كاتب.. الخصومة بين الفصحى "المتدهورة" والعامية مفتعلة

> القاهرة «الأيام» سعد القرش:

> يرى عبد الله التطاوي أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة أن واقع اللغة العربية الفصحى في مصر أصابه كثير من التدهور والتدني، ولكنه برأ اللهجة العامية من المسؤولية لأنها "عملة جيدة عبرت عن كيان أهلها (كما) قدمت عامية الزجل العربي للبشرية تجارب رفيعة المستوى."

وقال إن الخصومة بين العامية والفصحى مفتعلة، بدليل أن البسطاء لا يزالون يرددون أغاني فصيحة لكبار المطربين العرب منها قصائد أصبحت من كلاسيكيات فن الغناء مثل (الأطلال) لإبراهيم ناجي بصوت أم كلثوم و(رسالة من تحت الماء) لنزار قباني بصوت عبد الحليم حافظ "دون معاناة أو عجز عن الفهم."

وأضاف في كتابه (اللغة والمتغير الثقافي.. الواقع والمستقبل) أن للعامية مجالاتها "الخصبة الثرية في حقول الإبداع الأدبي ولها ضرورات الاستعمال الوظيفي في الحوارات الروائية والمسرحية العاكسة للأبعاد المعرفية والنفسية والفكرية لشخصيات العمل الدرامي أو الكوميدي."

والكتاب الذي صدر عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة يقع في 276 صفحة من القطع الكبير ويناقش قضايا منها (الدفاع عن اللغة العربية واجب قومي) و(تحديث مناهج اللغة العربية) و(إصلاح التعليم) و(مركز اللغة العربية وتصحيح الصورة لدى الآخر) و(تعريب العلوم) و(الأدب وحرية التعبير) و(الشعر وتوثيق التاريخ) والعلاقة بين حركة الأدب من جهة والإعلام المقروء والمرئي من جهة ثانية.

وفي فصل عنوانه (الشعر العربي.. الحاضر والمستقبل) استعرض المؤلف ما وصفه بخصوصة لغة الشعر وضرورة الارتقاء بها مشيرا إلى جهود رواد حركات التجديد في أوزان الشعر.

وقال التطاوي إن استدعاء التراث في قصائد الشاعر المصري صلاح عبدالصبور (1931 - 1981) "سيظل علامة دالة على أصالة ثقافتنا وقدرتها على البقاء ومعايشة كل أنماط التجديد الإبداعي والنقدي على السواء."

ولكنه رأى أن قصيدة النثر وهي الأكثر شيوعا الآن في المشهد الشعري العربي "يحسن استبعادها من دائرة الشعر، ذلك أن الخروج التام على كل أساس وزني مطرد هو خروج عن سياج العملية الشعرية إبداعيا والدخول في منطقة أخرى غير الشعر، بل هو خروج على طبيعة الأشياء وضرب من خلط الأوراق وتجاوز لاحترام خصوصية النوع الأدبي الذي تأصلت موسيقاه وتأسست عبر أجيال أبدعت ووعت وتابعت، فكان لها حسن الإبداع وصحة المتابعة وعمق الوعي."

وبلغ عمر قصيدة النثر العربية حوالي نصف قرن منذ التجارب الأولى التي نشرت في مجلة (شعر) اللبنانية في الخمسينيات وكان من بين شعرائها ومنظروها أنسي الحاج وأدونيس ومحمد الماغوط.

ولم يرفض المؤلف هذا اللون من الإبداع تماما بل أعلن ترحيبه "بهذا الطرح الذي لا يهدر طاقة الشعر من حيث هو بوح وإفضاء كما توارثناه عن القدماء."

ولكن التطاوي الذي يشغل منصب نائب رئيس جامعة القاهرة، يأخذ في أحيان موقف الواعظ ويصف العربية بأنها "أشرف لغة على وجه الأرض لخير أمة أخرجت للناس" و"لغتنا يا سادة لها جمالها وفصاحتها ورونق مفرداتها وإيقاعها الصوتي ودلالاتها المجازية" و"لغتنا يا سادة حية وليست من اللغات الميتة فلا هي من اللغات التاريخية التي انتهى عمرها الافتراضي أو تاريخ الصلاحية ولا هي من لغات الشعائر والطقوس الدينية" و"لغتنا عبقرية بماضيها وأحسبها تظل عبقرية أيضا بحاضرها ومستقبلها لاسيما إذا أحسنا إليها كما أحسنت إلينا علما ودينا وفكرا وثقافة وفنا."

وأضاف في مواضع أخرى "العيب فينا أيها السادة حين نجهل لغتنا أو حين نعجز عن التعامل الصحيح والصريح بها" و"بيننا وبين لغتنا رحم لا ينقطع ولنا معها شأن عظيم إن وقفنا في صفها مجددين مطورين كما صنع الأجداد فسادوا الدنيا وعزوا بها وبكيانها وعززوها ونصروها." رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى