من هو الخائن والجبان؟

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
هل يمكن للكلمة الحرة أن تتحول إلى رصاصة قاتلة تستقر في صدر كاتبها فتقلته؟ وهل يمكن للفكرة البريئة المتحضرة أن تكون بداية التكوين لفكرة شيطانية أخرى معاكسة تختمر في عقلية مريضة، لا تلبث أن تنتهي بسيناريو مرعب يفضي إلى موت بشع لصاحب الفكرة الأولى ؟! ترى هل وصلت المعركة ما بين دعاة الانعتاق من هذا الحاضر العربي المؤلم التعيس، وسدنته ومجرميه إلى مرحلة الحسم التي لم يعد بمقدورهم بعدها إخفاء جرائمهم الفظيعة في حق المواطن العربي بشكل عام؟ .. نأمل ذلك.

وإذا حدث أمر مثل هذا، وأصبح حقيقة واقعة لا يمكن حجب تفاصيل قصتها المحزنة عن الملأ ولا يمكن التستر على مدى بشاعتها، ولا يمكن حجب الدماء البشرية لصاحبها عن الأنظار، ولا يمكن أيضاً لملمة الأشلاء الآدمية من فوق التراب الذي احتضنها للمرة الأخيرة ليروي قصة نهايتها، إذا حدث أمر مثل هذا، ترى من هو الخائن والجبان؟! .. لنر معاً.

«إلى عزيزي المخلوق في أحسن تقويم

تحية طيبة وبعد ،،،

من أعطاك يا مسكين صفة الموثق الرسمي (للتاريخ)، الذي لا، ولم، ولن يرحم خائنا وجبانا مثل العبد لله، فلا أنت بوكيل ينوب عنه، ولا الشعب عينك مقدماً شرعياً له في مظاهرات سلمية كالتي تشهدها البلدان العربية بمباركة حكامها الديمقراطيين المنتخبين من القاعدة، إذاً لا تفكر إطلاقاً في تدوين (خياتني وجبني) عبر صفحات (مفكرتك الشخصية)، فلست الوحيد من تنطبق عليه سمة (الخيانة) وصفة (الجبن)، فهناك ملوك ورؤساء وقادة، وأصحاب فخامة وسعادة وسمو، وفلاسفة، ومفكرون، وعلماء وخبراء، وأدباء، ومثقفون وكتاب، وصحفيون وإعلاميون، وفنانون، وعاديون، فاقوني (جبناً وخيانة) .. !؟ هذا على مستوى التعميم الدولي، أما على مستوى (بلادك) حالياً فحدّث ولا حرج، كما أنه من السهل اليسير والعاجل جداً فيها أن يعلم كل من (هب ودب) بما اقترفت يداك وأنت تسجل (خيانتي وجبني)، ساعتها قد أفعل بك كل ما سمعته عن أفعال وعادات وتقاليد أغلب رجالات المخابرات والبوليس والدراويش والعياذ بالله..!؟

سجل بأنني (خائن وجبان)، وافهم جيداً: إن أساليب فقأ العيون، وقضم الأذن، ونزع الأظافر وقطع الأصابع، وقص الأيدي والأرجل (بالمنشار الكهربائي)، وكسر عظام الجسد، وسكب ماء النار على الجلد، ووضع الملح على الجراح الملتهبة، والصلب على (الخازوق) وجرجرة الجسد بعربة صحراوية فوق أحجار الصوان المتناثرة وصندوق (الفلقة) والعض والنهش بأنياب الكلاب (السلوقية) الجائعة المسعورة، والكرسي الكهربائي، وغرفة الغاز السام، والحقن بالهواء والوباء، والجلوس على فوهة أكبر زجاجة عرفها مصنع (بوعطنى) الاشتراكي للمشروبات، ومعاملتك بعكس ما خلقت له، كلها أساليب وطرائق وسبل ووسائل قد تكون في حوزة من تتغاضى عنهم وتتحاشاهم وتتجاهلهم، لتأمن شر أتباعهم الغلاظ الشداد، القادرين على جلب (عشبة إطالة العمر) من جيب سروال (شارون) الداخلي، حسب ما يتشدقون..!؟.

سجل بأنني خائن وجبان، واعلم أن سر وجود أرباب الفساد ورموزه، ومراكز القوى، والكبار وأبنائهم، وأركان حكومة الظل، ومستشاري الظلام، هو تفانيهم في الغناء بالتمجيد والتقديس والعبادة للسادة، وأي سادة هم وأي عبيد أنت أو غيرك، ممن اعتادوا على ذلك إطالة لأعمارهم، وإضفاء لحصانة عجيبة تدوس بأقدامها حتى على رجال القضاء المحجوز.

سجل بأنني خائن وجبان، ترتعش أوصاله وتصطفق أسنانه، لمجرد رؤيته لدورية راجلة أو راكبة أو ما شابه، على الرغم من أنني كالثوب الأبيض المنقى من الدنس.

سجل بأنني خائن وجبان، لا سوابق له، ولا يوجد عليه أي تحفظ، لا مالي، ولا إداري، ولا أخلاقي، كما لم يسرق يوماً، أو يكذب، أو يتطاول، أو يندد أو يعترض، أو يشجب، أو يستنكر، أو يحتج، أو يواجه، أو يتمنى، أو يحلم، أو ينسحب، أو يتصور، أو يتخيل، أو يريد سوى أنه خائن وجبان وبشكل قاطع».

هذا جزء من مقال طويل كتبه الصحفي الليبي ضيف الغزال .. قبل أن يقدم استقالته من الأطر الرسمية في بلاده على مستوى السلطات والصحافة الرسمية أيضاً، ثم كان مساء يوم 21/5 حينما خرج صديقنا يتجول في أحد شوارع بنغازي بعد أن نشر ما كتب أعلاه على موقع صحفي الكتروني، فاستوقفته سيارة تتبع جهاز الأمن، حيث أخذته من صديقه الذي كان يرافقه، فلم يعد إلى منزله، حتى تم الإبلاغ عن جثة مشوهة ومدفونة تحت الرمال في إحدى ضواحي المدينة، وكان صاحب الجثة بطبيعة الحال هو ضيف الغزال، الذي قطعت أصابعه وأطلقت عليه عدة رصاصات في أنحاء متفرقة من جسمه.. هكذا كانت نهاية هذا العربي الحر، وهكذا أرادوا له هذا المصير. وأحببت فقط أن أطرح هذه القصة كما هي، مع شكري لخدمة الإنترنت التي أتاحت لي الحصول على مقال الكاتب (الضحية) كاملاً غير منقوص، فأعتذر عن نشره كاملاً لضيق المساحة هنا، وأعتذر لكاتبنا الكبير فهمي هويدي الذي خلق هذه الفكرة فاستعرتها منه على طريقتي الخاصة.

ملاحظة : آخر ما كتب ضيف الغزال:

ويبقى الموت مصير كل حي ولكن شتان بين أن يموت المرء شريفاً عفيفاً وبين أن يموت بالخزى والعار ....!!؟؟

ولي عودة إن سلمت.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى