أ .د. علي منصور بن سفاع وزير التعليم الفني والتدريب المهني في منتدى «الأيام»: -1-التعليم الفني والتدريب المهني ..الملاذ الآمن من مشكلات الفقر,خطة تنفيذية لبناء 35 معهداً مهنياً وتقنياً في مختلف المحافظات هذا العام

> عدن «الأيام» خاص:

>
وزير التعليم الفني والتدريب المهني يطلع مباشرة على سير عملية التدريب والتأهيل في أحد المعاهد
وزير التعليم الفني والتدريب المهني يطلع مباشرة على سير عملية التدريب والتأهيل في أحد المعاهد
استضاف أمس الأول الخميس منتدى «الأيام» بمحافظة عدن كلا من الأخوة أ. د. علي منصور سفاع، وزير التعليم الفني والتدريب المهني، رشاد صالح بن شائع، مدير عام مكتب وزارة التعليم الفني والتدريب المهني بعدن، ياسر عبدالرحمن القرشي، مدير عام مكتب وزير التعليم الفني والتدريب المهني، حيث تم بحث قطاع التعليم الفني والتدريب المهني في ندوة حضرها لفيف من صفوة المثقفين والمختصين والمهتمين.

وبدأت الندوة بكلمة افتتاحية للأستاذ نجيب يابلي، رحب فيها بضيوف المنتدى، مطالبا أ. د. علي منصور سفاع، وزير التعليم الفني والتدريب المهني، تحديد مواقع استشراف الأمل لمشاركته التفاؤل، ومواقع البقع السوداء الباعثة على الاحباط لتشهر سيوف الإعلام والفكر إلى جانبه، وأن يفيد المشاركون في الندوة بما تحقق من تعهد الوزارة استنادا إلى استراتيجية التعليم الفني والتدريب المهني برفع الطاقة الاستيعابية الى 15% من مخرجات التعليم الأساسي من قبل الوزارة بغضون 2015م، وكذا الإفادة عما إذا كانت وزارة التعليم الفني والتدريب المهني قد قامت بإجراء مفاضلة ما بين الورش الاقليمية والورشة التي عقدت في صنعاء، تاركا بعد ذلك المجال لوزير التعليم الفني والتدريب المهني للحديث عن هموم وزارته وهموم استراتيجية وزارته، والذي قال:

يسعدني اليوم أنا وزملائي من منظومة التعليم الفني والتدريب المهني التواجد في منتداكم الطيب ومنبركم الاعلامي المميز، لنسلط الضوء على جملة من المسائل المتعلقة بمنظومة التعليم الفني والتدريب المهني، باعتبار هذا القطاع التعليمي لم يحظ بالاهتمام الذي ينبغي أن يحظى به أسوة بمجالات التعليم الأخرى.

اسمحوا لي بادئ ذي بدء أن أعطي لمحة موجزة بحكم خبرتي المتواضعة في هذا المجال إلى جانب المعلومات التي حصلنا عليها.. إن التعليم الفني والتدريب المهني بدأ في هذه المحافظة الباسلة منذ فترة مبكرة وطويلة، وفي تقديري أنه بدأ في خمسينيات القرن الماضي، والمعهد الفني بالمعلا (تكنيكل انيستتيوت) هو دليل قاطع على اهتمام أبناء المحافظة بهذا النوع من التعليم، ولكن الاهتمام الذي ينبغي أن يحصل عليه هذا التعليم لم يحصل عليه لجملة من الأسباب، أولها أننا في اليمن بعد انتهاء الاستعمار البريطاني والإمامه برز موضوع الجهل والمرض والفقر المسمى بالثالوث الرهيب، فتم التركيز على التعليم الجامعي بشكل غير طبيعي خلق هوة بين مخرجات التعليم الجامعي ومخرجات التعليم الفني والتدريب المهني، وثانيا أن هذا النوع من التعليم رافقته النظرة الدونية التي رسخها البعض من خلال الترويج لفكرة أن من يلتحق بالتعليم الفني هو من لم يجد فرصة للالتحاق بالتعليم الجامعي أو أن تكون إمكانيته العلمية ضعيفة أو تغلق أبواب الجامعات بوجهه، هذه المشكلة كانت أحد الاسباب الرئيسية في أنه عندما تم البحث عن كوادر وسطية تقنية ومهنية لتلبية احتياجات سوق العمل للأسف لم نحصل على ما ينبغي أن يكون موجودا في سوق العمل.. ونحن في اليمن لدينا ميزة امتلاك موارد بشرية طيبة، بيد أن هذه الموارد البشرية لم تكن مؤهلة.

المشكلة الثانية التي أدت إلى ضعف هذا النوع من التعليم ومحدودية مخرجاته الى جانب نوعيتها، تعود إلى أن هذا النوع من التعليم كان مشتتا أو موزعا بين مختلف وزارات الحكومات اليمنية المتعاقبة، فقد كان جزء منه يتبع وزارة التعليم العالي وجزء يتبع وزارة التربية والتعليم وجزء يتبع وزارة الثروة السمكية وجزء يتبع وزارة الزراعة وجزء يتبع وزارة الصحة وجزء يتبع وزارة الثقافة...إلخ، بمعنى أن كل وزارة لديها معاهد بهدف التأهيل الذاتي لكوادرها وموظفيها وعامليها في الوقت الذي حصل تطور وتوسع في مجال التعليم الجامعي، حيث تم إنشاء ثمان جامعات حكومية يقابلها ثمان جامعات خاصة، بينما مخرجات التعليم الجامعي تعاني البطالة في سوق العمل، ولدينا في الوقت ذاته كوادر يتم استيرادها إلى سوق العمل المحلي، وهي مفارقة عجيبة، الرئيس حفظه الله استوعب أهمية هذا النوع من التعليم الفني وعرف حجم هذه المشكلة التي تعاني منها اليمن، وبالتالي فكروا بانشاء وزارة متخصصة في التعليم الفني والتدريب المهني في 2001م، وكان أول ما قامت بتنفيذه هو ضم كل المعاهد الموزعة ما بين مختلف الوزارات تحت منظومة واحدة موحدة، ووضع الآليات التي من شأنها تنمية هذا المورد البشري المهم.

الأمر الآخر الذي قامت بعمله وزارة التعليم الفني والتدريب المهني بعد تشكيلها هو التفكير في وضع استراتيجية للتعليم الفني والتدريب المهني، وتهدف هذه الاستراتيجية إلى استيعاب 15% من مخرجات التعليم الاساسي والثانوي، على اعتبار أن نسبة المقبولين في هذا النوع من التعليم من مخرجات التعليم الاساسي والثانوي لا يتجاوز إلى يومنا هذا 3%، والاستراتيجية الوطنية للتعليم الفني والتدريب المهني تم وضعها بالاعتماد على خبرات متخصصين من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي ومنظمة العمل الدولية وكثير من الجهات التي لها باع طويل وحضور مميز في موضوع التعليم الفني والتدريب المهني، وأول ما تم هو وضع خارطة للتعليم الفني والتدريب المهني أخذت بعين الاعتبار جملة من الإحصائيات والمعلومات والمدخلات ونوعية المهن والحرف الموجودة في سوق العمل اليمنية وميول الناس، إلى جانب التركيبة السكانية وطبيعة النشاط الاقتصادي لكل محافظة من محافظات الجمهورية اليمنية.

طلاب أحد المعاهد المهنية أثناء تلقيهم التدريب العملي
طلاب أحد المعاهد المهنية أثناء تلقيهم التدريب العملي
وضعت استراتيجية التعليم الفني والتدريب المهني في خمس مراحل، الأولى هي خلفية عن قطاع التعليم الفني والتدريب المهني، وهو تقرير وصف وتحليل للوضع الاقتصادي والتنموي وقطاع التعليم الفني والتدريب المهني والفرص المتاحة والتحديات، والمرحلة الثانية هي القضايا الرئيسية ومشروع الإطار الاستراتيجي، والمطلوب من هذه المرحلة تحليل القضايا الاستراتيجية لقطاع التعليم الفني والتدريب المهني وإعداد مسودة الإطار العام لاستراتيجية التعليم الفني والتدريب المهني، المرحلة الثالثة تختص بالتشاور على المستوى القطاعي والمحلي والوطني بمناقشة المعنيين لوثيقتي العرض والطلب القطاعي والإطار الاستراتيجي المقترحين، والمرحلة الرابعة تعنى بالإطار العام للاستراتيجية الوطنية للتعليم الفني والتدريب المهني، وقد تم وضع صياغة نهائية لاستراتيجية التعليم الفني والتدريب المهني والمهام والاهداف والرؤى المستقبلية، والمرحلة الخامسة تشمل الخطة التنفيذية للأربع السنوات الأولى والتي تبدأ من عام 2005-2008م، وهي إعداد وصياغة الاستراتيجية الوطنية لقطاع التعليم الفني والتدريب المهني لعشر سنوات، وإعداد خطة تنفيذية لها.

والحقيقة أن الاستراتيجية الخاصة بالتعليم الفني والتدريب المهني مرتبطة بجملة من المسائل التي لا يمكننا تنفيذ الاستراتيجية دونها، وكل هذه الجوانب النظرية والإعداد للمراحل تم وضعها في السنوات السابقة، أما استراتيجية التعليم الفني كوثيقة نهائية فلم تر النور إلا في 2005م بعد المصادقة عليها من قبل مجلس الوزراء، ونوقشت ايضا في مجلس الشورى وحصلت ايضا على الموافقة النهائية، ونستطيع القول إننا سنبدأ من هذا العام بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتعليم الفني والتدريب المهني.

حقيقة لدينا في هذا العام خطة تنفيذية لبناء 35 معهدا مهنيا وتقنيا في مختلف محافظات الجمهورية، آخذين بعين الاعتبار في إنشاء هذه المعاهد الطبيعة والتركيبة السكانية والاقتصادية لكل محافظة من المحافظات .. طبعا اليمن تختلف عن بعض الدول الأخرى بتميز وتنوع أنشطة محافظاتها، فبعضها يتميز بالنشاط السياحي ومحافظات أخرى تتميز بالنشاط الصناعي وأخرى بالنشاط الزراعي إلى آخر هذا التنوع، ونحن تعلمنا من تجربة التعليم العالي أن التكرار في كل محافظة بشكل تقليدي غير وارد، نحن نشعر بضرورة التركيز على طبيعة وميزات كل محافظة على حدة بما يتواءم مع طبيعة هذه المحافظة أو تلك.

وفي المرحلة الأولى التي تمتد من 2005-2008م سيتم انشاء 35 معهدا تقنيا وتجهيزها وتشغيلها، ونحن الآن في طور الاعداد، وقد تم البدء في تنفيذ بناء 19 معهدا تتوزع على مختلف المحافظات وبتمويل من صندوق التنمية السعودي بقرض حصلت عليه الجمهورية اليمنية بخمسين مليون دولار، وتم توزيعها في مختلف محافظات الجمهورية، إلى جانب 18 معهدا سيتم بناؤها على حساب الموازنة العامة للدولة.

المرحلة الثانية من الاستراتيجية التي تبدأ من 2009-2015م وسيتم خلالها توسيع منظومة التعليم الفني والتدريب المهني بما يستجيب لاحتياجات القطاعات والجهات الاقتصادية من المهارات والكفاءات.

المرحلة الثالثة من 2014-2015 تتركز هذه المرحلة في عملية المراجعة والتقييم لمنظومة التعليم الفني والتدريب المهني وفقا لما تم إقراره من أهداف وإجراءات الاستراتيجية، وبالتالي وضع الآليات التي من شأنها تطوير منظومة التعليم الفني والتدريب المهني للفترة القادمة، كما سيتم تقييم المرحلة وفقا لما تم تنفيذه في استراتيجية التعليم الفني والتدريب المهني.

الحقيقة نحن في منظومة التعليم الفني والتدريب المهني لدينا بعض المسائل التي يجب أن نأخذ في الاعتبار أن مخرجات التعليم الاساسي والثانوي هي المدخلات الاساسية للتعليم الفني والتدريب المهني، ولكن نتيجة للوضع القائم باعتبار أن حجم المعاهد الموجودة في الجمهورية اليمنية اليوم 58 معهد موزعة على مختلف المحافظات الى جانب أربع كليات للمجتمع، هذه المعاهد وهذه الكليات لا تستطيع استيعاب كل المدخلات لأن الفترة الماضية شهدت تخلص غالبية المجتمع من النظرة الدونية لهذا النوع من التعليم، ويعود الفضل في حقيقة الأمر للإرادة السياسية والتوجيه الصحيح لفخامة رئيس الجمهورية، الذي أولى لهذا النوع من التعليم اهتماما خاصا وأكد على أهميته في خطاباته ودعواته للشباب الى الالتحاق بمنظومة التعليم الفني والتدريب المهني.

المشكلة الإضافية التي نعانيها حقيقة في وضعنا الحالي المتمثل في عدم قدرة الـ 54 معهدا و4 كليات مجتمع على استيعاب كافة مخرجات التعليم الاساسي والثانوي، هي أن التعليم الفني والتدريب المهني نوع من التعليم العملي والتطبيقي، الذي يعلم الطالب كيفة العمل بشكل مباشر في سوق العمل دون الحاجة الى فترة تدريبية بعد تخرجه من المعهد التقني أو المهني، الأمر الذي يفرض علينا استيعاب من 25-30 طالبا في كل تخصص من التخصصات في المعاهد مع هذا نحن لا نستطيع استيعاب أكثر من 50% من المتقدمين في كل سنة، ولذا عملت وزارة التعليم الفني والتدريب المهني بمجهود ذاتي على البحث عن مخارج لهذه المشكلة، فالاتجاه السياسي ووسائل الاعلام وسوق العمل يريد عمالة وسطية مؤهلة، والتعليم الفني لا يستطيع استيعاب هذه المدخلات والراغبين بهذا النوع من التعليم، ولمعالجة المشكلة عملت الوزارة على فتح ما يسمى التعليم الموازي، وهو نوع من التعليم في الفترة المسائية في نفس التخصصات وبنفس المعلمين والمدربين، وهذا النوع من التعليم عالج المشكلة إلى حد ما، لكن مسئوليتنا أن في سوق العمل عمالة لديها خبرة مكتسبة بالتوارث من الأب، لكن لا توجد لديه الشهادة العلمية لعدم حصوله على فرصة للدراسة أو لتوقفه عن الدراسة لسبب ما، وبالتالي مهمة التعليم الفني والتدريب المهني في هذا النظام تستدعي الشاب إذا رغب ووضعه في امتحان تقييمي ومنحه الاعتراف المهني بحيث تصبح لديه شهادة معترف بها من جهة اكاديمية رسمية تعليمية تعزز مكانته في عمله في الداخل وتوفر له فرصة العمل في حال سفره إلى الخارج كونها اعترافا معتمدا.

نحن لا ننظر في منظومة التعليم الفني والتدريب المهني إلى احتياجات سوق العمل المحلية وحسب، لأن مناهجنا وبرامجنا التعليمية وخطوطنا تعتمد فيما تعتمد عليه على احتياجات سوق العمل.

بمناطق في اليمن للاسف شباب وصلوا الى سن التعليم لكنهم ظلوا أميين، ومهمة وزارة التعليم الفني والتدريب المهني تجاه هؤلاء الشباب هي فتح الأبوابها أمامهم للالتحاق بالتعليم الفني والتدريب المهني، على اعتبار أن من لديه رغبة في مهنة من المهن يستطيع أن يتقدم وتعمل له الوزارة دورات تدريبية مكثفة تكاد تكون لا تعتمد في الاساس هذه التخصصات على الجوانب الاكاديمية، فقد لا يكون بحاجة إلى الفيزياء والكيمياء والرياضيات رغم أن التعليم الفني والتدريب المهني يعتمد على هذه العلوم بشكل أساسي، لكن بعض الشباب اكتسب ميولاً في هندسة الأجهزة الكهربائية أو ميولا في السباكة أو النجارة أو الميكانيكا وخلاف ذلك، وبناء على ذلك نقوم بحصر هؤلاء الشباب وعرض المهن التي تتناسب مع مهاراتهم وإمكانياتهم، وبالتالي يعطى له الاعتراف المهني بحيث يتمكن من العمل في سوق العمل المحلية أو في الدول الأخرى في حال سفره.

والتعليم الفني والتدريب المهني بتقديري وتقدير كثير من المختصين يعد الملاذ الآمن من مشكلة الفقر، التي تعانيها الجمهورية اليمنية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى