المرأة ..وحقوقها المستذكرة

> محمد علي محسن

>
محمد علي محسن
محمد علي محسن
ما أكثر الأحاديث النبوية، لا بل النصوص القرآنية المنزلة من السماء، التي نعتد بها ونستذكرها فقط لمجرد حديث عابر أو مطالبة بتمكين المرأة، خاصة إذا كانت هذه الدعوة أو المطالبة آتية من الخارج وبوساطة دولة أو هيئة دولية أو منظمة مهتمة بحقوق المرأة. في مفردات الخطاب الإعلامي والسياسي والوعظي المرتجل والهامشي على شرف المناسبة المقامة أو الندوة والمؤتمر أو الورشة، يتم إعادة رسم تلك الصورة الجميلة المفقودة للمرأة، التي سرعان ما يتكشف زيف لونها وشكلها بمغادرة المسؤول أو الواعظ قاعة الحوار أو الفعالية المنظمة. أحد أساتذة الجامعة ظل لسنوات طويلة، وسيظل لسنوات قادمة يردد تلك الأسطوانة المشروخة المتمثلة بحقوق المرأة المهدرة والمغيبة تماماً، فيما مشايخ كثر مشهود لهم بمصادرة حق المرأة في التعليم والوظيفة والإبداع والمساواة مع الرجل، تجدهم اليوم في القنوات الفضائىة والندوات والمؤتمرات الوطنية والدولية، من أكثر المتحدثين لباقة وفصاحة ومعرفة بمكانة المرأة الحقيقية في الإسلام، الذي أعطاها ومنحها حقوقاً قبل 14 قرناً، وراح هؤلاء المشايخ يعددون النصوص المقدسة في القرآن الكريم (المؤمنين المؤمنات، المسلمين والمسلمات ..) إلخ من الآيات المؤكدة لحقوق وواجبات وتكليفات متساوية ولا فروقات بين الجنسين، بل وبأفضلية للمرأة بتخصيص سورة تحمل الاسم الجمعي (النساء)، إضافة إلى أحاديث متواترة مثل النساء شقائق الرجال، والجنة تحت أقدام الأمهات...إلخ .

نستذكر أسماء وأفعالاً وأدواراً عظيمة حدثت ووجدت ما قبل الإسلام وبعده في ظل الدولة الإسلامية، وحتى تفكك دولة الخلافة إلى دويلات أشبه بفسيفساء من الألوان والأسماء، ومع ذلك نذكر الملكة أروى بنت أحمد والملكة شجرة الدر وأخريات من النساء اللاتي حكمن وتفوقن في مختلف النواحي الفقهية والسياسية واللغوية والعلمية، وفي الفكر والأدب والفن عامة، ونستذكرهن في الوقت الحاضر كلما دعت واقتضت الحاجة، لإثبات أن للمرأة حقوقاً ومكانة أفضل بكثير مما أعطتها الدول المتقدمة، مثل الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا، أو غيرها من المنظمات الحقوقية والإنسانية غير المدركة أو المستوعبة خصوصية وثقافة هذه المجتمعات، ولا هويتها الحضارية الموغلة في القدم، وحفلت طوال مسيرتها وحقبها التاريخية بنماذج ديمقراطية وقيادية وحقوقية وعلمية وإبداعية، لذلك فلا بد من التذكير بشوروية الملكة بلقيس أو مبايعة المرأتين للرسول [ في بيعة العقبة، أو في دفاع النسوة المستميت عن الرسول بقيادة الصحابية نسيبة بنت كعب في معركة أحد، أو أن أول شهيدة في الإسلام امرأة وأول ممرضة في التاريخ امرأة مسلمة، وأن الرسول [ أخذ برأي امرأة في صلح الحديبية، وأن أول من أسلم وصدق بالنبوة امرأة.

الحقيقة الجلية هي أن المرأة في أوطاننا ليست فقط مهمشة ومنتهكة حقوقها حتى نطالب بتمكينها وإشراكها لإعادة التوازن لمجتمع نصفه وأكثر من النساء معطل ومشلول، بقدر ما القضية أخطر وأفدح من مجرد نصوص وتشريعات وحقوق جامدة أو خطاب وعظي وتوعوي عابر تجاه مشكلة السكان أو الفقر أو التعليم أو الصحة أو التنمية عموماً إذ لا بد من ثورة على المفاهيم والأفكار الخاطئة التي تحط من قيمة ومكانة المرأة، فبدون إزالة هذه الرواسب والمعتقدات من الرؤوس قبل السلوك والممارسة نحو المرأة تبقى الدعوات والمؤتمرات والقرارات كافة حبراً على ورق، ودعاتها أشبه بالمؤذنين في مالطا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى