أرقام .. أرقام.. ولكن!

> علوي أحمد شملان:

>
علوي أحمد شملان
علوي أحمد شملان
منذ أزمنة سحيقة شغف الكثير من المجتمعات البشرية بالأرقام والأعداد أيما شغف، إلى درجة نسج الحكايات والأساطير والمعتقدات. وقد قيل إن الفيلسوف الإغريقي الشهير (فيثاغورس) كان ولوعاً بالأعداد حتى أنه شكل كتيبة من أتباعه لكشف أسرار الأرقام والأعداد، والوصول إلى أرواحها حسب معتقداته ومعتقدات أهل زمانه.

تلك أزمنة خلت وذهبت معها الوظيفة (الميتافيزيقية) للأعداد والأرقام، ومع أن قلة قليلة باقية من الناس والمجتمعات لا تزال على اعتقادها في روحانية وأسرار الأرقام، إلا أننا نستطيع أن نطلق على زمننا هذا مسمى الزمن الرقمي بكل ما تعنيه الكلمة، ولكن بمفاهيم علمية دالة على الوظائف (الاقتصادية والفيزيائية) للأرقام.

فحياة البشرية اليوم أنماط وصور متباينة المستويات والألوان، والمجتمعات المتحضرة اليوم تولي اهتماماً بالغ الأهمية لنشر الأرقام والإحصائيات العاكسة لكل تفاعلات صور الحياة.

وفي بلادنا - وهذا بيت القصيد لهذه العجالة - تنبهت بعض الجهات أخيراً إلى أهمية الأرقام ونشرها، فعلى سبيل المثال نشرت مؤخراً بعض المعلومات الغنية بالأرقام، ومن هذه المعلومات عرف الناس أن بلادنا هي من الدول الأولى عالمياً إنتاجاً وتصديراً للحبار البحري، وهي الأولى عربياً إنتاجاً للشروخ الصخري، وأن المخزونات السمكية لدينا تتيح اصطياد ما يقارب الـ (400 ألف) طن سنوياً لنحو أكثر من (400) نوع من الأسماك والكائنات البحرية الأخرى، وأن في البيئة البحرية ما يزيد عن الـ (140) نوعاً من العوالق الحيوانية، وما يفوق الـ (200) نوع من الشعاب المرجانية، وهناك أرقام وأرقام كثيرة، كان أهمها الإشارة إلى أن عدد العاملين في القطاع السمكي حوالي (315 ألف عامل) وهؤلاء يعيلون ما يقارب الـ (7،1 مليون) نسمة من إجمالي عدد السكان.

وفي إحصائية- صدرت مؤخراً - من الهيئة اليمنية للمساحة الجيولوجية، قالت الأرقام إن احتياطيات اليمن من الذهب الخام بلغت أكثر من (6،31) مليون طن، ومن الرصاص والفضة (6،12) مليون طن، ومن البلاتينيوم (40) مليون طن، ومن المعادن الأخرى (860) مليون طن.

هذه أمثلة، ولا شك أن هناك أرقاماً كثيرة تصدر وتنشر في بعض المناسبات.. والسؤال هنا: هل نكتفي فقط بنشر الأرقام مناسباتياً فقط؟ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه ما يزال بيننا اليوم - من القائمين على قيادة بعض الجهات والمصالح - من يتعامل مع الأرقام كما يتعامل معها المنجمون والسحرة، فهناك غموض كثيف يحيط ببعض جوانب الحياة لدينا، ومن ذلك مثلاً الغياب التام والكامل للأرقام والمعلومات المتعلقة بالفساد ودرجاته، وغياب الأرقام الحقيقية المتعلقة بمستويات ودرجات البطالة والفقر.

إن التعتيم وحجب الأرقام والمعلومات عن عامة الناس وجعلها حكراً على النخب الحاكمة والمقربين منها، كانت سمة من سمات سياسات مراحل ذهبت إلى حال سبيلها كما يذهب أي شيء، أما حاضرنا الرقمي المعاصر فإن الشفافية والشراكة من سماته ومصطلحاته وشعاراته الكبرى التي ترفع الآن في كل مكان، وأظن أن حركة الزمن وإيقاعاته ستفرض على الجميع القبول بالشراكة في الهموم والمكتسبات والحقوق والواجبات، وفي المعرفة والحصول على الأرقام والمعلومات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى