مع الأيــام...الجنوب اليوم في العاصمة الخرطوم

> علي سالم اليزيدي:

>
علي سالم اليزيدي
علي سالم اليزيدي
وصل الجنوب إلى العاصمة الخرطوم، بعد غياب دام 22 عاماً، وهكذا أسفرت قسمة الحكم في النهاية عن إنجاز سياسي واسع الحدود بالنسبة للجنوب وقادة الجنوب والحركة الشعبية لتحرير السودان، وفي قلب العاصمة التي وصلها (قرنق) أمس الأول السبت، تم الاتفاق على عدالة توزيع الثروة والسلطة، وشهد العالم هذا الاتفاق البروتوكولي الختامي لحدث طويل حمل من المآسي والتصادم والنزاع والضياع للجنوب وسكانه ما يكفي بسبب النرجسية في السلطة وحكم العسكر والانهيارات في السياسة والاقتصاد وأساليب الاستحواذ والثراء الفاحش وتفاقم أزمة الفقر والفاقة لأغلبية السودانيين في الشمال والجنوب، وشهده أيضاً الأمين العام للأمم المتحدة وأمين عام الجامعة العربية وعدد كبير من قادة الدول الأفريقية.

وبعودة الجنوب إلى قلب الحكم بعد كفاح طويل وليس تمنيات، وقد توفرت لحركته طوال هذه السنين العوامل والظروف الموضوعية، فقد تصدرت الحقيقة السياسية الواضحة السودان خلال كل هذه السنين، وهي أن القوى التقليدية والعسكرية استحوذت على مقاليد السلطة وصنع القرار، وظهرت أيضا بعض التحالفات المرحلية ما بين البيتين أو الأنصار والختمية. وكل هذا جعل هذا البلد ذا المليون ميل مربع والمجاور لعديد من الدول، عرضة للتدخلات الأجنبية في شؤونه، ودخلت الأطماع الخارجية في نطاق الولاءات المشبوهة على مسرح السياسة السودانية، ومن هنا وهناك كانت كل الجهود التي طرحت نفسها تدخل في إطار المطالب الجماهيرية وطموحات التغيير، وتهدف إلى استبدال المناخ السياسي الذي أنتج استبداداً عسكرياً وفساداً وجعل من ادعاءاته بالديمقراطية والحرية السياسية ترفاً محددة أغراضه ومراميه في ملهاة الديمقراطية، ولكنها لا تعني تصويب الحكم ولا تصحيح نهجه. وقد دخل الجنوب السوداني حاكماً ومقتسماً الثروة ولا يطلب السماح والعفو، أو يبحث أحدهم عن بقايا مخلفات لأراض أو رواتب لسنين خلت، أو تهجير أسرة من منزلها بدعوى السطو أثناء الغياب، أو السكوت عن الحقوق والاستحقاق بالإغراءات والسيارات، لم يكن الأمر عند قرنق ورفاقه وهم يضغطون على بندق أبو شرفة وتأكلهم حشرات الأحراش وحسرة البعاد والحرمان، إلا إصرارهم على تقويم الوضع ولو بنسبة تحقق شيئا أو كامل الديمقراطية الاجتماعية في الحكم والمعيشة والوجود، وعلى هذا جرت مسألة المكسب والخسران في نضالهم طوال 22 عاماً، وقد ساعدتهم قوى عديدة داخلية وخارحية عربية وأجنبية وسودانية، حينما تجسد صدق نواياهم الشاملة الحل ولا تجزأت لديهم حقوق الأرض والإنسان والتاريخ، وعوامل منها مزايدات النظام وإغماط دور القوى السياسية والتمادي بالغرور، وكذا تواصل ظاهرة اليقظة الوطنية للشعب السوداني على مدى التاريخ الحديث.

الجنوب في العاصمة الخرطوم يقف شريكا وطنيا كاملا لا منتقصا، وربما تحفظ البعض وتبرم البعض الآخر، وهناك من أفصح عن رأيه ومنهم بعض قوى المعارضة التي ذاقت الحكم لبعض الوقت ثم جلدت بسوط النظام قالت: هذا حكم شمولي ثنائي، وقال رجال الجبهة الشعبية (الجنوبيون): إنها نقلة عظيمة في تاريخ البلاد. وردد الرئيس السوداني من دون عصا هذه المرة وعلى مضض: انتصرنا للشورى والعقل ! وأما ما هو ظاهر للعيان، فإن الأمر لم يعد ترفاً سياسياً منحه هذا لذاك، وإن الجنوب قد قطف ثماراً ناضجة، وبكر في الخرطوم ينادي: هذه بلادي والسماء للطيور.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى