مـع الأيــام...الوحدة .. وكلٌّ يغني على ليلاه

> محمد علي محسن:

>
محمد علي محسن
محمد علي محسن
ثلاثة أشخاص استوقفني كلامهم وحديثهم هذا الأسبوع عن الوحدة اليمنية من خلال حوارات ونقاشات أو لقاءات مع وسائل الإعلام المختلفة الإلكترونية والتلفزيونية والصحفية بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لقيام الوحدة اليمنية. أول هؤلاء د. ياسين سعيد نعمان، رئيس مجلس النواب الأسبق الذي قال في حديث صحفي: «ليس السبب الوحدة لكنهم الوحدويون وليس السبب الديمقراطية ولكنهم الديمقراطيون تماما مثلما هو حال الأفكار العظيمة التي يسيء إليها من يتصدون لتطبيقها»، هذه المخاوف بالطبع أكدها الدكتور في معرض حديثه عن خطر يهدد الوحدة والديمقراطية.

وكان الشخص الآخر الدكتور علي سيف حسن، رئيس المنتدى السياسي، الذي أوضح في ورقة تحليلية الأوضاع السياسية في البلاد وسبل تجاوزها بقوله في سياق مشروعه: «إن أبناء محافظات الجنوب نضالهم يصب لاستعادة الدولة التي يشعرون بفقدانها ضياع الكثير من المصالح والحقوق والامتيازات بينما أبناء المحافظات الشمالية نضالهم يتركز في سبل التغيير للنظام المتخلف الذي لا يرتقي لمصاف آمالهم وطموحاتهم في الوحدة اليمنية».

أما الشخص الثالث فكان الأخ صالح قاسم الجنيد، عضو مجلس النواب ومحافظ الضالع سابقا في حلقات بثتها قناة (المستقلة) طوال الأيام العشرة عن العيد الوطني المحتفى به، قال: «العودة عن الوحدة للانفصال عودة للاقتتال والحروب والتمزق، والذين يفكرون بالانفصال هم قلة قليلة يستوجب ذهابهم لمصحة نفسية، لأن الوحدة اليمنية مكسب عظيم ولا تتحمل وزر الأخطاء والممارسات المرتكبة بحق أبناء الجنوب أو الشمال بقدر ما يتحملها النظام السياسي للوحدة ويتطلب الاصطفاف والتصدي لها وفق رغبة وطنية للإصلاح النابع من الوحدة وليس الانفصال».

أعظم المشكلات وأقدمها خطورة وضرراً هي تلك المشكلات المتعددة الأسباب والمتشعبة النتائج أو المجهولة التوقعات مثلما هي مشكلة الوحدة اليمنية بعد 15 عاما من إنجازها سلميا يوم 22 مايو 1990م، وفشلت سياسيا صيف عام 1994م، إذ كل واحد يغني على ليلاه، المنتصر في الحرب عنده الاحتفالات والأوبريتات وأحجار الأساس أهم من ترميم القلوب ومعالجة التصدعات والشروخ في بنيان الوحدة، والمهزوم لديه مشكلة الإقصاء والإلغاء من الوجود كشريك في المعادلة الوحدوية قبل الحرب وضالع في المؤامرة والخيانة بعد الحرب، فيما المجتمع كله بعد عقد ونيف من احتراب الأخوة الأعداء وجد نفسه مجزأً إلى فئات وأحزاب وجغرافيا بفعل الحرب اللعينة، وكل اصطفاف ينظر للوحدة وفق رؤاه ومصالحه وجغرافيته دونما اعتبار يذكر للآخر المختلف أو الغائب والمهمش، حتى وصل الحال بالمجتمع للانقسام والتشرذم بداخل المنتصر والمهزوم على السواء، إن لم نقل كل حزب وفئة أو جهة.

فالاشتراكي باعتباره الطرف المهزوم يعاني تبعات إصلاح مسار الوحدة وإصلاح الديمقراطية، والمواطن في الجنوب في الأغلب يعاني الانفصال النفسي المشفوع بممارسات وانتهاكات لا حصر لها طالت وجوده ووظيفته وحقوقه وكرامته، فيما المواطن في الشمال معضلته الرئيسية الحفاظ على الوحدة ليس بإصلاح المسار كما تدعي قيادات الجنوب بل بإصلاح النظام السياسي الحاكم.

ووسط هكذا اختلاف في الرؤى والأساليب والأدوات، يبدو المشهد اليماني مفتوحا أمام كل الاحتمالات التي من شأنها إعاقة مشروع اليمنيين عامة في النهوض والتطور المنشود، طالما بقيت الوحدة توازي الانفصال داخل المجتمع اليمني أو العكس الانفصال يضاهي الوحدة، والمطلوب في الوقت الحاضر مشروع وحدوي يتناسب مع طموحات وآمال كل اليمنيين من المهرة إلى صعدة .. مشروع آخر يعيد الثقة والطمأنينة لنفوس مكسورة الجناج وعقول أصابها العطب عند لحظة تاريخية موجعة ومؤلمة، فهل لنا بمشروع نهضوي جديد يخرجنا جميعا من دوامة الانقسام والتشرذم والاختلاف إلى أفق رحب وواسع يعيد الألق المفقود لـ 22 مايو 90م.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى