المحافظ ونائبه ناجحان فلا تفشلوهما

> علي هيثم الغريب :

>
علي هيثم الغريب
علي هيثم الغريب
من الواضح أن المحكمين الرئيسيين عند تقييم الحالة في عدن هما المواطن والأرقام الاقتصادية والصحية والأسرية الرسمية. لذلك قررت قبل شرح حالة المواطنين في عدن أن أنقل الاحصاءات الرسمية دون تدخل مني .. علاوة على أن مسائل التنمية ترتبط وثيق الارتباط بالمسائل الأمنية بما في ذلك أمن المستثمرين الكبار والصغار، وانطلاقاً من وجود صلة وثيقة بين الأمن والاستثمار، فإن نزع صلاحيات المتنفذين وحده يحرر موارد إضافية هائلة تستخدم من أجل تسريع التقدم الاقتصادي والاجتماعي. هكذا، وقبل الدخول في البنود الإحصائية الرسمية نطالب قيادة المحافظة وعلى رأسها الاخوة المحافظ ونائبه ومدير الأمن بعقد اجتماع موسع مع المستثمرين والتجار، فمثل هذا الاجتماع قد يساعد على كشف واقع وهموم الاستثمار في عدن، وأن يخرج المجتمعون بثوابت محددة تعتبر مراجعية للجميع، وإعلان برنامج عمل لإقامة نظام استثماري واقتصادي جديد يلتزم به الجميع.

وهذا البرنامج الجديد يهدف لإعطاء زخم من أجل إعادة المستثمرين الذين هربوا والذين جمدوا أو باعوا ممتلكاتهم، ومن أجل حل مشاكلهم وتعزيز الثقة في العلاقة داخل عدن. وأن تتخذ تدابير من شأنها أن تضمن تحسين الوضعين الأمني والاقتصادي على أساس من التكافؤ وتسهيل الوصول إلى منجزات العلم والأمن الحديث. فما زال العديد من المستثمرين يتعرضون اليوم للاستغلال بأشكال شتى، الأمر الذي قاد ويقود إلى تدهور أوضاع عدن في كافة المجالات. وإن مواقف المتنفذين وشكاوى واحتجاجات المستثمرين تبين التوجه المستمر للإبقاء على الحالة الردىئة كما هي. وهذه المقدمة كانت ضرورية لإشعار مكاتب الوزارات في عدن بما توصلت إليه عدن من كمال في الفقر والتخلف والجهل، وهذه الحالة أصبحت ماثلة أمام الجميع، فلم يبق تحت إشراف هذه المكاتب والإدارات إلا فرض الضرائب والرسوم والعقوبات المالية وما إلى ذلك.

فمتوسط مساهمة الفرد الواحد في الإيرادات الضريبية لعام 2003م بلغ (50387) ريالا بينما على صعيد الجمهورية لم يتجاوز 7311 ريالا. حيث شكلت إيرادات عدن الضريبية لوحدها نسبة 74 % بينما لم تتجاوز في الجمهورية نسبة 21 %، وارتفعت أسعار المواد الغذائية إلى حوالي 15 مثلاً مما كانت عليه عام 1990م، وارتفع فيها معدل البطالة حسب الإحصائيات الرسمية إلى حدود 40 %، ويشكل عدد المتقاعدين في عدن 21 %، ربع المتقاعدين في الجمهورية، ويعتمد 81 % من سكانها على الأجور كدخل أساسي، وكل أسرة تنفق أكثر من ثلث إنفاقها على الكهرباء والمياه .. أما العدد الأكبر من العاملين الذين أبعدوا من وظائفهم قسراً، نتيجة سياسات التمييز أو نتيجة استيلاء المتنفذين على (محلات) أعمالهم إما بالنخششة أو بالخصخصة فقد بلغوا عشرات الآلاف. وهذا الإبعاد المتعمد قابله إبعاد آخر من خلال سياسة التوظيف، حيث من بين أكثر من 70 ألف شخص اعتمدوا كموظفين في الجهاز الإداري للدولة خلال الأعوام 97- 2001م، لم تحظ منها محافظة عدن إلا بـ 1090 وظيفة أي بنسبة 5،1% فقط. وربما يكون عدد من شغلها ليسوا من أبناء محافظة عدن.

وذكرت الإحصائيات الرسمية أن المتوسط الشهري لدخل الأسرة لا يتجاوز 14 ألف ريال (73 دولاراً)، فإذا كان عدد أفراد الأسره 5 فإن متوسط نصيب الفرد لن يتجاوز 15 دولاراً (تحت خط الفقر).

وقادت سياسة الإنفاق الأمني والعسكري إلى حرمان قطاعات التنمية البشرية (التعليم + الصحة) من الموارد العامة. وبعد أن كانت عدن تسجل أفضل المؤشرات في جانب التعليم، شهدت في الفترة الأخيرة تدهوراً مرعباً، وتراجعاً في مؤشراته الكمية والنوعية. ولجأت الحكومة إلى توسيع نطاق مساهمة المجتمع في الخدمات التعليمية لتلافي سياسات الإنفاق على هذا القطاع الهام (السماح للقطاع الخاص بالاستثمار في قطاع التعليم + فرض الرسوم المختلفة على الطلاب). ومن حيث عدد المدارس لم تُبنَ في عدن خلال الأعوام (92-2003م) سوى ست مدارس ابتدائية وتسع مدارس ثانوية فقط، رغم الارتفاع الكبير في عدد الطلاب. أما في مجال الخدمات الصحية والعلاجية فبعد أن كان سكان المحافظة يحظون بمتوسط 456 شخصاً لكل طبيب، وصل عام 2003م إلى 891 شخصاً لكل طبيب، وبدلاً من أن ترتفع عدد المستشفيات في المحافظة لتواكب الزيادة السكانية، أظهرت الإحصائيات الرسمية انخفاضات لعدد المستشفيات بين السنوات 91-2003م من 6 إلى 4 مستشفيات.

ونتيجة للتدهور الذي حصل في جانب الرعاية الصحية، سجلت بيانات عام 2003م في مستشفيات المحافظة الحالات التالية: 3032 حالة تيفوئيد، 859 حالة التهاب الكبد، 963 حالة درن، 642 حالة حصبة، 94531 حالة التهاب رئوي، 7988 حالة ملاريا، 21501 حالة إسهال. وفي مجال الكهرباء والمياه فقد ارتفعت الرسوم المجبيّة بين عامي 2002-2004 في محافظة عدن بنسبة 422 % بينما بلغت نسبة ارتفاعها بالمتوسط في الجمهورية 278 %. وهناك إحصائيات رسمية مخيبة للآمال، وأخرى تتحدث عن التطور الذي حصل في مجال الاتصالات وسفلتة الشوارع وعدد الأعمدة الكهربائية الحديدية وغيرها.

ولعل هذه الإحصائيات الرسمية تشكل مقدمة رئيسية لكي تصبح عمليتا المراجعة والبناء واقعيتين، فالناس أصبحوا يفكرون بجدية، وبروح عملية معبرين عن الأفكار والمعلومات التي تراكمت لديهم، آملين أن هذه الآراء ستصب في غرف الجهاز الإداري في عدن. وعلينا أن ندرك أن كل سنة، وكل يوم يتصف بأهمية هائلة بالنسبة لمصير الوطن كله. وهذه المؤشرات تحتاج إلى تغيير جذري في مجال الإدارة، والمسألة لا تحل بالخطوات الصغيرة، وبأنصاف الحلول أو بإجراءات إضافية ما. وأعتقد أن أكبر إنجاز للسلطة المحلية في عدن اليوم إدراكها لذلك، وإذا ضيعت الوقت فستخسر الكثير. ونحن نعرف أن الله وهبنا قيادة في محافظة عدن قادرة على تحمل مسؤولية عملية بناء عدن. والتجديد يبدأ منها، وعليها أن تصارح الناس بأن هناك آلاف القضايا مرتبطة بالمركز، وبالتالي إذا كانت تلك القضايا لم تحل فهذا ذنب المركز، وهذا ما يجب الحديث عنه مباشرة بروح صادقة، وعلى المركز هو الآخر أن يدرك أن كل زمان له كوادره ومتطلباته وأساليب عمله الجديدة، وإذا كانت حرب 94م قد فرضت كوادر إدارية محددة فإن الوضع تغير اليوم ويحتاج إلى كوادر تعي خطورة الأوضاع في محافظة عدن. كوادر صادقة، قادرة على تدبير الأمور وفتح الآفاق..والله من وراء القصد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى