أيــام الأيــام...مكافأة الفساد

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
كل النذر تشير إلى تحالف غير مقدس بين قوى الشر المفسدة والفاسدة، الظاهرة والمقنعة، بما في ذلك قوى الحرس القديم المنتفعين من حالة الكساد العام وانعدام الرؤية والتأزيم المتعمد للأوضاع، للخروج بصيغة مميتة يعتاشون من ورائها، تماماً كما تعيش الطفيليات، هذه الصيغة هي: تأبيد حالة الفساد داخل هياكل الدولة، وتأجيج الاحتقان السياسي والاجتماعي في الحياة العامة، والدفع بالأمور إلى حافة الهاوية، والنتيجة المتوخاة التكسب غير المشروع من حالة الدولة الرخوة المرعية بعناية للبقاء أطول فترة ممكنة، تماماً كما يفعل تجار الحروب الذين يغمسون أيديهم في دماء البشر.

إنه لمن المؤسف جداً أن يجري الحديث عن الإصلاح الشامل في الإدارة والاقتصاد منذ عهد حكومة المهندس حيدر أبوبكر العطاس، ثم لا نرى إطلاقاً مقداراً من الإصلاح الحقيقي يتعدى إصبع اليد، وكأننا أمام حالة تشبه (سيزيف) حامل الحجر في الأسطورة القديمة بمقاسات ومقومات يمانية حقيقية هذه المرة، وحتى المحاولات الجادة من البعض تصطدم بأساطين الحرس القديم ممن تكونت لهم مصالح بيروقراطية في وزارات بعينها، ليس العدل باستثناء منها، فاتجهت الإصلاحات إلى محاولات ترقيعية وبنائية على مستوى البنية التحتية، ولازال للفساد قرون الشياطين المخيفة حتى إشعار آخر.

يتندر الشارع في حوطة لحج المحروسة بالله على إحالة موظف صغير جداً إلى النيابة لتحايله على مبلغ عشرة آلاف ريال، بينما مسؤول كبير مطلوب للنيابة والمحاكمة على خلفية ملايين الريالات غير المشروعة، وقد جرت مساءلته في النيابة فعلاً بعد أن أراد التحايل بإقالة نفسه من وظيفته كمدير عام.. جرى مؤخراً تعيينه مستشاراً لوزيره المعني، بينما القضية ماتزال منظورة في المحافظة، في إعادة مملة لمسلسل المكافآت التي كوفئ بها مفسدون أفذاذ في الفترات السابقة، في تحد واضح للقانون السائد أو حتى البائد وللحس الجمعي للمواطنين الذين يجدون في هكذا ممارسات استرخاصاً لحياتهم ولمستقبل أولادهم.

إن الإصلاح الشامل والحقيقي لن يتحقق من دون عمليات قيصرية، ومن دون مبدأ الثواب والعقاب، ومن دون تطهير شامل للمفسدين والفاسدين والمرابين وتجار الحروب وسماسرة الأراضي، ومن دون خلق فرص وطنية للكفاءات على حساب الولاءات، وإيجاد اصطفاف وطني عريض يعي المصلحة العامة، لأن الفساد قد غزا حياتنا من أسفل السلم الاجتماعي مروراً بالأحزاب والمنظمات وحتى مرافق الدولة وأجهزتها العامة.

لقد نبه ممثلو الغرف التجارية، وهم قطاع رصين أخرجه الوضع المنذر بكارثة من صمته المعهود ليوجه رسالة إلى فخامة الأخ رئيس الجمهورية في ختام اللقاء التشاوري للغرف التجارية الصناعية أعلنوا فيه: إخلاء مسؤوليتهم عن الأضرار الاقتصادية التي ستولدها بعض القوانين والقرارات ومشروع التعديلات على قانون الاستثمار، ومما قالوه في رسالتهم: «.. نلاحظ بوضوح أن الأوضاع الاقتصادية في حالة ركود، وتتجه نحو كساد شامل يشل مناحي الاقتصاد الوطني، وخاصة مع اتساع رقعة الفقر وازدياد عدد العاطلين عن العمل، وعزوف المستثمرين عن القدوم إلى اليمن، وهجرة الرأسمال الوطني إلى الخارج..) «الأىام» عدد يوم 21 يونيه 2005م.

ألسنا في حاجة ملحة وماسة لثورة ثالثة على الفساد قبل حدوث الكارثة؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى