كور سعيد .. في منتدى (الباهيصمي) الثقافي:(أحمد .. عدن) وفي الفن يفنى الفناء

> «الأيام» مختار مقطري :

> مساء الخميس الماضي26/5 نظم منتدى (الباهيصمي) الثقافي بالمنصورة فعالية احتفائىة، استضاف فيها الشاعر الشعبي الكبير كور سعيد، ليتحدث عن أحد جوانب تجربته الإبداعية، خصوصا فيما يتعلق منها بالأغنية اليمنية من خلال صفحات من سيرته الذاتية، وقد تميزت الفعالية بحضور متميز في جو مفعم برقة المشاعر ودفء المحبة وأناقة الشعر ورونقه وجمال الغناء الأصيل.. وفيما يلي لقطات ملونة لهذه الفعالية.

كور سعيد بين حضور متميز
مازال منتدى (الباهيصمي) الثقافي بالمنصورة يواصل بنجاح تنظيم فعالياته الأدبية والفنية كل خميس من كل أسبوع، معتمداً على جهود رئيسه الشاعر محمد سالم الباهيصمي وبعض رواد المنتدى، ومساء الخميس الماضي نجح المنتدى في تنظيم فعالية للشعر والغناء وسط حضور كبير ومتميز من مثقفي وفناني عدن، جمعهم في المنتدى، وضاقت مساحته بهم أن ضيف الفعالية هو الشاعر الكبير كور سعيد، من أبناء أبين، ومع ذلك غابت أبين كلها عن الفعالية، ولكن عدن كانت ومازالت أماً لكل المبدعين، ومنهم كور سعيد الذي جعله شعره الشعبي برقته وأناقته واخضرار معانيه وتنوع مضامينه الإنسانية والوطنية والاجتماعية والعاطفية، جعله ابناً لعدن، كما أشار الشاعر محمد سالم الباهيصمي في كلمته الترحيبية بالشاعر وبالحضور المتميز، الذي أذكر منهم على سبيل المثال فقط: الإعلامي القدير عبدالحميد سلام، فرحان علي حسن، عميد منتديات عدن، م. محمد مبارك، رئيس جمعية تنمية الثقافة والأدب بعدن، عادل بن محمد عبدالعزيز، الباحث في التاريخ، الفنان التشكيلي والكاتب الصحفي علي محمد يحيى، الشاعر والملحن محمد سالم بن بريك، الشاعر عبدالرحمن السقاف، الشاعر الغنائى القدير علي عمر صالح، والزملاء أحمد السقاف، المحرر الثقافي في «الأيام»، محمد حمود، شوقي عوض، منصور نور، أحمد السعيد من مركز حنبلة للتوثيق، عبدالله جابر راشد من مكتب الإعلام بعدن، ومن منتدى خورمكسرالأ خوة ابوبكر احمد علي، الشيخ حمدي عبيد، احمد منصور، احمد عبدالله القاضي، احمد عبدالله العكمي، شكيب حمزة، وغير هؤلاء أسماء بارزة كثيرة.

الشاعر الصغير وثورة الجزائر
تحدث الشاعر كور سعيد فأشار الى أن ثورة الجزائر وأغاني عبدالله هادي سبيت عنها، الملهبة لحماس الجماهير أثرت عليه طفلاً وعلى بعض أقرانه، فكانوا يكتبون كلمات حماسية عفوية ويلحنونها ويرددونها جماعياً، إلا أن موهبته الشعرية الحقيقية فجرها المد العربي التحرري، الذي تجسد في شخص الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وخصوصا عند شن العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، ويؤكد على ان عبدالناصر كان الشخصية القومية، الرمز والقدوة، لكل العرب حتى لدى عدد من سلاطين المحميات، الذين تأثروا به مثل نائب سلطنة يافع الساحل آنذاك محمد بن عيدروس العفيفي، الذي رفض الانحناء للمكلة اليزابيث عند زيارتها عدن، وكان له دور فعال في كثير من الإصلاحات أهمها تحريره لأسعار القطن لصالح الفلاحين، ويضيف كور سعيد أن قراءته في المدرسة لشعر شوقي وحافظ إبراهيم والبارودي كان لها دور أيضا في إلهاب حماسه الوطني الذي فجر موهبته الشعرية.

ثم انتقل الى الحديث عن مرحلة دراسته في معهد تدريب المعلمين بكريتر سابقاً، وهي مرحلة تحدث عنها بحرارة وعواطف جياشة، فخلالها تتلمذ على يد أساتذة كبار صار كثير منهم روادا للأدب والفن، استطعت تدوين اسماء بعضهم مثل عثمان عبده، حسين عبدالله الحبشي، خليل اليناعي، لطفي جعفر امان، زين الحازمي، يحيى مكي، خالد صوري، وفي المعهد ظهر ميوله للموسيقى، وكانت مادة إلزامية، وبعودة أحمد قاسم من القاهرة عين مدرساً في المعهد لمادة مبادئ الموسيقى، فاستفاد منه كثيراً، ويشير كور سعيد الى أن ميلاد أغنية (أنت ولا أحد سواك) كان في المعهد عام 1961م، وفي العام التالي وكانت آخر سنة له في الدراسة انتقل المعهد الى خورمكسر، فواصل تعلم الموسيقى على يد الفنان يحيى مكي، الذي عين بديلاً لأحمد قاسم، وفي حفل التخرج عام 1962م ذكر كور سعيد أن محمد عبده زيدي غنى قصيدة (لا تكذبي) لمحمد عبدالوهاب.

وبعد التخرج عين مدرساً لمدرسة (الرواء) بأبين وبعد انتصار ثورة سبتمبر سافر سرا عن طريق البيضاء الى صنعاء عام 1963م، ليرى (ماذا يجري وراء الأكمة) حسب تعبيره، مدفوعاً بحماسه الوطني، وبمساعدة السيد ناصر السقاف، الذي كان حينها نائباً لرئيس مكتب (مصلحة أبناء الجنوب) المناضل الراحل قحطان الشعبي، حصل على منحة لتلقي تعليمه الثانوي في (الجمهورية العربية المتحدة) سابقاً.

شاعر .. بين (القومية) و(التحرير)
أول قصيدة منشورة لكور سعيد نشرتها جريدة «التحرير» لسان حال الجبهة القومية التي كانت تصدر في القاهرة قبل الاستقلال بعنوان(أنا ثائريا موطني) وفيها هذا اليبت، الذي أصبح بعد الاستقلال سبباً لمعاناة كبيرة ذاقها كور سعيد واحمد قاسم :

حييت ياردفان ü رمز العروبة والكفاح

وهنا يتحدث كور سعيد بإكبار وإجلال وتقدير وإعزاز عن أحمد قاسم، الذي قرأ القصيدة في الجريدة، فلحنها وسجلها بصوته لإذاعة صوت العرب عام 1964م، وهو لا يعرف من صاحبها وفي أول لقاء بينهما قال له أحمد قاسم :«أنا أهتم بالكلمة الجيدة والمعبرة بصرف النظر عن اسم الشاعر»، ثم لحن وغنى من كلماته قصيدة عاطفية هي (جنة رضاك)، ثم قصيدة وطنية حماسية سجلها لتلفزيون القاهرة عام 1967م هي (عرفت الطريق)، وبعد أن سحبت القاهرة اعترافها بالجبهة القومية واعترفت بجبهة التحرير، لذلك كان لزاماً على أحمد قاسم أن يدخل تعديلاً في البيت الشعري المشار اليه أعلاه، حين غنى القصيدة في حفل (أضواء المدينة) بالقاهرة بتاريخ 30/5/1967م وأصبح البيت هكذا:

يا جبهة التحرير رمز العروبة والكفاح

ثم عاد كورسعيد الى الوطن عام 1968م، لتبدأ معاناته من قبل الجبهة القومية التي آل اليها الحكم والسلطة في جنوب اليمن سابقاً بسبب التعديل الذي يمدح جبهة التحرير، وغم إبرازه لجريدة «التحرير» التي نشرت القصيدة قبل التعديل، وهي معاناة لم ينج منها أحمد قاسم كذلك بعد عودته من القاهرة. والى جانب أحمد قاسم غنى من شعر كورسعيد كل من سعيد أحمد بن أحمد وفضل ميزر، وله أناشيد وطنية كثيرة قدمت في مناسبات مختلفة، وصدر له ديوانان عام 1963م هما (الصور الثلاث) و(صراع فوق الأرض)، وله ديوان لم ير النور بعنوان (جاءت من الوادي) قدمه جاهزا لوزارة الثقافة منذ أكثر من عام ونصف، وكان يتطلع أن يصدر ضمن إصدارات (عام 2004م.. صنعاء عاصمة للثقافة العربية) ومن المؤسف جداً أن ذلك لم يتحقق، كما أن ديوان (قبلات على تراب الوطن) لم ينشر منذ عام 1992م، وله عدة دراسات وبحوث منها دراسة عن (نشأة وتطور الغناء والموسيقى في منطقة الحصن 1958-1979)، دراسة عن (الشعر العامي بمحافظة أبين) نشره في إحدى الصحف، دراسة (عن تاريخ التربية والتعليم بأبين للفترة 1952-1990م).

وحديث شاعر بحجم ومكانة كورسعيد لا ينتهي ولا يمله السامع والكتابة عنه لا تنتهي ولا يملها القارئ، لذلك اكتفي بالإشارة الى حصوله مناصفة مع الشاعر حسن باحارثة على الجائزة الثانية في الشعر الغنائي في مهرجان الشعر اليمني عام 1999م.

واختتمت الفعالية بباقة غنائية من ألوان يمنية مختلفة قدمها كل من صادق عبده، محمد علي محسن، هشام وجلال شاهر، ولكن أبو حمدي اليافعي تألق كثيراً بأغنيتين من اللون اليافعي، وابو حمدي رائع حين يغني ورائع حين يصمت صمت الفنان المهذب مرهف الإحساس، ثم أطرب الحضور ولامس القلوب ونثر الفرح والبهجة بأدائه و صوته وعزفه المتقن على العود الفنان الجميل أنور مبارك بأغنيتين هما (غصب عني) لأحمد قاسم و(طبع الزمان هكذا) للعطروش. وفيما يلي بعض أبيات رثى بها كور سعيد الموسيقار أحمد قاسم:

ياعاديات الزمن حزين كل اليمن

حزين بندر عدن أحزان فوق الحزن

يسكب دموعه على خدين .. أحمد .. عدن

وما أجمل هذا البيت في هذه القصيدة الرائعة :

الجسم يفني وعند الفن يفنى الفناء

وكانت اجمل اللحظات في هذه الفعالية قد شهدت تكريم منتدى (الباهيصمي) للشاعر الشعبي القدير كور سعيد بشهادة تقديرية وهدية رمزية، سلمها إياه رئيس المنتدى الشاعر محمد سالم باهيصمي، رافقها تصفيق حار وعبارات تهان وتقدير وعرفان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى