المحطة الأخيرة .......... تفاح مستورد دائم ولا وطني قليل

> علي محمد يحيى

>
علي محمد يحيى
علي محمد يحيى
هكذا.. ما أن يدنو موعد صرف معاشي في نهاية كل شهر، حتى يذكرني الأولاد بأن لا أنسى التفاح الذي تعودوا أن أجلبه معي - يوم المشاهرة- وهكذا جرت العادة، أحضر معي التفاح فيحتفلون بأكله بعد الغداء، بعد أن يكونوا قد تفننوا بتذوقه على مهل وتمتعوا باستعراض جماله - الوافد - في كل تفاحة من تلك التفاحات باحثين عن تميز بين تفاحة وأخرى، وحتى موعد إعلان فوز أحدهم بلقب الحائز على أجمل تفاحة. وما هي إلا لحظات من بعد إعلان نتائج مسابقة أجمل تفاحة حتى ترى أسنانهم قد قضمتها حتى نهايتها في غمضة عين دون أن يتركوا منها أثراً.

حينها يعود بي الوعي، أو كما يقولون بعد السكرة تأتي الفكرة، وأعوذ بالله من السكر.. يعود بي الوعي لأتذكر أنني قد دفعت أربعمائة ريال بالوفاء والتمام قيمة كيلو التفاح المستورد الذي اختفى بين أسنان أولادي في زمن قياسي.. والسبب القات -قبّحه الله- الذي أجبر الكثير من المزارعين في بلادي بعد أن طمّعهم بمردود ربحه السريع وهم الذين كانوا بدأوا يعودونا إنتاج تفاحنا البلدي، على تدمير أكبر قدر من شجيرات التفاح أو إهمالها، التي لم يقو عودها بعد لقصر مدة تجربة زراعته واستبدالها بغرسات القات، فظهر واضحاً خلال السنتين الماضيتين النقص الحاد في إنتاج تفاحنا البلدي رغم قلته في الأساس.

بعدها تواردت الخواطر كشريط سينمائي مرت أمام ناظري تستعرض أحداثاً وذكريات لأشهر التفاحات في تاريخ بني الإنسان منذ أن كان آدم في ظلال الجنة، فكانت التفاحة أول فاكهة الله سبحانه وتعالى .. ذكر الله شجرتها حين حذر آدم وحواء أن لا يقربا منها، حتى غواهما إبليس فتذوق عواقبها أبناؤهما وأحفادهما وأحفاد أحفادهما إلى يومنا هذا وحتى دار البقاء. وكذلك في سفر التكوين من الإنجيل .. فلقد قدمتها الحيّة الملساء لسيدنا آدم على يد حواء فعرف طعمها واستمتع برائحتها فضرس من بعدهما بنو الإنسان إلى يوم تقوم الساعة.

كما تعود بنا ذكريات التفاح في تاريخ العلم إلى اكتشاف الجاذبية وقانونها، حين تساءل إسحاق نيوتن لماذا يتساقط التفاح؟ وكان الجواب أن اكتشف أسرار الجاذبية. ومن ذكريات أحداث التفاح بطولة «وليم تل» في الأدب السويسري الذي سدد سهمه إلى التفاحة التي وضعت على رأس طفله الوحيد.. فإذا بهذه التفاحة تصبح رمزاً للحق والحرية والفداء في حياة المواطن السويسري.

ومن ذكريات التفاحة ما كان في نهاية الحرب العالمية الثانية، عندما وصف العلماء حجم القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما بأنها لم تكن تزيد على حجم تفاحة متوسطة من نوع GOLDEN.

وفي شكل وجمال التفاحة لا يفوتني أن أصف حال ومشاعر الرجل حين يلتفت بوله نحو فتاة حسناء ويقول .. سبحان الله .. وجنتاها تفاح.

آمل نهاية الشهر القادم حينما يذكرني أولادي عند اقتراب موعد المشاهرة بمعتاد شراء التفاح أن أرى شريطاً جديداً يحمل ذكريات وأحداثاً جديدة .. كما آمل أن يكون تفاح الشهر القادم تفاحاً يمنياً (زرع وأنتج في اليمن) أستطيع أن أشتري منه أكثر من كيلو.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى