«الأيام» تستطلع مركز نحل العسل بحضرموت { 2 - 2 }

> «الأيام» علوي بن سميط:

>
محافظ حضرموت عبدالقادر هلال
محافظ حضرموت عبدالقادر هلال
اكثر من مليون طائفة نحل في اليمن تنتج 5 آلاف طن من العسل سنوياً...افضل المراعي دولياً شجرة السدر وتوجد بكثرة كنا قد تناولنا في عدد سابق عن مركز نحل العسل التابع لجامعة حضرموت للعلوم والتكنولوجية، ونكشف هذه المرة وبحسب حديث أ.د. محمد خنبش ما توصل اليه المركز من محاولة ناجحة هي الأولى من نوعها بإيجاد غذاء جديد للنحل من البيئة المحلية وهي (عجينة المسكيت) أي قرون شجرة السيسبان كبديل لحبوب اللقاح الطبيعية، التي تنعدم لفترات، وتلك إضافة علمية. وفي السطور التالية المزيد من المعلومات عن عالم النحل اليمني.

المعروف أن معظم الدول العربية منها والآسيوية والأوروبية تنتج عسلاً، ولكن الانتاج اليمني متميز وعسل محافظة حضرموت اكثر تميزاً، هل هناك فروق بين هذا العسل أو ذاك ام أن أسباباً أخرى طبيعية وغيرها شكلت هذا التميز؟

- طبعاً .. اولاً العسل يرتبط بعاملين رئيسين الأول المرعى او (المجنى) وثانياً الظروف البيئية من حرارة ورطوبة. وعامل ثالث لا يقل أهمية عن الاثنين، وهي الخبرة الموجودة لدى النحال لإنتاج أنواع العسل، لو نأتي للعوامل الثلاثة على حضرموت فإن عسل حضرموت منتج من أفضل المجاني وهي أشجار السدر (العلب). والمعروف أن هذه الشجرة بها فوائد طبية صحية في كل مكوناتها من الجذر والساق والأوراق فما بالك في الرحيق المستخرج منها وهو روح الزهر .. طبعاً سيسأل كثير من الناس بالقول أن العلب موجود بحضرموت وفي شبوة وفي كل مكان إذن بماذا يتميز علب حضرموت، أقول يتميز بشيئين فعند إزهاره خاصة بالمناطق المعزولة والنائية يزهر من تلقاء نفسه، لذا يجمع النحل العسل من (العلب) فقط بعكس مناطق او محافظات اخرى، يجمع النحل من العلب ونباتات أخرى فيختلط، لذا تقل الجودة ثم إن ظروف وادي حضرموت من حرارة مرتفعة ورطوبة منخفضة، وبالتالي يكون إنتاج العسل هنا سميكا وثخينا ولزوجته مرتفعة ولونه يميل للسمرة وهذا النوع مرغوب في السوق الداخلي والخارجي.

الكثير يميز العسل الأصلي من حيث نكهته أصحيح ذلك؟

- نعم لأن به تركيزا للمواد الصلبة، وللأملاح المعدنية وللفيتامينات، لذا تكون النكهة أكثر وممميزة، فمثلاً إذا أتيت بعسل سائل فنسبة الأملاح او المواد الصلبة تكون قليلة، واذا كان مركزاً فإن النسبة الغذائية مرتفعة إضافة إلى فوائد أخرى، فالتجارب أثبتت أن عسل السدر المنتج في حضرموت وشبوة وبعض المناطق اليمنية له استخدامات طبية عديدة لذلك يكون مرغوباً ويمكن استخدامه في علاج وشفاء، بإذن الله، لعدد كبير من الامراض كأمراض الجهاز الهضمي واضطرابات ضغط الدم والأنف والصدر، بل وحتى امراض العيون وكذا الجروح الصديدية الناتجة عن أمراض السكر أو ما تسمى (بغرغرنيا السكر). أعود لاستكمال الإجابة على السؤال الذي سبق، الخاص بتميز عسل حضرموت، كما سبقت أن قلت إن أشجار السدر أيضا في مناطق اخرى، ولكنها تزهر نباتات أخرى، ثم إن الجو مرتفع الرطوبة فتنتج أعسال سائلة، ربما لا يحصل لها نوع من التحول لارتفاع الرطوبة بالعسل، على عكس المناطق الجافة بالذات كحضرموت بالوادي وشبوة وبعض مناطق محافظات صعدة وحجة، تجد نسبة الرطوبة منخفضة إلى 13% أو أقل، وتعريف العسل وجودته عالمياً محدد بنسبة رطوبته من 15 الى 16 الى 22% إذن فإن العسل اليمني، ولاسيما الحضرمي عسل فريد من نوعه من حيث نسبة الرطوبة فيه، أما إذا ما قورن العسل اليمني مع الأعسال الأخرى نبدأ بالمرعى، فأشجار السدر موجودة على سبيل المثال في السعودية وعمان أوتركيا، ولكن الأنواع تختلف لأنه ليس نوع واحد، وعندنا باليمن فإن الخالق جل وعلا حبا اليمن بظروف بيئية أنتجت أصنافاً من السدر ممتازة جداً، إضافة إلى كل هذا وذاك تجربة النحال اليمني وتراكم الخبرة لديه ساعد على إيجاد فروق بين عسل النحل عندنا والنحل بالخارج.

من الجانب الاقتصادي إلى أي تقدير وصلتم أو تأكدتم من الكميات المنتجة من العسل وعائداتها والكميات المصدرة؟

- وصلت أعداد طوائف النحل الخلايا في اليمن الى 00،200.1طائفة تنتج أكثر من 5 آلاف طن من العسل سنوياً بما قيمته 8 مليار ريال يمني ويصدر 350 طن بقيمة اجمالية تزيد عن 13 مليون دولار سنوياً.

مسؤولة بالسفارة الامريكية تزور المركزعام 2004م
مسؤولة بالسفارة الامريكية تزور المركزعام 2004م
أمام هذا الجهد الذي يبذله مركزكم ما نوعية المساندة والدعم لكم من السلطات المحلية بمحافظة حضرموت؟

- طبعاً من حسن حظنا أن مسؤولي السلطة المحلية بمحافظة حضرموت يدركون دور المراكز البحثية ودور العلم، وعلاقتنا بالمؤسسات الحكومية تنمو وتنطلق، وتأتي في المرتبة الاولى اهتمامات ومتابعات الأستاذ عبدالقادر علي هلال، محافظ حضرموت لكل ما يعتمل بالمركز من ابحاث ودورات، ونعتبره راعيا رئيسيا للمركز وداعما أول، وقام بزيارة المركز واطلع على ما به من أنشطة ويواصل متابعاته لخطوات المركز، وترجم كل ذلك بدعم معنوي ومادي، كما أن الأخ المحافظ وبحرصه الدائم وافق على تمويل ورشة الاستراتيجية الوطنية، واتذكر جيداً بأنه اعطانا دفعة معنوية كبيرة عندما قمنا باكتشاف العجينة الخاصة التي وضعها المركز كغذاء جديد للنحل، وهنأ الباحثين وأشاد بهذه الخطوة، وهذا الغذاء نعده أول اكتشاف بالجمهورية اليمنية، وهو أيضاً غير موجود بأي منطقة من مناطق العالم كطريقة غذاء، إذ استخدمنا بذور السيسبان وخلطها بمواد طبيعية متوفرة محليا، ونعتبره منجزاً علمياً، ورعى الأخ المحافظ هلال أيضاً الندوة الخاصة بتشريعات حماية النحالين والنحل، كما أن الأخ أحمد الجنيد، وكيل المحافظة لشؤون مديريات الوادي والصحراء سباق لحضور أي فعاليات ينظمها المركز ويدعم أنشطتنا، كما أن الأخ المحافظ طلب دراسة أعدها المركز بخصوص انشاء مركز لتصدير العسل وقدمناها للأخ المحافظ، نحن كمركز متخصص ووحيد بالجمهورية نعتبر أنفسنا هيئة استشارية للسلطات الحكومية وهيئات المجتمع نقدم لها تصوراتنا ودراساتنا واستشاراتنا في هذا المجال بهدف تطوير تربية النحل علمياً والحفاظ على سمعة العسل اليمني.

وبعد ..ذكر القرآن الكريم فوائد نحل العسل وما فيه من شفاء وقال تعالى: {وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللاً يخرح من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون» آية 68.69 سورة النحل، لذلك فإن العمل في مجال تربية النحل مبارك وإنتاجه يسوق سريعاً إن لم يكن مغشوشاً، وفيه شفاء لكثير من الأمراض وأضحى ثروة اقتصادية مهمة مما جعل الحكومة اليمنية وبقرار من رئاسة الوزراء أن يكون العسل من بين خمسة محاصيل رئيسية في اليمن .. وبعد طوافنا بمركز نحل العسل ومشاهدة ما يعتمل فيه فإنه كمركز علمي يحتاج للاهتمام من كل الجهات، وعلمت «الأىام» أن عدداً من مسؤولي السفارات الغربية قد زاروا المركز واطلعوا على التجارب والأبحاث، واشادوا بمستوى الباحثين والاهتمام العلمي، الذي يبديه القائمون على المركز ومن بين الزائرين مسؤولة بالسفارة الامريكية عام 2004م، كما أن المركز دائم الحضور في الفعاليات الرسمية الكبيرة التي تنظم من خلال إبراز نتاجاته وعرضها وآخرها معرض مركز نحل العسل في المكلا، الذي تشرف الأخ عبدالقادر علي هلال بافتتاحه أثناء احتفالات الذكرى الخامسة عشرة للوحدة مايو 2005م، ويصدر المركز سلسلة أبحاث مطبوعة دوريا ومجلة فصلية بعنوان (النحل اليمنية) وأصدر المركز أكثرمن ستة كتب وكتيبات ما بين تدريبية وإرشادية، وما يخص النحل عموماً ويعمل حالياً على مكافحة الآفات وأعداء النحل .. وننقل هنا أهمية النحل في اقتصاد البلاد عبر التاريخ، إذ تؤكد المصادر التاريخية إن اليمن عرف تربية النحل من القرن العاشر ما قبل الميلاد، ووصفت اليمن بأنها موطن الطيوب والعسل قديماً .. ويصف (انجرامز) في تقريره عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في حضرموت، الذي أعده في الثلاثينات «بأن تجارة العسل تحتل المرتبة الرابعة في اقتصاديات دولة حضرموت في القرن العاشر قبل الميلاد، كما يعد المحصول الثاني ذو القيمة الاقتصادية بحضرموت»، ص 62 الصادر عن جامعة عدن، الطبعة الأولى 2001م.

عسل دوعني (صبيب)
عسل دوعني (صبيب)
ومع انتشار الإسلام يذكر تقرير صدر في 88م عن المنظمة العربية للتنمية الزراعية نقلاً عن ابن سعد في الطبقات إلى أن رسول الله [ كتب للحضارم خصوصاً لربيعة بن ذي مرحب الحضرمي وإخوانه وأعمامه «إن لهم أموالهم ونحلهم ورقيقهم وآبارهم وشجرهم ومياههم وسواقيهم ونبتهم وشراجعتهم بحضرموت ولكل ولآل ذي مرحب، وإن كل رهن بأرضهم يحسب ثمره وسدره وقضبه من رهنه الذي هو فيه، وإن كل ما كان في ثمارهم من خير الله لا يسألهم أحد عنه»، ويظهر هنا أن الرسول [ في كتابه لآل مرحب الحضارم أكد على حقهم في النحل، وجاء في كتابه ذكر النحل بعد الأموال، مما يؤكد اعتماد الحضارم منذ القدم على هذه التربية للنحل كمردود اقتصادي ويتواصل هذا منذ ذاك إلى اليوم .. وننقل للقارئ الكريم النمو الحاصل للاهتمام بتربية النحل والإنتاج، ففي عام 90م أنتج 892 طن من العسل في اليمن، وفي 95م 1706 أطنان ليتضاعف منذ 2003م حتى 2004م 5005 طن، كما أن الاهتمام العلمي من حيث الدراسات والأبحاث ارتفعت وتضاعفت 10 مرات عما كانت عليه منذ 90م، إذ وصل عدد الأبحاث والدراسات الى 107 أبحاث منذ 2000 حتى النصف الأول 2005م، وبلغ عدد الرسائل العلمية للماجستير والدكتوراه بكل ما يتعلق بنحل العسل وتربيته ومواصفاته واستخداماته الطبية ومراعيه وتأثير المبيدات على النحل 13 رسالة مقارنة بثلاث رسائل في 90م، وبلغت التقارير العلمية 8 تقارير علمية عالية، ومن عام 2000م حتى 2005م النصف الأول تم تدريب 1625 نحالا وبلغ عدد المهتمين والاختصاصيين 27 بدرجة بكلاريوس و10 ماجستير و3 دكتوراه، وتبين أن تربية النحل تزيد من زيادة دخل ومصدر رزق لـ 16500 اسرة يمنية، وتأتي في المرتبة الأولى من حيث أعداد طوائف النحل ونسبتها المئوية محافظات شبوة، إب، حضرموت، الحديدة، وبعدئذ لحج أبين، حجة، صعدة، ذمار، تعز، الضالع، عمران، المحويت، صنعاء، المهرة وعدن.

ونحن في «الأيام» نقدم الشكر لأولئك الذين يعملون بصمت في هذا المركز العلمي الذي أضحى معروفاً بمشاركاته أيضاً في الندوات التخصصية الدولية، ويقدمون زلالا صافيا وخلاصة مفيدة للمجتمع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى