النفي داخل الوطن

> «الايام» أحمد صالح مقبل / الملاح - لحج

> في قرية يسودها الحب والهدوء والانسجام، عاش عبدالرزاق مع أسرته، وكان ملتزماً ومحبوباً بين زملائه وأهل قريته لما يتمتع به من دماثة الأخلاق وحسن المعاملة .. كان متفوقاً في دراسته وقد أنهى دراسته الثانوية بنجاح. ولأجل بناء لبنات المستقبل اتجه صوب المدينة للالتحاق بالدراسة الجامعية، وانخرط في إحدى كليات الجامعة وكانت أسرته تكد وتبذل وسعها لتأمين مصاريف الدراسة والسكن لولدها، وبالمقابل يضع عبدالرزاق ذلك محل اهتمامه ويجتهد في دراسته. أنهى عبدالرزاق مساق البكلاريوس بتفوق، كان فرحاً وعاد إلى بلدته، استقبله أهله وأهل بلدته بالسرور والقبلات المصحوبة بالتبريكات. الحمد لله يا ولدي، هذا فضل الله عليك وعلينا، هكذا قال أبوه. ومع بدء تقييد أسماء المرشحين لوظائف الدولة اصطحب عبدالرزاق أوراقه وشهادته وقيد اسمه آملاً أن يكون أحد الموظفين لهذا العام. لكن المسكين لم يكن يدري أن عليه أن يكمل مساق بكلاريوس من نوع آخر، بكلاريوس في البحث عن الوظيفة!

أعلنت أسماء الفائزين بوظائف الدولة، ولكن لم يكن اسم عبدالرزاق بين تلك الأسماء، والغريب أن الموظفين الجدد ليسوا أكفأ منه. سلم المسكين أمره لله، وخضع للواقع المؤلم، ومرت السنون بلا جدوى. أنهى بكلاريوس البحث عن وظيفة بامتياز مع مرتبة الشرف، واستقر به الأمر في إحدى بقالات المدينة، وكان يردد دائماً قول الشاعر: «يمانيون في المنفى .. ومنفيون في اليمن».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى