أيام الأيام...محطات لتحلية وتكرير مياه المحيطات والصرف الصحي..عالم يخترع وعالم يبترع

> محمد علي محسن :

>
محمد علي محسن
محمد علي محسن
قبل عام أو أكثر تصدرت صورة رئيس حكومة سنغافورة واجهة الصحف والمجلات وشاشات التلفزة التي قامت بنشر الصورة على ذاك المنحى من الإثارة والدلالة بينما هو يشرب قنينة مياه معدنية عبوة واحد لتر، وبتعليق بسيط وضع أسفل الصورة مفاده تدشين أول منتج لمياه شرب نقية من تحلية مياه الصرف الصحي. ولكم أن تتصوروا قدرة الإنسان الآسيوي في هذه الجزيرة الملتصقة في كيان آلاف الجزر لأرخبيل ماليزيا واندونيسيا وسكانها لا يتعدون الثلاثة الملايين ومع ذلك حققت معجزات صناعية وتجارية في ظرف عقدين وليس آخرها اعادة تكرير المياه القذرة أو مياه المراحيض.

معاناة اليوم ليست وليدة المصادفة بل هي نتاج سنوات من اللامبالاة إزاء مشكلة المياه المزمنة والمؤرقة لسكان البسيطة فبينما العالم كله في صراع دائم ويخترع أنجع الوسائل والطرائق الكفيلة بضمان تدفق المياه لأجيال المستقبل الأتية بعد حين، نحن للأسف الشديد لا نجيد الاختراع مثل قدرتنا على البرع أو البدع المستفحلة في ذهنية الإنسان اليمني، التي باتت نذرها اليوم عصية الإدراك لعاقل حول ماهية المستقبل الذي ننشده لأطفالنا وقبل كل شيء لأنفسنا في بلد ينزع أهله للقضاء على بقايا عصب حياة عمره آلاف السنين بدلاً من الحفاظ عليه أو تنمية موارده، فكل ما نملكه إزاء الاستنزاف الجائر لمخزون المياه لا يعدو الكلام النظري الاستهلاكي المشحون بأرقام مفزعة ومصاعب لا حصر لها ومعالجات وبدائل وطرائق حديثة كالري بالتقطير أو التنقيط وتشييد السدود والحواجز وتجريم الحفر .. الخ.

الحقيقة إن دولة مثل إسرائيل لم تثنها 50 عاماً ونيف من الحرب مع العرب عن البحث العلمي إلجاد لمصادرها المائية فمنذ قيامها وهي في معمعان مشكلة المياه الكافية لاستخداماتها المختلفة وقبل خمس سنوات شرعت ببناء برنامج لتحلية المياه وذلك بحثاً عن الاكتفاء الذاتي من المياه من خلال إنشاء محطات التحلية، الأولى في عسقلان بكلفة 210 مليون دولار والمزمع إمدادها لإسرائيل بسبع كمية المياه المستهلكة وتعد المحطة المنتظر تشغيلها من أكبر محطات التحلية في العالم، إضافة إلى ثلاث محطات أخرى على شاطئ البحر المتوسط تأمل إسرائيل بناءها، فيما دولة مثل أسبانيا قررت بناء عدد من محطات التحلية الجديدة وتخلت تماماً عن تحويل مياه نهر أبرو إلى السهول الجنوبية التي اجتاحها الجفاف. وهنالك بريطانيا والولايات المتحدة وسنغافورة بدأت في إنشاء مثل هذه المحطات رغم الثروة المائية في بريطانيا وغيرها.

منذ 40 عاماً والعالم يخترع وسيلة لاستثمار مياه المحيطات البالغة 95% من مياه العالم فحتى لندن بسكانها الـ900 ألف أنشأت محطة تعبئة المياه من المحيط وكلفت 360 مليون دولار رغم أن المحطة كلفتها باهظة إذا ما نظرنا لوفرة المياه السطحية والجوفية لكن المسألة أكبر من ذلك بالنسبة لدول منهمكة في البحث أو الاختراع لأنجع التقنيات القادرة على تحلية المياه وبكميات تجارية غير مكلفة مثلما هو الحال في المحطات القديمة المخلفة أملاحاً كثيفة في البحار وتتطلب طاقة حرارية هائلة بالغة الكلفة وهي المشكلة الرئيسة التي أظهرت التطورات التقنية خلال السنوات العشر الماضية لمعالجتها تراجع كلفة الإنتاج للنصف، وما تزال الأسعار في انخفاض على نحو غير مسبوق من المنافسة لتطويع المحيطات والمجاري كمياه شرب فيما دول بارعة بالبرع وانطفاءات الكهرباء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى