الطفولة البائسة

> د. سمير عبدالرحمن الشميري

>
د. سمير عبدالرحمن الشميري
د. سمير عبدالرحمن الشميري
لقد قال مرة أحد المفكرين (يلوح لي أن ليس في حياتنا من حقيقة إلا الألم)، ففي حياتنا كم هائل من الأهوال والحوادث المرعبة والأيام الملفعة بالسواد، والمآسي والفقر الذي يدوس بقدميه آدمية الإنسان. وهناك من الحوادث ما يجعل الإنسان يفقد استبصاره لشعوره باكتئاب جسيم وبكم كبير من التوتر والاعتلال النفسي والاضطراب وجفاف المشاعر.

ففي عالمنا اليوم كما يشير تقرير منظمة الصحة العالمية (يعاني أكثر من 150 مليون شخص من الاكتئاب ويلجأ أكثر من مليون شخص إلى الانتحار كل عام، و25 مليون شخص يعانون الفصام، ويعاني 38 مليون شخص من الصرع، وأكثر من 90 مليون شخص يعانون من اضطرابات تعاطي المسكرات أو المخدرات).

ففي كثير من الأصقاع تبرز ظواهر شتى مقلقة للأمن الاجتماعي كظاهرة الانتحار، وإنه لأمر مدهش أن يقدم صغار السن على الانتحار مثلما حدث مؤخرا في (يهر- يافع -م/لحج) حين أقدم أحد الصبية على شنق نفسه.

وتتملكنا نوبة حادة من الألم المعنوي حين نرى الأطفال يقعون في محن قاسية، ويحكم على بعضهم بالشنق، أو الرمي بالحجارة حتى الموت.

الطفولة معذبة في زماننا، فهناك ما يقرب من 250 مليون طفل تسربوا من المدارس واتجهوا صوب سوق العمل، وأن 540 مليون طفل في العالم مشردون وعرضة للمحن والانحرافات، وتقدر الدراسات أن 13 مليون طفل في العالم أيتام جراء موت آبائهم أو أمهاتهم بمرض الأيدز.

وتشير البيانات إلى أن عدد العاملين من الأطفال في اليمن يقدر بـ 500 ألف طفل. فلا زالت قوانينا قاصرة وبحاجة إلى تعديل خاصة فيما يتعلق بالسن القانونية للحدث، التي يحددها القانون اليمني بـ 14 سنة، بينما القوانين الدولية تعتبر الحدث حتى سن 18 سنة.

وحسب الإحصائيات الرسمية فإن ما يقرب من 1934 حدثاً في السجون اليمنية، ورغم التحسن الملحوظ في معاملة الأحداث إلا أنه في أحيان محددة يتم خلط صغار السن مع عتاولة الإجرام والسوقيين واللصوص والقتلة في سجن واحد، وهذا ما تنبهت له المراجع المسؤولة في الفترة الأخيرة وتعمل على تصويب معاملة الأحداث.

ولقد أومأت مصادر مطلعة أنه في عام 2004م تم تهريب ما يقرب من 50 ألف طفل إلى دول الجوار وتقوم بهذه المهمة عصابات محترفة تعرض الأطفال لعذاب بئيس، ولألوان من الضرب والامتهان والعسف، وتدفعهم للعمل كمتسولين أو للاشتغال بمهن خطيرة ومرهقة، وقد يستغلون جنسيا، حيث أشارت دراسة إلى أن (1.27% من الأطفال قد تعرضوا أثناء مرحلة التهريب لأنواع من التهديدات والمخاطر والأذى والجوع والعطش والاغتصاب والضياع..).

وهناك تقارير تبين أنه يهرب يوميا ما يقرب من 200 طفل. فالاهتمام بالطفولة هو اهتمام بالمستقبل الباسم فالشعوب التي تهمل الناشئة تشتد عليها خطوب الأيام، وتدوس مستقبلها بخطوات خرساء، وتعيش حياة محفوفة بالشقاء والشظف والقلق والترحال.

فهناك طفولة معذبة وأوجاع دفينة وسلسلة من المصائب أشد قسوة من أنياب الحيوانات اللاحمة. وحتى لا تظل الجمرة تحت الرماد لابد من التجاسر والاعتراف بالمشاكل والتوعكات لمعالجتها، وتحرير النفوس من فيروسات الجهل والأوهام المريضة فلابد من صحوة للعقل واستيقاظ للضمير (فالجهل أخطر أعداء الشعوب، وضحاياه أكثر من ضحايا الحروب) على حد تعبير د. عبدالعزيز المقالح.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى