عبدالقادر علي هلال ..نقلة حضارية في تاريخ حضرموت

> «الأيام» د. محمد أبوبكر حميد :

> رجل وديع لا تفارق الابتسامة محيّاه، يشرق بها وجهه، ويصدق بها عمله، ويكبر معها أمله. دمث الخلق، جم الأدب، حلو المعشر، يستمع بلا ملل، ينصت للغير بصبر. إذا تحدث أطنب في الحديث، يدرأ بالحسنة السيئةَ فإذا سمع ما يكره صمت، ودفع بالتي هي أحسن. يبشر ولا ينفر، وعلى كثرة المطلوب منه يجتهد بفعل المستحيل للالتزام بما يعد، فإذا لم يستطع اعتذر بلطف وحياء. متواضع، لا يتصنع، ولا يهتم بالأضواء، لا يحرص على الثناء بقدر ما يحرص على العمل تاركاً أعماله من بعده تتكلم عنه، دبلوماسي حصيف - رغم تحدره العسكري- لديه جواب لكل سؤال دون أن يكذب أو يجامل، فإذا وعد أنجز، وإذا لم يعد بشيء خرجت من عنده كلمة طيبة تسعدك، ويدخل بها السرور على قلبك.

هذا هو الأستاذ عبدالقادر علي هلال، محافظ حضرموت، الذي سمعت عنه كثيراً قبل أن أراه، ولكني لما رأيته وسمعته بنفسي، وجلست إليه كان أكبر مما رسمت له من صور في خيالي. فالصورة التي رأيتها لم تكن في شخصه وحده، ولكنها تتمثل في تحويل مدينة المكلا إلى خلية عمل لا يتوقف ليل نهار وهو في قلب هذه الخلية كالنحلة يزور ويتفقد ويتأكد ويشارك بنفسه وينهي اجتماع عمل ليبدأ آخر، وفي الوقت نفسه يتابع تنفيذ كل قرار وحل كل مشكلة، وبحث كل شكوى، ولا يفوته تسجيل كل شاردة أو واردة تصله من مواطن شفهياً أو في خطاب، ويوجد معه شاب يرافقه كظله يسجل - بتعليمات منه - كل تلك الملاحظات والشكاوى ويحتفظ بالرسائل ثم يعيد عرض كل ذلك عليه ويسجل قراراته فيها، فلا تشرق شمس اليوم التالي إلاّ وقد أتخذ ما يلزم في كل تلك الأمور.

وهو رغم كل هذه المشاغل الجمة التي يزدحم بها جدول نهاره وليله، حريص على إرضاء كل الناس ومقابلة كل ضيف يفد البلاد وإكرامه، وإنزاله منزلته اللائقة به، فلا أعرف مغترباً زار حضرموت وقابل محافظها إلا وعاد مسروراً يحمل مشاعر الحب والامتنان لهذا الرجل الهمام، وبهذا الخلق الرفيع والحب العظيم لحضرموت استطاع عبدالقادر علي هلال أن يستقطب الكثير من المستثمرين المهاجرين للمشاركة في بناء وطنهم وإعماره وبتشغيل أبنائه، وبالفعل جاء منهم العشرات أفواجاً، ووضعوا أيديهم في يده، وشمروا عن سواعد العمل حباً لحضرموت، ووفاءً لشعبها، وثقة وتقديراً لمحافظها الوطني المخلص.

بهذه الروح المتألقة، والعزيمة الصادقة، والهمة العالية يقود الآن عبدالقادر علي هلال النقلة الحضارية التي تعيشها حضرموت بتوجيهات من رئيس الجمهورية الحكيم، وهي مرحلة سيذكرها التاريخ بحق بأنها مرحلة فاصلة في تاريخ حضرموت، فبقدرما تم فيها اختزال عشرات السنين، تم فيها تعويض شعب حضرموت عما أصابه من ضر وظلم وإهمال، ولهذا فلا عجب أن يكون الحضارم أول من يرحب بالوحدة، وأكثر من يتمسك بها، وأهم من يحرص على التضحية في سبيل المحافظة عليها، وقد أثبتت الأحداث لهم بالحقيقة الواقعة أن لا مستقبل زاهر لحضرموت إلاّ تحت ظلال شجرة الوحدة الخضراء الحانية بعدما أحرقتهم طويلاً وكثيراً نار النجمة الحمراء الظالمة على مدى ثلاثة عقود.

وما يفعله محافظ حضرموت الأستاذ عبدالقادر علي هلال ما هو إلاّ ترجمة حب وإخلاص أهل حضرموت للعمل، لا يعاد فيه إعمار مدينة المكلا وحدها التي أصبحت الآن عروس البحر العربي، وإنما يمتد الإعمار والبناء إلى كل مدن حضرموت وقراها ونجوعها، وهذا ما أعتقد أنه سيبدأ بمجرد الانتهاء من احتفالات الذكرى الخامسة عشرة للوحدة في حضرموت تقديراً لمكانتها وإخلاص شعبها. فإذا قلت إني سعدت بزيارة وطني بعد غياب خمس سنوات فإن منبع السعادة أنني وجدت من يعمل جاهداً على تحقيق الحلم، وزراعة الأمل، وحصاد العمل.. إنه عبدالقادر علي هلال الذي رأيت فيه حضرموت تمشي على قدمين، تعتبر بالماضي، وتتفاءل بالحاضر، وتمشي بخطى واثقة نحو المستقبل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى