في الندوة المكرسة لليوبيل الأول للمركز العربي للدراسات الاستراتيجية في منتدى «الأيام»

> عدن «الأيام» خاص :

> نظم منتدى «الأيام» الثقافي مساء الاربعاء 20/4 فعالية مكرسة لليوبيل الاول للمركز العربي للدراسات الاستراتيجية (95-2005م). كرست الفعالية لشرح المحطات التي مر بها المركز منذ تأسيسه وحتى الآن. اكتسبت الفعالية أهمية عندما ألقى الأخ علي ناصر محمد كلمة في المشاركين عبر الهاتف بهذه المناسبة. وقد شارك فيها الأستاذ عثمان ناصر، مدير فرع المركز في اليمن ود. مرشد شمسان مدير مكتب فرع المركز بعدن.

افتتح الفعالية الزميل نجيب اليابلي حيث رحب بالمشاركين والحاضرين نيابة عن الناشرين هشام وتمام باشراحيل وهيئة تحرير «الأىام» وقرائها ورواد منتدى «الأىام» وقال :

باسم الناشرين هشام وتمام باشراحيل وباسم أسرة تحرير «الأيام» ومنتدى «الأيام» في صنعاء وعدن وباسم قواعد «الأيام» من القراء بمن فيهم عبر الانترنت.

اليوم نتحدث عن مركز من مراكز التنوير في الوطن العربي وهو المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، وهناك ارتباط عضوي بين المركز ومؤسسه، فمؤسسه هو الرئيس اليمني الأسبق علي ناصر محمد، وهو من مواليد قرية القوز بمديرية مودية في محافظة أبين في 31 ديسمبر 1939م، تلقى دراسته في مودية وزنجبار وعمل مدرساً في يوليو 1961م، وكان من المدرسين القادمين من محمية عدن الغربية، ودرس وتدرب في مركز تدريب المعلمين في معقله الأول بالطويلة قبل انتقاله إلى خورمكسر.

انضم الأخ علي ناصر محمد إلى حركة القوميين العرب في وقت مبكر، وتولى قيادة المنطقة الوسطى في فترة 64-1965م، وفي عام 1965م تولى قيادة المنطقة الشرقية التي شملت سلطنات وإمارات الواحدي وبيحان والعوالق وحضرموت حتى يناير 1966م.

بعد الاستقلال عُين محافظاً للجزر ومن ثم محافظاً للحج، وفي مارس 1968م أثناء انعقاد المؤتمر الرابع للجبهة القومية عين عضواً في القيادة العامة، وفي عام 1969م عُين وزيراً للحكم المحلي، وفي ديسمبر من العام نفسه أضيفت له حقيبة الدفاع وهو عضو اللجنة التنفيذية للجبهة القومية ثم عضو في مجلس الرئاسة عام 1971م حل محل محمد علي هيثم، وفي مارس 1972م عين عضواً في المكتب السياسي للتنظيم السياسي للجبهة القومية في المؤتمر الخامس، وفي 1975م عُين عضواً في المكتب السياسي في المؤتمر السادس للتنظيم السياسي للجبهة القومية ثم جدد انتخابه عضواً في المكتب السياسي في المؤتمر التوحيدي، وفي يوليو 1978م عين رئيساً لمجلس الرئاسة وفي 14 فبراير 1985م تخلى عن منصب رئاسة الوزراء ليخلفه حيدر أبوبكر العطاس. غادر الأخ علي ناصر محمد صنعاء في يناير 1990م وأسس مركزه في دمشق 1995م المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، وفي 31 ديسمبر 1996م افتتح فرعاً للمركز العربي للدراسات الاستراتيجية في العاصمة صنعاء، وأصبح لمركزه فروع في كل من القاهرة واليمن ودولة الإمارات، يقوم المركز بإصدار سلاسل بحثية وهناك نسخ منها بين أيديكم، إحداها سلسلة قضايا استراتيجية تتناول القضايا السياسية والاستراتيجية، والثانية تعنى بترجمات استراتيجية تنقل خلالها وجهات نظر مراكز الأبحاث الغربية حول الشرق الأوسط والقضايا العربية مع التعليق عليها، وهناك دورية (قضايا راهنة) تناقش القضايا الثقافية والاجتماعية، وفي اليمن تصدر دوريتان (أوراق يمانية وترجمات عن اليمن والجزيرة)، وفي الإمارات تصدر دوريتان (قضايا خليجية وترجمات عن الخليج) ويقيم المركز بين الحين والآخر ندوات وحلقات نقاش حول قضايا حيوية واستراتيجية. بين ظهرانينا الآن شخصيتان معروفتان وهما الأستاذ عثمان ناصر، و د. مرشد شمسان، سيسلطان الضوء على المركز العربي للدراسات الاستراتيجية .. فليتفضل الاستاذ عثمان ناصر.

< الاستاذ عثمان ناصر: في البداية أشكر الأخوين هشام وتمام على احتضانهما مناسبة مرور عشر سنوات على تأسيس المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، وهذه لفتة نثمنها تثمينا عاليا، ولا سيما أن «الأيام» كانت معنا دائماً طوال عقد التأسيس منذ اللحظة الأولى وحتى احتضانها الحار لهذه المناسبة .. في الحقيقة الاستاذ نجيب اليابلي أعفاني كثيراً من أن أقف مطولاً أمام كثير من الإصدارات ونحن في حضور نخبة من الصحفيين والإعلاميين والمفكرين سأحاول أن أنحو في حديثي منحى أكثر تركيزاً حفاظاً على الوقت وحرصاً على إيصال أكبر قدر من المعلومات حول المركز ونشاطاته .. تأسيس المركز العربي للدراسات الاستراتيجية هو نفسه كان خلاصة نشاطات دائبة ومتحركة قام بها الرئيس علي ناصر محمد طوال أربع سنوات كاملة قبل تأسيسه في عام 1995م، يعني التأسيس كان تتويجا لمرحلة طويلة من الحوارات واللقاءات والزيارات ومن التعرف على طبيعة نشاطات مراكز الدراسات العربية وأدوراها، حرصاً منه أن لا يكون الجهد الذي سيتولاه مجرد رقم يضاف إلى ما هو موجود، لكن كان يفكر لكي يجعل من المركز العربي للدراسات الاستراتيجية إضافة حقيقية وملموسة إلى الأدوار والمهام التي تقوم بها مراكز الدراسات العربية، ويكون وجوده متميزا وليس مجرد إضافة رقمية، هذه اللقاءات شملت مفكرين عربا ورؤساء مراكز دراسات وقادة سياسيين بل وزعماء في بعض البلدان العربية. الرئيس علي ناصر محمد عندما يُسأل لماذا اخترت بالذات أن تنشئ مركز الدراسات العربية أو الدراسات الاستراتيجية، في الحقيقة كان يحدد جملة من العوامل أولها طبعاً وعلى رأسها هو تجربته في ممارسة العمل القيادي من موقعه المتدرج في العمل السري لحركة القوميين العرب ثم الجبهة القومية ثم قيادة الدولة

. كان يشعر أن هناك حلقة غائبة دائماً عند اتخاذ القرار، وهي عملية الاستناد إلى المعلومات والتحليلات الدقيقة والصحيحة التي تساعد على صياغة قرار صائب بقدر الإمكان، ثم يأتي بعد هذا إحساسه بواقع التمزق الذي تعيشه الأمة العربية وغياب الهدف الموضوعي الذي يستطيع أن ينظم الأمة العربية وراءه، كانت التكتلات في البلدان العربية محسوسة وملموسة خاصة في عام 1990م وما تلاه، مصر تسير في اتجاه وسوريا في اتجاه آخر، وبينهما مجموعات الدول السابقة في فضاءات لا أحد يعلم إلى أين، فكان يفكر هو من موقعه أنه ربما نستطيع أن نوفر بالعلم ما لم نستطع أن نوفره بالايديولوجيا، يعني لا تنسوا أن عقلية الرئيس علي ناصر محمد مركبة على البدايات القوية لحركة القوميين العرب، حركة القوميين العرب لم تكن حركة سهلة بأي مقياس من المقاييس، هي حركة كانت منتشرة في أرجاء الوطن العربي، كان لديها برنامج قوي وكان لديها وضوح في تنفيذ هذا البرنامج وكانت قائدة ليس مجرد الحركات السياسية ولكن قائدة لثورات حقيقية من المغرب العربي إلى البحرين، فهذه النشأة والأرضية الفكرية هي كانت أيضاً ترافق عقل الرئيس، هو يفكر في مسألة مركز للدراسات فكان يسأل نفسه هل نستطيع أن نغير بالمعرفة ما لم نستطع أن نغيره بالايديولوجية وكان هذا هو الهاجس الثاني.

طبعاً الهاجس الثالث كان إحساسه بضرورة تواجد مركز عربي للدراسات الاستراتيجية يساعد في حث المفكرين والباحثين على أن يطرقوا أبوابا جديدة للبحث عن فكرة تساعد هذه الأمة وتبث فيها روح الرغبة في التحدي ومواجهة العصرالقادم، وأنا كان لي شرف حضور بعض الحوارات مع بعض المفكرين العرب، ولاحظت أن هذه الحوارات كانت دائماً تغلب عليها قضية تحديد هوية هذا المركز، كانوا يسألون الرئيس ماذا تريد من تأسيس هذا المركز؟ هناك مراكز معدودة في الوطن العربي من مركز الدراسات للوحدة العربية إلى مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، ماذا سيضيف مركزك الى جانب هذه المراكز؟ هذه طبعاً هي العملية التي جعلته يفكر أربع سنوات كاملة في ماذا يجب أن يفعل لكي يكون مركزه كما قلت مركزا مميزا وليس مجرد مركز إلى جانب المراكز القائمة.

عندما نتحدث عن مركز استراتيجي نحن في الحقيقة نحدد إطارا ملموسا لطبيعة ونشاط هذا المركز، المراكز الاستراتيجية ثلاثة أنواع في العالم كله من الولايات المتحدة إلى الصين، هناك مراكز استراتيجية مهمتها صياغة الاستراتيجيات فقط دون الدخول في تحديد الأهداف، الأهداف يحددها المجتمع السياسي، الدولة والقوى السياسية الفاعلة في أي مجتمع هي التي تحدد لنفسها الهدف، مهمة النوع الأول من مراكز الدراسات أن يقوم بصياغة الاستراتيجيات التي تساعد على تنفيذ الاهداف بمعنى أنها توازن الامكانيات بالاهداف لكي تحقق ما هو مطلوب منها، يعني هذه المراكز عندما تصيغ تصوراتها يكون هناك اطارات محددة تستفيد من ما يسمى نتائج الابحاث التي تقوم بها، ويقدم لجهات معينة وتقوم هذه الجهات باختيار البدائل المتاحة لتنفيذ السياسات المطلوبة لتحقيق الهدف المحدد. النوع الآخر من المراكز هي مراكز أكاديمية بحثة ليس لها علاقة بالأهداف السياسية، هذا النوع من المراكز هي المراكز التي تدرس إصول المسائل، يعني أقرب الى تعريف هذا النوع من الدراسات هو مركز دراسات الوحدة العربية، مركز دراسات الوحدة العربية أخذ على نفسه مهمة دراسة الفكر القومي العربي والبحث في امكانية قيام الوحدة العربية، عوامل القوة والضعف عند هذه الامة وكيفية تخطيها وإلى آخره، هو مستمر في دراستها. إذن هذا مركز من المراكز الاستراتيجية التي تبحث في أصول المسائل ولا تتعداها، يعني هنا لا يفهم فقط مجرد حالة جمود في عملها لكنها أيضاً تدرس فرضيات. أذكركم بالدراسة التي قام بها مركز دراسات الوحدة العربية حول إيمان العرب بالوحدة العربية هل العرب مؤمنون بالوحدة العربية؟ فكانت دراسة جداً مهمة نشرت في عام 1994م أو 1995م على ما أذكر بينت تفاوتا في رؤية العرب لأهم شعار يرفعونه منذ خمسين سنة، فمعنى هذا أن وظيفة هذه المراكز ليس فقط القضايا الاساسية ولكن ايضاً دراسة فرضيات واحتمالات لتبدل هذه الفكرة وانحيازها إلى هذه الجهة أو تلك وهذه وظيفة مراكز النوع الثاني.

هناك مراكز النوع الثالث التي هي مراكز القضية المعينة، مهمتها دراسة موضوع معين، مثلاً المراكز التي ظهرت حول دراسة حقوق الانسان في بلد معين، هذا شعار أو موضوع محدد هذه المراكز مسؤولة عن دراسته، البيئة نفس ا لشكل، هذا النوع من المراكز الاستراتيجية هي مراكز موجهة اهتمامها لدراسة قضية معينة وتدرس أصولها وفرضياتها واحتمالاتها إلى آخره وطبعاً هي تكون أقرب الى القضايا الاجتماعية المهمة للمجتمع بشكل عام.

المسألة الثانية كانت هي بعد تحديد الهدف الا ان المركز يحتاج إلى مقومات متعددة منها القدرات المادية والامكانيات البشرية ويحتاج إلى نظام وصيغة تنظيمية معينة تقود هذا الجهد وتوجهه إلى تحقيق أهدافه، وهناك أهم شيء في قضية البحث العلمي هو توفر البيئة الملائمة التي تساعد على تكوين هذا الفكر وعلى تشجيعه وظهوره وبروزه وتطوره باستمرار ، أي اختلال في المكونات (المثلث) أي ضلع من أضلاعه لا يكون قائما بشكل صحيح وهذا يؤثر على عملية البحث العلمي والوظيفة التي يقوم بها هذا المركز، لذلك كان لابد من حسم قضية الامكانيات المادية والقدرات البشرية، والصيغة التنظيمية التي تسمح بتعدد الافكار هي فتح باب الاجتهاد أمام الباحثين بمعنى أن لا يكون هناك محظورات أو ممنوعات على البحث، كل شيء مطروح للبحث ويجب أن يدرس بوضوح. والنقطة الثالثة التي هي عدم السماح لأي خلافات في أي بلد عربي أن تنعكس على رسالة المركز وعلى قدرته في تأدية وظيفته، بمعنى أن المركز حصن نفسه ببيئة عمل تشجع وتعمل من أجل البحث العلمي دون أن تسمح لنفسها أن تكون طرفا في أي تناقضات آنية حاصلة بين هذا البلد أو ذاك، أو حتى في البلد المستضيف لاي فرع من فروع المركز العربي وهذه طبعاً عملية دفعت بكثير من الذين كانوا راغبين في أن يفتحوا فروعا للمركز لأن يتحفظوا، يعني يترددوا في أن يسمحوا للمركز بالعمل.

النقطة الاساسية التي تم الوقوف أمامها بتركيز، هي أن يكون لنا تعريف عربي يتلاءم وامكانيات الفكر العربي وسقفه وأرضيته وانطلاقته في تعرف ماذا نريد نحن بالفكر الاستراتيجي في الوطن العربي، الفكر الاستراتيجي لا أستطيع أن أقول مثلاً إن أي بلد عربي يمكن أن يفكر أو يضع رؤية استراتيجية مثلما تفعل مراكز الدراسات في الولايات المتحدة الامريكية، هذا النوع من لاواقعية وضرب من ضروب الخيال، وغير ممكنة. لكن عمليا لن تكون لها فائدة أو أي مردود ملموس على طبيعة أو نشاط هذا المركز، من الأفضل أن يكون للمركز رؤية استراتيجية تتلاءم والبيئة التي يعمل من أجل تغييرها والبناء عليها، لهذا كان لابد من أننا نتعامل من واقع قيام المركز العربي للدراسات الاستراتيجية بواقع التعدد الموجود في البلدان العربية، أي أن المركز يجب أن لا يكتفي فقط بأن تكون له مجلة سواء أن تكون شهرية أو فصلية تنشر ما يريد من أبحاث أو دراسات وينظم مؤتمرات وندوات وحسب، لا، المركز العربي للدراسات الاستراتيجية حاول أن يستفيد من النافذة التي فتحت أمامه وبالتالي أن يضيف شيئا إلى ما تقوم به مراكز الدراسات الاستراتيجية في الوطن العربي، لهذا وضعنا في أساس عمل المركز العربي للدراسات الاستراتيجية قاعدة مهمة.

هذه القاعدة هي أن المركز الرئيسي في الأعلى يقود نشاطات المركز وجهده وبالتالي في كل فرع من الفرع يتبع المركز الرئيسي ولكن في نفس الوقت يمثل الفرع وحدة بحثية مستقلة مسئولة عن نشاط علمي معين بمعنى أن الفرع في اليمن يختص بنشر بحث ونشر ما يخص اليمن من موضوعات ولا تقرر هذه المسألة في المركز الرئيسي وإن كان الأعلى ففرع اليمن هو ما يقرر ما يدور في إطار بيئته الجغرافية، وبنفس الشكل في مصر وكذلك في الإمارات، ولهذا توزعت المهمات بحيث كل فرع من الفروع يتبع المركز الرئيسي لكنه يقوم بأنشطته المستقلة في اطار النشاط العلمي للمركز، التي هي سلسلة الاصدارات التي تحدث عنها الأستاذ نجيب يابلي في البداية.

هل نكتفي بكتابة الأبحاث وحسب؟ لا هذا لا يكفي، فمشكلة البحث العلمي في بلد مثل اليمن هي تدني مستوى الباحثين فيما يخص التعامل مع اللغات الأجنبية فعدد الأكاديميين الذين يجيدون التعامل مع لغات أجنبية في مسألة البحث العلمي قليل، لهذا شعرنا أن المهمة المكملة والوجه الآخر من وظيفة البحث العلمي هي توفير ترجمات من الفكر العالمي ومن مراكز الدراسات الدولية والمراكز الاستراتيجية الدولية نخبة من الدراسات تترجم إلى اللغة العربية وتكون تحت تصرف هؤلاء الأكاديميين والباحثين ليستعينوا بها سواء في معرفة نظرة الغرب إلينا والى بلداننا أو ليلموا بأساليب البحث العلمي بشكله الحديث، وهذه طبعا وظيفة مهمة نشعر أن لهاا أولوية فيما يخص نشاط المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، الذي ركز على ترجمة الأبحاث لإيصالها إلى الباحثين العرب ليستفيدوا منها في كل الاتجاهات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى