في ذكرى رحيل شيخ الملحنين..محمد سعد الصنعاني عبدالكريم توفيق لـ «الأيام»:للصنعاني ريادة صياغة المقدمة الموسيقية للأغنية اللحجية

> «الأيام» سلوى الصنعاني :

> مغامرة حذرة قبل الحوار...قبل الولوج في هذا الحوار مع الفنان القدير عبدالكريم توفيق، ارتأينا أن نجتهد بمشقة وأن نغامر بحذر شديد لتلخيص مشوار الحياة والعطاء الفني للراحل الكبير الفنان محمد سعد الصنعاني في السطور التالية:

- محمد سعد الصنعاني من مواليد حوطة لحج عام 1920م. ولع بالفن وعمره سبعة أعوام، وتأثر بالأغاني التي كان يسمعها في صغره في مبارز القات لزكريا أحمد ومنيرة المهدية وغيرهما من الفنانين. والدته هي الشاعرة الشعبية سلمى بنت درينة، ووالده كان يعمل في خدمة السلطان عبدالكريم فضل بن علي محسن العبدلي.

- تأثر بفناني عصره آنذاك مثل الطميري، صالح عيسى، سعد عبدالله اللحجي، والد الفنان محمد سعد عبدالله، وأحمد فضل القمندان.

- درس النوته الموسيقية وحصل على شهادة من معهد «عرابي» بمصر عبر المراسلة، وهكذا يعتبر أول قارئ للنوته، ليس في اليمن بل والجزيرة العربية. كما عرف كمطرب وملحن وشاعر ورسام تشكيلي.

- أسس مع زميله الفنان الأمير عبده عبدالكريم «الندوة الموسيقية اللحجية» بمشاركة الفنان صلاح ناصر كرد عام 58م.

- غنى له العديد من الفنانين ممن تتلمذوا على يديه ومنهم عبدالكريم توفيق، مهدي درويش، عبدالله حنش، محمد عوض شاكر وغيرهم.

- عاصر فضل محمد اللحجي والشيخ أبوبكر باشراحيل والماس والجراش، واشترك معهم في عدد من المخادر في عدن وكان عوض عبدالله المسلمي أقربهم إليه.

- توفي في 22 من يونيو 1991م بعد 35 عاماً من الصراع مع المرض، متزوج وله من الأولاد ثلاث فتيات وولد هو الكابتن عبدالقوي الصنعاني،الذي توفي قبل عامين ويصادف الأول من يوليو ذكرى رحيله الثانية.

علاقة الأب بالابن والأستاذ بالتلميذ
احتفلت لحج أمس الأربعاء، بالذكرى الـ (14) لرحيل الموسيقار محمد سعد الصنعاني، ماذا تقول بهذه المناسبة؟

- مهما احتفلنا ومهما أعطينا من اهتمامات لهذا الفنان المبدع لن نوفيه حقه، وما خلفه من ثروة فنية شكلت إضافة غير عادية في تاريخ الموسيقى اليمنية.

كيف تعرفتم عليه أولاً؟

- قبل أن اتعرف عليه كفنان، ربطتني به علاقة أسرية، فكانت كعلاقة أب بابنه، ثم أتت العلاقة الفنية كأستاذ وتلميذ، فوالدتي قدرية بنت سعد تربطها علاقة رحم بوالدته الشاعرة المعروفة سلمى بنت درينة، أعرفه كأب وقريب وكأستاذ وكفنان متعدد المواهب والقدرات.

ماذا تعرف عنه.. بحكم قربكم منه؟

- كان مطرباً متميزاً قبل أن تتجلى إبداعاته الموسيقية، ومطرباً يتميز عن سواه من المطربين، أقصد معاصريه.. ففي حفلات الزواج والمناسبات الأخرى.. كان الفنانون يقومون بغناء وعزف الأغاني ذات الطابع اليمني. كذلك كان فحلاً في العزف على العود والكمنجة وسواهما من الآلات الموسيقية، يتمتع بصوت جميل يطرب من حوله، وكان يغني الألوان اليمنية ويتفوق أو يتميز عن سواه بإجادة الأغنية العربية كاللون الكويتي والمصري والعراقي، وهذه ميزة لم تتأت لسواه من فناني ومطربي تلك الفترة، أقصد الأربعينات والخمسينات.

فرادة الموسيقار
متى تعاطى مع اللحن كموسيقار؟

- عندما أسس «الندوة الموسيقية اللحجية» مع الفنان الراحل صلاح كرد والأمير الفنان عبده عبدالكريم عام 58م، وقدم الكثير من الألحان. وهنا أود أن أشير إلى أنه كان لا يعطي ألحانه لأحد الا بعد أن يمحص مفردات القصيدة أولاً حتى يستمزجها وتعجبه.. والملاحظة الأخرى أنه لا يعطي لحنه لأي صوت.. من هنا كانت البدايات صعبة معه، وهو البحث عن الصوت المناسب الذي يريده هو ويضع ألحانه وفق الطبقة التي يتطلبها ذلك الصوت.

ألهذا السبب عهد إليك بأبرز ألحانه؟

- اعتقد ذلك. أعطاني أولاً «بالعيون السود» كلمات الأستاذ الشاعر عبدالخالق مفتاح، وهي أروع ألحان تلك الفترة الفنية، تبعتها «لوعتي» كلمات الشاعر الراحل باجهل، وهي إحدى القمم الموسيقية له، ثم «يا شاكي غرامك» لمحسن دبا، و«بكشفه للثام» من كلماته.

تضحية المطرب للشعر والموسيقى
إذن كان شاعراً أيضاً؟

- نعم كان شاعراً وملحناً مثلما كان مطرباً، فضحى بالمطرب، واكتفى بالشعر والموسيقى من أجل تلامذته ومن أجل إنشاء جيل الخلافة، فله عدد من القصائد المغناة بصوته مثل «بكشفه للثام»، «ردد التغريد»، «مع النسنوس والبردة» و«قل لذي أمسى بلحظه آسري»، «مسكنك قلبي ولي به».

وماذا عن علاقته بشعراء تلك الفترة؟

- اسلفت في حديثي أن هذا المبدع الكبير لا يضع لحنه لأي شاعر، إلا بعد أن يدرس القصيدة مراراًَ، وهو لا يحصر نفسه كملحن لشاعر معين، بل لعدد من الشعراء. فقد لحن لصالح فقيه وصالح نصيب وصالح مهدي العولقي، شاعر من أبين، كما لحن لأحمد عباد الحسيني والمغلس وعبدالخالق مفتاح والأستاذ عبدالله سالم باجهل.

عرف الفنان محمد سعد الصنعاني بإضافات جديدة للموسيقى اليمنية بشكل عام واللحجية بصورة خاصة، هل لنا أن نتعرف على هذه الإضافات؟

- الفنان محمد سعد الصنعاني كان رجلاً طموحاً وحالماً، يسعى ويبذل جهده للاطلاع والاستماع لكل منتج موسيقي يصله أو يتعرف عليه لدى الآخرين، فقد كان شديد العلاقة بالموسيقيين الأتراك، وتسنى له مراسلة معهد «عرابي» بالقاهرة والحصول على الشهادة. هذه المحصلة مكنته من التميز عن أقرانه من الملحنين بأنه أول أو هو رائد في مجال «وضع المقدمة الموسيقية للأغنية» والمقدمة الموسيقية للقصيدة تختلف عن اللحن الأصلي لها، حيث كانت الأغنية بدون مقدمات فأصبحت بذلك تضاهي الأغنية العربية. ومن اضافاته الجديدة في الموسيقى اليمنية هو أنه حذف «الربع التون» وهو مقياس موسيقي يقيد الأغنية اللحجية ويجعلها متقوقعة، وبهذه الإضافة يمكن للإيقاعات اللحجية أن تعزف في أي بلد غربي وأي فرقة غربية تستطيع عزفها، والنموذج على ذلك أغنية «بالعيون السود» و«لوعتي».

ومن مميزات الرجل حبه لزملائه الآخرين، فلم يكتف بوضع المقدمات الموسيقية لأغانيه، بل وأغاني زملائه مثل أغنية «ن خلف لي الخل وعداً» للأستاذ عبده عبدالكريم، كما وضع بعض المقدمات الموسيقية لأغاني وألحان أحمد فضل القمندان، ومقدمة مهرجان (القمندان) الأول المنعقد في حوطة لحج عام 88م، وكانت الإضافة الثالثة لهذا العملاق أنه أنشأ مدرسة لتعليم النوته الموسيقية، وبذل جهداً غير عادي لتدريسها لتلاميذه، ولم يوفق، لأن التلاميذ ليس لديهم إمكانية استيعاب مادة الرياضيات، التي يقوم عليها علم الموسيقى.

ماهي أبرز ألحان الرجل؟

- للصنعاني ألحان بديعة، شكلت نقطة متميزة في للأغنية اليمنية قاطبة مثل:لوعتي، بالعيون السود، يا شاكي غرام، ضناك يا قلبي الاثنين، هاتها بالله هات، يا اللي وعدت القلب عجل بالوصال، ردد التغريد، يا صباح الخير غنى الطير، في عينيه نور الأمل.. ويرها.

ومعظم هذه الألحان سجلها بصوته في الإذاعة، عندما كان يديرها الأستاذ حسين الصافي في عدن، وقد قدم الأستاذ محمد سعد الصنعاني أكثر من مئة لحن، يغلب على معظمها الطابع المناسباتي.

هل لديك إضافة أو كلمة تريد طرحها للقارئ بهذه المناسبة؟

- أخص بالشكر الأخ منصور عبدالجليل، محافظ لحج، لرعايته وكل الإخوة الذين شاركوا معنا من أدباء وفنانين في التحضير للاحتفال بالذكرى الـ (14) لرحيل الفنان الخالد محمد سعد الصنعاني، وأتمنى التفاتة طيبة من الأخ خالد الرويشان، وزير الثقافة، لتكريم هذا العملاق المبدع، الذي لم تكرمه الدولة ولا مرة، أسوة بآخرين كرمتهم يفوقهم الراحل كثيراً في العطاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى