ومات صالح المفلحي.. شاعر كل الناس

> علي سالم اليزيدي :

> بهدوء ودون أن يفتعل ضجة، وكعادته في حياته المرتبة، رحل عن دنيانا الفانية عملاق من زمن عمالقة الفكر والأدب والدان والأشعار، إنه صالح عبدالرحمن المفلحي، الشاعر العاشق الرقيق، الذي عانى طوال حياته من الشقاء في عشقه ومحنته في المحبة فقط، أحب الناس وقال فيهم شعراً وصورهم وحرك وجدانهم وارتبط بكل الناس، لأنه يتحدث لغتهم، وينطق القوافي التي يحبونها، ولهذا فإن اللقب الذي استحقه يوم عاش ويوم مات، رحمه الله، هو شاعر كل الناس، وحينما تدثر هذا الشاعر الغنائي الكبير بثوب الشعر، وظهر في زمن مكلاوي حضرمي جميل وعاصر رجالاته من الأفذاذ، يوم جلس إلى جوار الأدباء محمد عبدالقادر بامطرف، ومحمد عبدالقادر بلفقيه والأديب الصحفي المحامي حسين البار، وتسامر مع أبو سراجين وباحريز فيلسوف الشعر، ووقف إلى جانب حسين أبوبكر المحضار ينشد للبحر والعصافير والأشجار، يلحنان معاني الحياة ويرسمان لوحات تبهج القلوب وتسامر القمر. كانت حضرموت حديقة كبيرة لهذا الشاعر الغنائي ومسرحاً لآهاته وكل أبيات الكلام الذي يقوله شعراً، وكان العالم العربي يتطلع ويصعد في الستينات، والمكلا وعدن وكل المدن الأخرى تزخر بالغناء، وشكلت التجربة الغنائية والفنية ما بين عدن والمكلا والشحر وسيئون وتريم رابطة واحدة وتقاربت هذه المدرسة، هناك عمر غابة وهنا محمد جمعة خان، هناك محمد سعيد جرادة وهناك صالح عبدالرحمن المفلحي وحسين البار والمحضار، هناك أصوات تلحن وتغني وهنا الألحان تأتي من الموالد وموج البحر، وفي كل هذا تزهو الكلمة بحرية وكأنما هي في مجدها محاطة بكل أناشيد الزمان، وفي كل هذا جاء الشاعر صالح، العاشق الرقيق، وهو يقطع مشواره نحو بيت الشعر والدان والسمر والألحان من هذا الوسط في المكلا وبالذات في (برع السدة) تشكلت شخصية ومكانة شاعر ليصنع من كل نتاجه ووزنه وأعماله مدرسة شعرية جديرة بالتوقف والتعلم منها، ومثلما هو الحال الآن إذ لا يذكر أحدهم صالح المفلحي وقد رحل، رحمه الله، إلا وقال: ياللرقة.. يا لعذوبة الألحان وحسن الزمان!

رحم الله الشاعر صالح عبدالرحمن المفلحي.. الذي علمنا طوال حياته كيف يكون التنظيم النفسي للإنسان حتى في شعره وألحانه وأيامه ومن ثم رحيله الهادئ.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى