المحطة الأخـيـره...ومن التقاعد ما قهر

> محمد سالم قطن:

>
محمد سالم قطن
محمد سالم قطن
في الفيزياء، كما في غيرها من العلوم، فإن نقطة البداية تكمن في التعريف، وبالتعريف أيضاً فإن الدولة الخيرة هي التي ترعى أبناءها من يوم يولدون إلى يوم يقبرون. لهذا السبب صارت الدول مقامات كمقامات الموسيقى، فيها الهارموني وفيها النشاز. الدول المتقدمة التي نستورد اليوم منها كل شيء، من رغيف الخبز إلى صواريخ الاستعراضات، لم تصبح هكذا قوية متقدمة بين عشية وضحاها، ولم تصل إلى ما وصلت إليه من تقدم ورفاه، إلا لأنها اهتمت بإنسانها منذ الصغر وحتى الكبر. لا أقصد طبعاً بهذا الاهتمام أنها هدهدة مهد، أو رضاعة صناعية، ولكنه الاهتمام الهادف بالتربية الرشيدة والإدارة الواعية والعدالة المرفرفة على كل الأصعدة وفي كل الجنبات.

بالأمس، روعنى منظر عشرات المتقاعدين وهم يفترشون الأرض بجوار مكتب البريد الصغير انتظاراً لمعاش التقاعد .. كهول وشيوخ، عجائز، بعضهم جاء الهوينى على عكاز متهالك.. أليس هذا هو قهر الرجال الذي حفظنا الاستعاذة منه عند خاتمة كل صلاة؟! صراف واحد لكل هذا العدد من المستحقين! هل هذه هي الإدارة الرشيدة؟ أم هو البديل المحلي؟ لا سمح الله! عشرات الآهات سمعتها في تلك اللحظة. أحدهم قال لي: شكراً لـ «الأيام» لأنها الصحيفة التي وثّقت معاناتنا في العديد من التحقيقات التي نشرتها، وفي التحليلات الأخيرة التي يواصل كتابتها زميلكم الخبير الاقتصادي محمد عبدالله باشراحيل، عرفنا مقدار الضيم المادي الذي لحقنا، وماذا عن الضيم المعنوي تحت هذه الشمس الحارقة وفي هذا القيظ اللافح؟ إنهم يطلبون صورنا الشخصية على الدوام. ألم تكفِهم (روتانا)؟ إنهم يطلبون شهادة قيد الحياة باستمرار! من مات ممن نعول؟ ألا يعلم هؤلاء أن في المحاكم ما يكفيها؟

مدير نص كم.....هذه الأيام وتحت وطأة الحر اللافح والرطوبة القاسية يشعر المرء اضطراراً بالرغبة في التعري، ولو على طريقة (ربنا كما خلقتنا)، لكن الإنسان كائن اجتماعي أكرمه الله بالعقل وباللباس زينة، توجب عليه استخدام الملابس على اختلاف أشكالها وأنواعها وفقاً لأهوائه حيناً، ووفقاً للأجواء في معظم الأحيان. ولهذا نجد الملابس الخفيفة المفصلة على طريقة النص كم هي الأكثر شيوعاً واستخداماً في هذه الأجواء الرطبة الكالحة، فهي تستر بمثل ما تكشف، وفيها من المرونة ما يتيح لأطراف الجسم حرية الحركة وفرصة التعبير.. إنها الشفافية المطلوبة اليوم على كل صعيد.

لا داعي للتناولات المعقدة في محاولاتنا المتعثرة لإصلاح الأحوال العامة، لا شيء ينقصنا سوى الاعتراف بحقيقة أولية بسيطة هي أن أقصر مسافة بين نقطتين هو المستقيم الواصل بينهما، أما ما سوى ذلك من ترهات وفلسفات فلا معنى لها غير المقولة الشائعة «وين أذنك يا...، قال: ذاك».

الإصلاح الحقيقي يبدأ باعتماد الشفافية والوضوح فمبدأ (محد يكلم سعد) وظاهرة (خلوا سعد يفعل ما اشتهاه) قد أفسدا طموحات التغيير نحو الأفضل. الشفافية هي عكس الضبابية، والنص كم فعّال ومرن على نقيض الكم الطويل المتبلد فاغر الجيوب، النص كم لا يحتاج إلى جيوب، ولا يلتصق كثيراً بالجسد، إنه الوجه الآخر للشفافية في معناها الحركي ومبناها الطبيعي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى