الحق في المعرفة (أو الحق في حرية المعلومات) والحق في محاكمةعادلة { 5 }

> «الأيام» القاضي د.محمد جعفر قاسم:

> ولتلافي الجدل حول القواعد التي تتمتع بالإلزام القانوني وتلك التي لا تتمتع بهذه الصفة فإن القواعد التي تتمتع بالإلزام القانوني تكون هي تلك القواعد التي تتضمنها:1- قوانين البلد الذي تجرى فيه المحاكمة.2- معاهدات حقوق الإنسان التي انضمت إليها تلك الدولة.3- القواعد العرفية للقانون الدولي.

وفي اليمن نجد أن القواعد المتعلقة بالحق في الحصول على محاكمة عادلة يتضمنها دستور الجمهورية وقانون الإجراءات الجزائية وقانون العقوبات وقانون السلطة القضائية.

وتتمتع كافة هذه القواعد بالصفة الملزمة.

ويبدأ الحق في الحصول على محاكمة عادلة ليس فقط من تاريخ توجيه لائحة الاتهام، بل من تاريخ اتخاذ السلطات الرسمية أي إجراء يؤثر على مركز الشخص المعني. وعليه ينبغي مراعاة التقيّد بضمانات المحاكمة العادلة منذ تاريخ إجراء أي تحقيق ضد أي متهم حتى رفع الدعوى والسير بها بما فيها الاستئناف والحقوق الأخرى.. ويتم التمييز عادة بين مراحل ما قبل المحاكمة والمحاكمة الفعلية وما بعد المحاكمة. وخرق أي حق يتعلق بالمحاكمة العادلة في أي من هذه المراحل الثلاث يؤثر فعلياً على المراحل اللاحقة.

وعندما نشير إلى العهد الدولي فإننا نعني بذلك العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966م.

أولاً: في مرحلة ما قبل المحاكمة
1- حظر الحجز والاعتقال التعسفي

تنص المادة (1)9 من العهد الدولي أنه: (لكل فرد حق في الحرية وفي الأمان على شخصه).

و قد فسرت هذه المادة على أنها تعني حرية الحركة الجسدية لكل إنسان التي تقيد عندما يجبر الشخص على الإقامة في حيز مكاني مثل السجن أو أماكن الاعتقال. وبموجبها(لن يخضع أي شخص لأي احتجاز أو اعتقال تعسفي) و(لن يحرم أي شخص من حريته إلا بناءً على أسباب وإجراءات ينص عليها القانون) ويقصد هنا بالقانون، القانون المكتوب والقانون غير المكتوب الذي تأخذ به الدول الانجلوساكسونية.

ومنع التعسف يعني أنه ينبغي أن يكون القانون ذاته الذي ينص على الأسباب أو الإجراءات لتقييد الحرية، قانوناً غير تعسفي. أي أن الحرمان من الحرية الذي ينص عليه القانون ينبغي أن لا يكون (غير متناسبٍ بصورة واضحة، أو أن يكون غير عادل أو لا يمكن التنبؤ بأحكامه و ينبغي أن لا تتصف الطريقة التي تم بها الحجز أو الاعتقال بالتمييز بين الأفراد و أن تتصف بالملائمة والتناسب وفقاً لظروف القضية.)

وفي اليمن نلاحظ أن التشريع يكفل للمواطنين حرياتهم الشخصية وكرامتهم وأمنهم فتنص الفقرة (أ) من المادة (48) من الدستور على ما يلي:

المادة (48-أ): تكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم ويحدد القانون الحالات التي تقيد بها حرية المواطن ولا يجوز تقييد حرية أحد إلا بحكم من محكمة مختصة.

أ - لا يجوز القبض على أي شخص أو تفتيشه أو حجزه إلا في حالة التلبس أو بأمر توجبه ضرورة التحقيق وصيانة الأمن يصدره القاضي أو النيابة العامة وفقاً لأحكام القانون. ولا تقتصر هذه الضمانات على ما ينص عليه الدستور بل أنها توجد في قانون الإجراءات الجزائية المنفذ لما يورده الدستور من أحكام فتنص المادة (7) منه على ما يلي:

1- الاعتقالات غير مسموح بها إلا فيما يرتبط بالأفعال المعاقب عليها قانوناً ويجب أن تستند إلى القانون.

2- تفرج النيابة العامة فوراً على كل شخص قيدت حريته خلافاً للقانون أو وضع في الحبس الاحتياطي لمدة أطول مما هو مصرح به في القانون أو في الحكم أو أمر القاضي.

2-الحق في معرفة أسباب الاحتجاز
تنص الفقرة الثانية من المادة التاسعة من العهد الدولي على أنه (يتوجب إبلاغ كل شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف أو الاحتجاز لدى وقوعه كما يتوجب إبلاغه بأية تهمة توجه إليه.)

وقد ُفسر هذا النص على أنه يعني إشعار أي شخص يتم احتجازه بالأسباب العامة التي تدعو إلى احتجازه وذلك في الوقت الذي يتم فيه القبض عليه، بينما ينبغي أن يتم تقديم المعلومات اللاحقة بشكل دقيق و أن تتضمن الاتهام بالصيغة القانونية.

إلا أننا نلاحظ أن هذا النص يفيد ضرورة تقديم المعلومات الكافية التي تسمح للمتهم بتحدي قانونية احتجازه وأسباب ذلك الاحتجاز وتوضيح الحقوق الأخرى (مثل الحق في الحصول على محامٍ)، كما يجب تقديمها بلغة يفهمها الشخص المقبوض عليه. وبالتالي يكون له الحق في الحصول على مترجم كفء في حالة عدم معرفته بلغة لائحة الاتهام ويسري هذا الحق على كافة مراحل ما قبل المحاكمة.

ويتضمن قانون الإجراءات الجزائية اليمني هذه الضمانات التي ينص عليها في المادة (73) على النحو التالي:( يبلغ فوراً كل من قبض عليه بأسباب هذا القبض وله حق الاطلاع على أمر القبض والاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع والاستعانة بمحامٍ ويجب إعلانه على وجه السرعة بالتهمة الموجهة إليه).

كما ينص الدستور (الفقرة ج من المادة 48) على إخطار المقبوض عليهم بأسباب القبض وعلى وجوب تقديمهم إلى القضاء (المحكمة أو النيابة العامة) خلال أربع وعشرين ساعة.

3-الحق في الحصول على محامٍ
يشكل هذا الحق أكثر الضمانات أهمية للحصول على محاكمة عادلة لأنه الحق الذي اتضح أنه عادة ما يخرق و لا يتقّيد به . وينص المبدأ الأول من المبادئ الأساسية للمحامين على ما يلي:

(لجميع الأشخاص الحق في الحصول على مساعدة بمحامٍ يختارونه لحماية وإظهار حقوقهم وللدفاع عنهم في جميع مراحل المحاكمة الجنائية) ويتعلق هذا الحق بصورة خاصة بالاحتجاز في مرحلة ما قبل المحاكمة.

ويبدأ الحق في الحصول على مساعدة محامٍ منذ لحظة الاحتجاز أو الاعتقال أو القبض، فإذا كان المحتجز أو المقبوض عليه غير قادر على دفع مصاريف المحامي فينبغي على الدولة توفير تلك المصاريف إذا اقتضت ذلك مصلحة العدالة وفقاً للمبادئ الأساسية للمحامين.

وينص المبدأ الثامن من المبادئ الأساسية للمحامين أن تؤمن السلطات الرسمية للمقبوض عليهم أو المحتجزين الحق في زيارتهم وفي التواصل مع محاميهم بدون تأخير أو انقطاع أو مراقبة وبسرية تامة. وعندما تتم المقابلة بينهم وبين محاميهم فينبغي أن تتم المقابلة تحت نظر الموظفين القانونيين، ولكن على أن لا تكون قابلة للسماع من قبل أولئك الموظفين.

وفي اليمن تنص الفقرة (ب) من المادة (48) من الدستور على حق الشخص المحتجز بالامتناع عن الإدلاء بأقواله إلا بحضور محاميه. كما تنص الفقرة (د) من المادة (48) من الدستور على أنه عند إلقاء القبض على أي شخص لأي سبب يجب أن يخطر فوراً من يختاره المقبوض عليه كما يجب ذلك عند صدور كل أمر قضائي باستمرار الحجز فإذا تعذر على المقبوض عليه الاختيار وجب إبلاغ أقاربه أو من يهمه الأمر.

كما أن المادة (49) من الدستور تكفل للمتهمين حق الدفاع أصالة أو وكالة في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وأكدت على ذلك المادة (1) من قانون الإجراءات الجزائية التي أوجبت على الدولة توفير محامٍ للمتهم إذا كان فقيراً وكذا المادة (73). وقد تم إدراج الفقرة (د) من المادة الدستورية رقم (48) في المادة 77 من قانون الإجراءات الجزائية بنص صيغتها الواردة في الدستور.

وهكذا نلاحظ أنه يترتب على السلطات التي تقوم بالقبض والاحتجاز أن تقوم بإخطار الشخص الذي يختاره المقبوض عليه فإن لم يختر ذلك كان عليها أن تخطر أقاربه باحتجازه.

4-الحق في مثول المتهم أمام القضاء لتحدي مشروعية الحجز والاعتقال
تنص الفقرة 3 من المادة (9) من العهد الدولي على حق المحتجز أو المقبوض عليه بأن يعرض سريعاً على قاض أو أي موظف آخر يخوله القانون ممارسة سلطة قضائية، وعلى حقه في أن يحاكم خلال وقت معقول أو أن يطلق سراحه .

وقد فسرت لجنة حقوق الإنسان كلمة (سريعاً) على أنها تعني أن فترة الاحتجاز قبل عرض الشخص على القاضي أو الموظف الآخر، ينبغي أن لا تتجاوز بضعة أيام.

والفقرة (3) من المادة (9) من العهد الدولي صريحة بالإفادة أن الاحتجاز قبل بدء المحاكمة يجب أن لا يصبح القاعدة العامة وتنص بصورة غير مباشرة على مشروعية طلب المحتجز إطلاق سراحه مقابل تقديمه لكفالة أو تقديمه لضمان آخر للمثول عند المحاكمة. وأكثر من ذلك فإن المادة (3) 9 تنص على أنه إذا لم تجر المحاكمة خلال مدة معقولة فعندئذٍ يجب إطلاق سراح المتهم من الاحتجاز قبل بدء المحاكمة. والفترة التي تعتبر معقولة تعتمد على ظروف القضية، وطبيعة الجريمة ومدى حرص جهات التحقيق والادعاء في متابعة القضية.وبدون أن تنص عليه صراحة، فإن الفقرة (4) من المادة 9 من العهد الدولي تنص على الحق في إطلاق السراح، وهو الحق الممنوح لأي شخص جرّد من حريته بالاحتجاز أو بالقبض عليه بأن يتخذ الإجراءات أمام القضاء لكي يقرر بدون تأخير حول مشروعية احتجازه وأن يأمر بإطلاق سراحه إذا كان الاحتجاز غير قانوني.

في هذا الصدد ينبغي ملاحظة أن:

1- كلمة (محكمة) تفيد ليس فقط المحكمة التي تتمتع بالولاية العامة، بل أيضاً المحكمة المتخصصة كالمحكمة الإدارية أو الدستورية أو العسكرية.

2- أن قرار المحكمة يتعلق فقط بمدى مشروعية الاحتجاز.

3- أن ما يشكل (تأخيراً) يجب أن يقدر وفقاً لظروف القضية.

وينبغي أن تكون إجراءات إطلاق السراح بسيطة وسريعة وبدون رسوم إذا كان المحتجزون أو المقبوض عليهم غير قادرين على دفع النقود. ويتمتع المقبوض عليهم بالحق في مراجعة مشروعية احتجازهم خلال فترات معقولة.

وتنص الفقرة (5) من المادة (9) من العهد الدولي على أنه يحق لأي شخص يتم احتجازه أو القبض عليه بصورة غير قانونية أن يطالب بالتعويض. وينشأ هذا الحق عندما تتم مخالفة الفقرات من (1) إلى (4) من المادة 9 من العهد الدولي أو عندما تتم مخالفة أي نص قانوني داخلي.

ولا يوضح العهد الدولي الطريقة التي يتم به التعويض في هذه الحالات ولكن يعتبر بصورة عامة بأنه يعود إلى حق المحتجز الشخصي برفع دعوى مدنية إما ضد الدولة أو الهيئة أو الشخص المسؤول عن التصرف غير القانوني.

وفي اليمن نلاحظ أن الدستور يلزم الجهات المختصة بتقديم كل شخص يقبض عليه بصفة مؤقتة بسبب الاشتباه بارتكابه جريمة إلى القضاء خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ القبض عليه على الأكثر كما يلزم الدستور القاضي أو النيابة العامة حسب الأحوال إصدار أمر مسبب باستمرار القبض أو الإفراج عنه. وفي كل الأحوال لا يجوز للنيابة العامة الاستمرار في الحجز لأكثر من سبعة أيام إلا بأمر قضائي ويحدد القانون المدة القصوى للحبس الاحتياطي (الفقرة ج من المادة 48) من الدستور. كما يوجب قانون الإجراءات الجزائية على النيابة العامة أن تفرج فوراً عن كل شخص قيدت حريته خلافاً للقانون أو وضع في الحبس الاحتياطي لمدة أطول مما هو مصرح به في القانون أو في الحكم أو أمر القاضي.

كما يجيز قانون الإجراءات الجزائية في مادته (82) على أن ينص في أمر القبض على إخلاء سبيل المقبوض عليه إذا وقّع تعهداً بالحضور مصحوباً بضمانة تحدد في الأمر أو بغير ضمانة، كما تعالج المواد 194-206 من قانون الإجراءات الجزائية الإفراج المؤقت عن المتهمين.

وأقصى مدة للحبس الاحتياطي بموجب المادة (191) من قانون الإجراءات الجزائية ستة أشهر من تاريخ إلقاء القبض.

5-منع التعذيب والحق في الحصول على ظروف إنسانية خلال مرحلة الاحتجاز قبل بدء المحاكمة
تحظر المادة (7) من العهد الدولي التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية كما يشكل هذا الحظر إحدى قواعد القانون الدولي.

وتعريف التعذيب والحماية منه قد وضع في عام 1984م في (المعاهدة ضد التعذيب) التي تنص المادة (1) 1 منها على ما يلي:

كلمة (تعذيب) تعني أي عمل ينجم عنه ألم شديد أو معاناة سواء كانت جسمانية أو عقلية يوجه ضد شخص لأغراض يكون منها الحصول منه أو من شخص ثالث على معلومات أو اعتراف سيعاقب عليه عن ما قام به أو قام به شخص ثالث أو يشتبه في القيام به أو بتهديده أو إجباره هو أو شخص ثالث، أو لأي سبب مبني على التمييز القائم على أي نوع، عندما يكون ذلك الألم أو تلك المعاناة قد تم توجيهما بناء على تحريض أو موافقة أو معرفة موظف عام أو شخص آخر يتصف بالصفة الرسمية. ولا يشمل الألم أو المعاناة ذلك الناشئ فقط عن عقوبات مشروعة. وتعريف (التعذيب) الذي جاء به النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية كجريمة ضد الإنسانية عندما يرتكب على نطاق واسع أو بطريقة منتظمة، هو تعريف أوسع قليلاً من تعريف التعذيب الذي تبنته المعاهدة الدولية لعام 1984م ضد التعذيب. فخلافاً للمعاهدة فإن تعريف النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يشتمل على الأفعال التي يرتكبها أشخاص من غير الموظفين العامين أي من أفراد مستقلين بدوافع خاصة. وبموجب المادة (2) 2 من معاهدة التعذيب لا يمكن التمسك بأي ظرف استثنائي كائناً ما كان (سواءً حالة حرب أو خطر الحرب، أو عدم الاستقرار الداخلي أو أي ظرف عام طارئ،) كمبرر للتعذيب. وتلزم الدول باتخاذ الإجراءات التشريعية والإدارية والقضائية والإجراءات الأخرى للحيلولة دون ارتكاب أعمال التعذيب على أية أرض أو إقليم يخضع لسيادتها. وأكثر من هذا فإن المادة (3)2 من المعاهدة لا تجيز التمسك بالأوامر العليا كمبرر للقيام بالتعذيب وتنص المادة (10) من العهد الدولي في فقرتها الأولى بأن (جميع الأشخاص الذين يتم تجريدهم من حرياتهم يجب أن يعاملوا بصورة إنسانية ومع احترام كرامة الإنسان).

ووفقاً للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة لا تستطيع الدول أن تتمسك أو تتعذر بعدم توفر الموارد المادية أو الصعوبات المالية كمبرر للمعاملة غير الإنسانية، كما تلزم هذه الدول بأن توفر للمقبوض عليهم وللمسجونين الخدمات التي تلبي احتياجاتهم الأساسية. فمثلاً يتمتع المعتقلون بحق الحصول على الطعام وعلى اللباس وعلى العناية الطبية الملائمة وعلى الاتصال بعائلاتهم.

وفي اليمن نلاحظ أن الدستور يوجب صيانة كرامة المعتقلين ويحظر تعرضهم للتعذيب الجسدي أو النفسي أو المعنوي ويمنع القسر على الاعتراف أثناء التحقيقات ويحرم التعذيب والمعاملة غير الإنسانية عند القبض أو أثناء فترة الاحتجاز أو السجن وذلك في الفقرة (ب) من مادته الثامنة الأربعين.

كما يحظر قانون الإجراءات الجزائية في مادته السادسة تعذيب المتهمين أو معاملتهم بطريقة غير إنسانية أو إيذائهم بدنياً أو معنوياً أو بقسرهم على الاعتراف وكل قول يثبت أنه صدر من أحدهم أو من الشهود تحت وطأة شيء مما ذكر يهدر ولا يعوّل عليه.

6-حظر منع الشخص المعتقل من الاتصال بالعالم الخارجي
وجدت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أن منع المعتقل من الاتصال بالعالم الخارجي يخالف المادة السابعة من العهد الدولي التي تمنع التعذيب والمعاملة اللا إنسانية.

وينص المبدأ 19 من المبادئ حول السجناء على أنه: «يتمتع السجين أو المعتقل بالحق في أن تتم زيارته وأن تتم مراسلته خصوصاً من قبل أفراد عائلته، ويجب أن يعطى فرص كافية للاتصال بالعالم الخارجي، وفقاً لقيود معقولة ينص عليها القانون أو اللوائح القانونية».

وبحده الأدنى فإن الحق بالاتصال بالعالم الخارجي يشمل الحق بالاتصال بعائلة المحتجز وبالمحامي وبالطبيب.

وينص المبدأ 16 من مجموعة المبادئ حول السجناء على إبلاغ عائلة المحتجز أو المقبوض عليه سريعاً عن احتجازه ومكان احتجازه وإذا كان المحتجز أجنبياً فيجب السماح لممثلي حكومته بزيارته.

وفي اليمن المادة نلاحظ أن الفقرة (د) من المادة 48 من الدستور توجب على السلطات المختصة إبلاغ أقارب المقبوض عليهم أو من يهمهم الأمر بالقبض عليهم وعند كل تجديد للحجز.

كما يوجب قانون الإجراءات الجزائية في مادته (77) عند إلقاء القبض على أي شخص لأي سبب أن يتم إخطار من يختاره المقبوض عليه بواقعة القبض كما يجب ذلك عند صدور كل أمر قضائي باستمرار الحجز فإذا تعذر على المقبوض عليه الاختيار وجب إبلاغ أقاربه أو من يهمهم الأمر.

ونلاحظ أن عبارة (الشخص) هي عبارة عامة تشير إلى كل من المواطن أو الأجنبي.

ثانياً: في مرحلة المحاكمة
المادة 14 من العهد الدولي هي أكثر مادة لها صلة بموضوع البحث لأنها تنص على الحق في الحصول على المساواة أمام القضاء وعلى الحق في الحصول على محاكمة عادلة وعامة من قبل محكمة مستقلة ومحايدة ينص عليها القانون بغض النظر عما إذا كانت المحاكمات جنائية أو مدنية.

والفقرات التالية توضح الحقوق التي تنص عليها المادة (14) من العهد الدولي.

1-حق الوصول بصورة متساوية إلى القضاء وحق المساواة أمامه
تنص الفقرة الأولى من المادة (14) من العهد الدولي على أنه (يجب أن يكون جميع الأشخاص متساوين أمام القضاء.) وقد تم تفسيرها على أنها تعني ضرورة منح جميع الأشخاص، وبدون تمييز، الحق في الوصول إلى القضاء.

و من جهة أخرى تعني أن إنشاء محاكم منفصلة لمجموعات مختلفة من السكان على أساس عرقهم، أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم أو معتقداتهم السياسية أو الأخرى، أو أصلهم الوطني أو الاجتماعي أو ملكيتهم أو ميلادهم أو بناء على أي أساس آخر يكون مخالفاً للمادة (1) 14 من العهد الدولي.

غير أنها تعني إن إنشاء بعض أنواع المحاكم التي يكون لها الاختصاص على جميع الأشخاص الذين ينتمون إلى نفس الفئة، كالمحاكم العسكرية مثلاً لا يخالفها. ومع ذلك فإن هناك اعتقاداً راسخاً بأن قيام المحكمة العسكرية بمحاكمة المدنيين يعد أمراً تعوزه المشروعية.

وفي اليمن نلاحظ أن الدستور في مادته (51) يمنح المواطنين الحق باللجوء إلى القضاء لحماية حقوقهم ومصالحهم المشروعة.

كما أن قانون الإجراءات الجزائية ينص في مادته (5) على أن المواطنين سواء أمام القانون ولا يجوز تعقب إنسان أو الإضرار به بسبب الجنسية أو العنصر أو الأصل أو اللغة أو العقيدة أو المهنة أو درجة التعليم أو المركز الاجتماعي.

كما أن قانون العقوبات العسكرية وقانون الإجراءات الجزائية العسكرية لا يعاقبان أو يحاكمان سوى العسكريين فقط لا غير.

2-الحق في السماع القضائي العادل
هذا الحق المنصوص عليه في المادة (1) 14 من العهد الدولي يشتمل على الضمانات الإجرائية والضمانات الأخرى المنصوص عليها في الفقرات 2-7 من المادة 14 والمادة 15 .

إن أهم معيار لتقدير عدالة أية محاكمة هو مدى تقيدها بمبدأ المساواة بين حقوق الادعاء وحقوق الدفاع، وهذا يعني أن تعامل المحكمة كل منهما بطريقة تؤمن المساواة بين مركزيهما الإجرائي خلال المحاكمة.

ومن الصعب أن نحدد هنا لضيق الوقت الحالات المختلفة التي تشكل خرقاً لهذا المبدأ. وتتراوح هذه الحالات من رفض المحكمة إعطاء المتهم أو محاميه وقتاً كافياً لتحضير دفاعه إلى إقصاء المتهم أو محاميه من المثول أمام المحكمة عندما يكون ممثل الاتهام حاضرا ..إلخ. و نلاحظ بهذا الخصوص أن قانون الإجراءات الجزائية اليمني يقيم توازنا معقولا بين حقوق الادعاء وحقوق الدفاع .

3-الحق في علنية السماع القضائي
تضمن المادة (1) 14 من العهد الدولي الحق في السماع العلني للقضية الذي يعد أحد المفاهيم الأساسية للمحاكمة العادلة، ومع هذا هناك بعض الاستثناءات التي ترد عليه.

وعلنية السماع القضائي تعني علنية الإجراءات في كافة مراحل المحكمة وكذا النطق علناً بالحكم الصادر فيها. ولا ينحصر هذا الحق فقط على أطراف القضية بل يعد أيضاً حقاً للرأي العام في المجتمع الديموقراطي.

ويعني هذا الحق أنه يجب أن يمارس السماع القضائي بصورة شفوية (شفوية الإجراءات) وبصورة علنية بدون الحاجة إلى أن يطلب ذلك الأطراف.

ويمكن إقصاء الجمهور، بما فيهم الصحافة، من جميع أو بعض أجزاء المحاكمة لأسباب تتعلق بالأخلاق أو النظام العام أو الأمن القومي في المجتمع الديموقراطي، أو عندما تتطلب ذلك مصلحة الحفاظ على أرواح أطراف الدعوى أو مصلحة العدالة. واستثناء الجمهور من حضور المحاكمة لسبب أخلاقي يتعلق أساساً بالجرائم الجنسية.

وفسرت عبارة (النظام العام) لتعني حفظ النظام في جلسات المحاكمة، بينما الأسباب المتعلقة بالأمن القومي تشمل المحافظة على الأسرار العسكرية. أما الحياة الشخصية للأطراف فقد فسرت بأنها تعني العائلة والعلاقات الأبوية وما شابهها، مثل الوصاية، التي يمكن أن يلحق بها الضرر إذا تم سماع القضية بشكل علني. أما مصلحة العدالة فقد طبقت على حالات منها الانفجار العاطفي للجمهور الحاضر لجلسة المحاكمة ضد أو لصالح المتهم.

وبالنسبة للأحكام فينبغي النطق بها علناً باستثناء محاكمة القصر أو القضايا المتعلقة بالوصاية على الأطفال.

ويعد الحكم قد تم بصورة علنية وذلك عندما ينطق به علناً في قاعة المحكمة أو عندما ُينشر أو بالمزج بين هاتين الوسيلتين، والأمر الحاسم هنا أن يكون بمقدور الكل الحصول عليه. ويجب أن يسمح الحكم للمتهم بأن يستأنفه كما يجب أن ينطق به خلال فترة معقولة بعد السماع القضائي.


محاضرة قدمت الى ورشة العمل التي نظمتها وزارة العدل حول العلاقة بين القضاء والإعلام في 26-28/4/ 2005م.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى