كلمات تطنّ في أذني

> د. سمير عبدالرحمن الشميري :

>
د.سمير عبدالرحمن الشميري
د.سمير عبدالرحمن الشميري
شيخ الإسلام أحمد تقي الدين ابن تيمية (660- 768هـ)، الذي سماه الأستاذ عبدالرحمن الشرقاوي بالفقيه المعذب، يري أن (الجهل والظلم هما أصل كل شر). والعلامة المجتهد محمد بن علي الشوكاني (1760-1884م)، يقول إن (المصاب بالعمى لا يقود الأعمى). فالجهل يلسع بسياطه الشعوب ويلتهم مساحة النور والأمل، ويصيب قلب الأمة بالتصدعات والتقهقر والهزال المعرفي.

فالعالم المصري أحمد زويل (من مواليد 1946م)، تقفز من حنايا ذاكرته حفنة من الذكريات عن زميل له في الدراسة الجامعية في أمريكا، حيث كان يعتقد زميله أنه لا يمكن لمصري أن يكون متفوقاً علمياً، ولا يتوقع مطلقاً أن يحصل عربي على جائزة نوبل للعلوم. فالصور المهشمة والتلابسات الشائعة عن مجتمعاتنا ورأسمالنا البشري والعوامل الطاردة للثقافة والعلوم، جعل البعض في الضفة الأخرى ينظر إلينا بنوع من السخرية والازورار.

فنحن أمة فقيرة ومتخلفة وغير منتجة ومستهلكة لكل شيء، فالفقر لا يعني فقط العيش على شيء من القلة والشظف وانخفاض مستوى المعيشة والتدني المنخفض لدخل الفرد، بل يشمل الفقر بمعناه الواسع نسبة حصول الفرد على الخدمات والماء والكهرباء والصحة والمعرفة والثقافة والتعليم والقراءة والكتابة.

تشير إحدى الدراسات (أن حصة الفرد اليمني من الإصدارات والمنشورات خلال الفترة 2000-2003م فقط 007.0) . وأنه لأمر مفزع أن يكون متوسط القراءة للمواطن العربي 6 دقائق في السنة، وأن كتاباً واحداً يصدر سنوياً لكل ربع مليون من السكان. وحسب تقرير منظمة (اليونيسيف) (فإن نصف النساء العربيات يجهلن القراءة والكتابة، وأن 10 ملايين طفل عربي خارج المدرسة).

فأموال الأمة لا بد أن تذهب للتنمية الحقيقية ومطاردة الجهل الذي يفرض ظلمته على كل شيء «فإسرائيل تعتبر من الدول الرائدة في العالم من حيث حجم الأموال التي تنفقها في مجال التربية والتعليم، حيث إنها تنفق 6.8% من الإنتاج المحلي الإجمالي على التعليم، وفي كوريا 2.8%، وفي أمريكا 3.7%، وفي الدنمارك 1.7%» (الكويت، العدد 254).

فالجهل من الأعطاب الكبرى في حياتنا يبعدنا عن العصر ويجعلنا دائماً على حافة الخطر نقدم على مغامرات خرقاء تثير العبوس.

لقد أفزعني ذات يوم أحد المتغطرسين الذي ما زالت كلماته تطن في أذني، حين قال متفاخراً: لم أشتر قط في حياتي جريدة أو مجلة أو كتاباً، فالقراءة مضيعة للوقت ومفسدة للنفوس.

فالأمم المتمدنة تصرف أموالاً طائلة للعلم والثقافة، ويصنع المبدعون من القراءة مفردات الضوء والتوهج والمعرفة. فالقراءة غذاء للروح والعقل، وقد أبدو متبجحاً إن قلت، إني كنت ومازلت مسحوراً بالقراءة، فالقراءة «تعني لي أولاً: المعرفة، الضوء، الخروج من دائرة الجهل.. وتعني لي ثانياً: المتعة، فلا شيء في الدنيا بالنسبة لي يعادل القراءة.. وإذا لم أقرأ أشعر وكأنني لم أتناول وجباتي الغذائية الكاملة»، (د. عبدالعزيز المقالح).

لماذا لا نمرن أطفالنا على مهارة القراءة والكتابة والنقد والتبصر؟ لماذا توصد الأبواب في وجه العقول النيرة والكتب والأقلام الجادة؟ ولماذا نحب السباحة دائماً في السطوح الراكدة؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى