الملاعق لا تزال في أيدينا

> سعيد عولقي :

>
سعيد عولقي
سعيد عولقي
كنا نقول إن السلطة تستخدم منطق العصا والضفعة، الآن صارت تستخدم العصا بدون أي ضفعة، وهذا تطور ملموس ومحسوس ومبسوس لحركتنا الديمقراطية المظفرة.. مع أن بعض الناس يحنون إلى استخدام الضفعة ويفتقدون إليها من باب المثل الذي يقول: «لا تولِّف مقطوع ولا تقطع على والف» وعلينا أن لا نستهين بالناحية العضوية الضفعية في مسيرتنا الديمقراطية وعلينا أن لا نسقط من اعتبارنا أن مثلا شعبيا آخر يقول: إن اللي يتولع بالضفع يسوي له ملاعق .. وأنتم عارفين قصدي إذا توصلتم إلى قول المثل هذا بنصه الأصلي .. لهذا لا بأس هنا في إطار هذا السياق أن نورد الحكمة التي جرت على لسان أحد كبار أساطين المال والأعمال الأمريكيين لا يحضرني الآن اسمه، فقد سألوا هذا الأسطون المالي الأمريكاني الكبير: هل هناك ما هو أسوأ من أن يولد الإنسان فقيراً ويعيش حياته فقيراً يا سعادة الأسطون العظيم؟ فأجابهم بالقول: نعم .. يوجد.. فاستغرب السائلون وقالوا له: كيف سعادتك؟ ممكن تشرح لنا كيف؟ أخذ الأسطون الكبير نفساً عميقاً وحكيماً من سيجار الهافانا الكوبي الذي يدخنه والذي يساوي سعره مشاهرة شهر لموظف بدرجة مدير عندنا .. وقال: الأسوأ من أن تكون فقيرا هو أن تكون غنيا ثم فجأة تفتقر! وقد صدق الرجل في قوله لأنه ما فيش أهون من عزيز قوم ذلّ ولا ألعن من أي والف ينقطع عنه ما ولف عليه فيجد نفسه فجأة في حيص بيص ويا ريت اللي جرى ما كان .. وبذلك فإنه لا يعود في حاجة إلى الملاعق.

والفقراء في بلادنا المعطاءة بطبيعة الحالة الفسادية الاستثنائية التي نعيشها هم الغالبية العظمى من البشر الذين تقدر الإحصائيات نسبتهم بتسعين في المائة من عدد السكان والتخطيط الحضري، ونصف هذه النسبة يعيشون تحت خط الفقر بسبب استفحال فعايل وأفعال أصحاب القبضة الحديدية من أهل المقامات الرفيعة القابضة على كل الملاعق والدسوت، وفي المحصلة الأخيرة نلاقي أنه الدسوت فارغة والملاعق كثيرة .. وطبعا تبين كل المؤشرات يا صفية هانم إنه ما فيش فايدة كما قال قديما سعد باشا زغلول .. بس نحن يا معشر الفاسدين عارفين طبعاً إنه صعب جدا بل يمكن يكون مستحيل القضاء على الفساد بعد بلوغه هذا الحد الجبار من الطغيان على كل شيء.. نحن عارفين هذا.. منشان كذا ما نطالبش بملاحقة أصحابه ومحاسبتهم ومكاتبهم ومعاقبتهم.. نحنا بس نشتي واحد حاجة أنه يكون إلى هنا وبس.. كفاية علينا اللي جرى وبلاش نفتح دفاتر تنقرى (يعني تقتري) سيبوا الأكل حق الفقراء داخل دسوتهم وخلوا لهم الملاعق بيداتهم وإذا في قليل صلصة زايد ما فيش مانع، لكن بالله عليكم لا تدخلوش برمتكم بين الدسوت لأنه الفقراء مش متعودين على هذا طبقاً للمادة السابعة من دستور الفقر التي تنص على أنه ماحد يدخل برمته بين الدسوت.

برضه اكرر يا إخواني لأنكم برضه أخوان وأصحاب، وأقول لكم إنه نحنا يعني مش هدفنا انه نضرب الفساد ضرباً مبرحاً ولا نخزق له عيونه ولا نطعنه بجنبية، أبداً والله ولا أي شيء من هذا.. كل هدفنا هو أنه الفساد يوقف مكانه بس.. تقدروا تعملوا هذه الخدمة لأبناء شعبكم الباسل حق سبتمبر وأكتوبر ومايو ويونيو وكل الشهور والأيام؟ هل تقدروا توقفوا الفساد وتقولوا له إلى هنا وبس أوقف مكانك لأنه معك شعب فقير يعتد بعشرين مليون إنسان كل يوم يخلفوا لنا المزيد من الفقراء، وبالتالي تزيد نسبة الفقر والجهل والمرض زيما كنا نقول عليها أيام الإمام أحمد باعتبار أنها سياسة أحمدية متوكلية يمنية.. الآن بس لا تمسكوش دسوت الفقراء وملاعقهم لا عاد ينظموا مسيرة يسموها مسيرة الملاعق والدسوت، وكل ما عليكم فعله هو أن تقولوا للفساد: بس كفاية .. قف مكانك واللي أكلته كفاية .. هذا هو الحد الأدنى المطلوب الآن وبس.. ولو أنه منطق الأمور وطبيعة الأشياء تحتم إذا ما وجدت إرادة حقيقية لوقف الفساد أن يتحاسب كل فاسد على فساده ويروح حسب ذنبه في ستين وإلا سبعين وإلا حتى عشرين داهية .. هذا أيش؟ هذا إذا توفرت الإرادة الحقيقية للقضاء على الفساد.. فهل يا ترى.. يا هل ترى موجودة مثل هذه الارادة؟ ما أظنش .. تدروا ليش؟ لأنه الحسبة ما تركبش.. فإذا فرضنا جدلاً أننا عشرين نفر- واحنا في الحقيقة عشرين مليون - نشتي نتغدى.. فلازم يعني تكون معانا ملاعق ودسوت بالقدر الكافي وبلاش البرمة عشان المادة السابعة من دستور الفقر الأزلي المشار إليه أعلاه.. قربنا وقت الأكل نشتي نأكل.. فلا لقينا برمة ولا دست .. لكن الملاعق الله يقول الحق لا تزال في أيدينا!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى