد أن تلك الفترة شهدت ميلاد حدثين كبيرين، وهما تأسيس الحركة النقابية وإعلان الكفاح المسلح وسيلة لخلاص المنطقة من الحكم البريطاني.


الهمامي شاهد على العصر
تفاعل علي الهمامي مع العراك النقابي، الذي خرج من تحت عباءته العمل السياسي والحزبي. كان علي الهمامي من الناشطين في الحركة النقابية وانضم في مرحلة لاحقة إلى صفوف حركة القوميين العرب، التي شكلت الجناح السياسي البارز للعمل الجبهوي في إطار الجبهة القومية، التي أصبح الهمامي أحد أعضائها.

دفع الهمامي ضريبة مواقفه النضالية في صفوف الحركة العمالية والوطنية، فزجت به السلطات البريطانية في السجن مع رفاق دربه، ومنهم المرحوم عبدالله علي عبيد، أحد قادة الحركة العمالية والأخ طه محمد سعد، أحد قياديي حزب الشعب الاشتراكي والأخ ناصر عمر الشيخ والأخ أحمد حيدرة فدعق والمرحوم فارس سالم، وكان المذكورون من دفعته في رأس مربط، الذين انتقلوا بعد ذلك إلى سجن عدن المركزي، والتقوا هناك عدداً من المناضلين منهم أبوبكر شفيق وعلي شيخ عمر وسليمان ناصر محمد وحسين الجابري وخالد هندي ومهيوب علي غالب (عبود) ومحمد راجح وأحمد راجح وصلاح عبدالرحمن الدبعي ومحمد أحمد باشماخ وعبدالله محمد الهيثمي ومحمد سعيد عبسي وعلي مصطفى عيسى ومحمد حسين امدروي .


الهمامي يلتقي مجاميع أخرى في سجن المنصورة
مكث علي الهمامي مع زملائه المعتقلين في سجن عدن المركزي حتى بداية عام 1965م، حيث صدرت الأوامر بفرز أبناء الجنوب والشمال عن أبناء عدن، وتم نقل المجموعة السابقة إلى سجن مدينة الشعب، ومكثت هناك لمدة (3) أشهر، وانتقل أفراد المجموعة بعد ذلك إلى مخيم أعد للاعتقال بين مدينة الشعب وبئر أحمد، ومكثوا هناك حتى نهاية عام 1965م، وانتقلوا بعد ذلك إلى سجن المنصورة المركزي.وفي سجن المنصورة التقى علي الهمامي مجاميع جديدة من المعتقلين منهم علي عبدالحليم، علي عوض أحمد الحداد، نور الدين قاسم السروري، محمد صالح عولقي، ناصر عبدالله الحداد، أحمد علي العلواني، محمد عبدربه مسود عوذلي، علي صالح البيضاني، فاروق محمد مكاوي، عبدالعزيز عبدالولي، عبدالله صالح المنصوري، عباد عوض صالح ظمبري، سالم محمد لحوس، سيد أحمد شيخ، سالم عبدالله باصهيب، محمد علي طالب، عايش محمد الدوح، حسين سعيد ميسري، محمد طاهر أحمد، محمد أحمد الباشا، محمد عوض مذرار، عادل محفوظ خليفة، عبدالرحمن فارع سعيد، أحمد عبده طاهر العريقي، قاسم صالح اليافعي، امعبد ناصر منصور الفضلي، ناصر عمر فرتوت، أحمد علي هيثم سعيدي، صالح عبدالرزاق شعيبي، عبدالكريم سلام القباطي، محمد أحمد ضالعي، عبدالرزاق شفيق قباطي، عبدالله حسين مساوى، محمد عوض حصامة، طه أحمد غانم، صالح محمد هيثم يافعي، سالم عبدالله يافعي، عايش عوض سعيد، علي عمر أحمد الشيخ، حسين عبده عبدالله ومحمد منصور السعدي.


السلطات تطلق سراح الهمامي
أطلقت السلطات الأمنية البريطانية سراح علي الهمامي في أواخر مايو 1966م، وفرضت عليه قيود منها عدم مغادرة ولاية عدن إلاّ بإذن من السلطات المختصة، والمرابطة في منزله من السادسة مساء حتى السادسة صباحاً، ومراجعة قسم الشرطة كل يوم أربعاء وسبت لتأكيد مرابطته في ولاية عدن، واستمر على ذلك المنوال حتى يوم الاستقلال.

الهمامي شاهد على جامعة مصافي عدن.

علي الهمامي يعطي شهادته للتاريخ هذا نصها: « في يوم الاستقلال 30 نوفمبر 1967م لم تكن هناك جامعة واحدة في جنوب اليمن، ولكن كانت هناك أكبر من جامعة، ألا وهي شركة مصافي عدن، التي كانت وما زالت المرفق الاقتصادي الشامخ في البلاد، فبالإضافة إلى تموين البلاد بالمحروقات والعملات الصعبة تخرجت فيها عشرات الكوادر اليمنية منهم من غادر البلاد إلى الخارج، وأفاد واستفاد، ومنهم من أفاد اليمن داخلياً، بالرغم من أن المصفاة قد انتهت حالتها الافتراضية، إلا أنها ما زالت بخير، ورحم الله من ضحى بحياته من أجلها، وأعان الله من بقي منهم، وبارك الله بالعمال الشبان المخلصين، ليحافظوا عليها طالما بقيت قطاعاً عاماً يدر الخير للبلاد».

علي أحمد الهمامي متزوج ولديه ولدان هما: 1- محمد، 2- مصطفى، وسبع بنات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى