من ندوة «الأيام» حول قانون نظام الوظائف والأجور والمرتبات (2)

> عدن «الأيام» خاص:

> العماري: القانون غير قابل للتطبيق لا في سنة ولا اثنتين أو ثلاث سنوات والمحامي باسنيد: من القراءة الأولى للقانون يتضح مجيئه على استعجال...نستكمل في هذا الجزء الثاني والأخير النقاش حول قانون الأجور والمرتبات والوظائف من خلال ما تبقى من حديث د. باناجة: كان ينبغي أن يقدم مشروع القانون مع لائحته التنفيذية مع الهيكل المقترح مع نظام التوصيف والتصنيف الوظيفي ومعايير التقييم للترقية كمنظومة متكاملة لنظام الوظائف والأجور والمرتبات، ليتم مناقشته ومن ثم إقراره كمنظومة، ولكن الاستعجال الذي اتسم به إعداد القانون ومناقشته سيتسبب دون شك بعرقلة تنفيذه أو على الأقل تأخيره، لأن الجهة التي أعدت القانون لا يوجد لديها الى اللحظة أي تصور رقمي بالهيكل، وهو الأخطر في هذه المنظومة، وعدم وجود ذلك قد يتسبب إما بعدم مواءمة الأجور للحياة المعيشية، وإما باختلال دائم في الموازنة العامة، لأنه كان ينبغي دراسة أثر الزيادة المقترحة في الأجور على الموازنة العامة وكذلك على الإنتاجية وعلى الحياة المعيشية وعلى عدد آخر من المتغيرات الاقتصادية.

- ملاحظة أخيرة بهذا الصدد ويمكن إسقاطها على مناحٍ أخرى من نشاط الحكومة.. يجب أن تدرك الحكومة أنها ليست وصياً على الشعب، بل هي مجرد إدارة مختارة مؤقتة لشؤون المجتمع، ولذلك ينبغي عليها أن تترك شرائح المجتمع ذات العلاقة بكل قانون في النقاش الموسع وتعمم النقاش على مستوى أجهزة الاعلام المختلفة: الصحف، الإذاعة، التلفزيون، ليتمكن كل من يريد المشاركة من إسداء الرأي بهدف تنقيح القوانين أو الاستراتيجيات أو حتى الإجراءات الهامة لضمان وصولها إلى مجلس النواب باكتمال نسبي من حيث كفاءتها أو قبولها من قبل شرائح المجتمع.

وهذا الأسلوب متبع في كل البلدان بما فيها البلدان غير الديمقراطية والنصف ديمقراطية.

وهنا أود أن أن استدل بمثال على ذلك: قانون العمل المصري استغرق إعداده حوالي عشر سنوات، نوقش في مجلس الشعب على مدى 29 جلسة في دورتين متتاليتين امتدت حوالي 6 أشهر وصدر في أبريل 2003م، ونص القانون على بدء سريان تنفيذه في يوليو 2003م أي بعد شهر من تاريخ صدوره.

وهنا أقدم بعض الملاحظات التفصيلية فيما يخص الحد الأدنى للأجور، وهو خط الفقر الذي تحدده المسوحات الدورية لميزانية الأسرة.

في هذا الجانب أنا كانت لي ملاحظة ضمنتها الملاحظات التي رفعتها لجنة كان قد طلب منها من قبل بعض أعضاء مجلس النواب إعداد ملاحظات حول مشروع القانون والاستراتيجية، وقلنا لماذا لا نعمل مثل بعض الدول الأخرى التي اضطرت إلى ربط الأجور بمتغيرات الأسعار، مثلا الولايات المتحدة في عام 1973م ربطت الأجور بالرقم القياسي للأسعار نتيجة لزيادة الأسعار التي نجمت إثر الصدمة النفطية الأولى 1973م، والبرازيل والمكسيك وغيرها من الدول ربطت أجورها في ظل مواجهات موجات التضخم (معدل التضخم).

وهاذان المؤشران (الرقم القياسي للأسعار، معدل التضخم) يتم قياسهما يوميا- شهريا - سنويا.

قد يقول البعض إنه من الصعب إجراء تغيير سنويا للهيكل، طبعا هذا مستحيل، وما أقصده هو تغيير سنوي للراتب مربوط بمعدل التضخم، وليس تغيير الهيكل.

ويمكن بهذا الصدد اقتراح أن تكون العلاوة السنوية هي بمثابة معدل التضخم السائد في السنة السابقة.

فإذا كان مثلا معدل التضخم 13% في عام 2005م فإن العلاوة السنوية للراتب يفترض أن تكون بمعدل 13% من الراتب، وبهكذا تحافظ الأجور على قيمتها الحقيقة، أما انتظار 6 أعوام لحين إجراء مسح لميزانية الأسرة يعني انتظار فقدان نسبة من القيمة الحقيقية للأجور بمقدار معدلات التضخم التراكمية لستة أعوام.

د. محمد العماري، أوضح في ورقته للندوة: «الحقيقة أن الشيء المعروف لدينا في اليمن والذي نعرفه جميعا أننا قد نجيد وضع القوانين، لكننا لا نجيد تطبيقها، وهذه قاعدة عامة معروفة.. عندنا يمكن مئات من القوانين المحامون يمكن لا يستطيعون أن يتابعوا ما يحدث من تعديلات من كثرتها وظهور قوانين جديدة، وهذا واحد من القوانين، لكنه يتصف ويتميز بميزة أخرى وهي أنه قانون ربما مركب، يعني مستورد، وأنا اعتقد أنه غير واقعي فيما طرحه وفيه مجموعة من التناقضات كما أشار الزملاء اليه.

دعونا فقط نقرأ أهداف القانون ونرى الى أي مدى يمكن أن يصدق عاقل أن هذه الاهداف ممكن أن تتحقق .. في الباب الثاني الاهداف والسريان مادة (3) يهدف القانون الى تحقيق ما يلي:

أ- بناء هيكل موحد للأجور والمرتبات يقوم على ربط الراتب بالوظيفة ونوع العمل المؤدى وإعادة تقييم التوازن بين الراتب والبدلات.

اذن نحن سنربط الراتب بالوظيفة وبالتالي نحن نحتاج إلى أن نوصّف الوظائف، وهذه قصة، فإذا وصفنا الوظائف نحتاج بعد ذلك عند الترقي أن نضع معايير لتقييم الوظائف، وهذه قصة ثانية، فقد نضع معايير لكن ذلك يحتاج فترة وأنا أعتقد هذا مشروع يحتاج فترة لا تقل عن ثلاث الى أربع سنوات، وحتى اذا وصفنا نحن الوظائف ووضعنا معايير كل الناس يعرفون أن معايير تقييم عمل الانسان بأن وضع المعايير مشكلة نظرية بحد ذاتها، فهناك خلافات حول مسألة تقييم عمل الانسان كيف نقيمه؟ وكيف ممكن نراقبه؟ والمشكلة الأكبر في واقعنا أنه حتى اذا وضعنا المعايير لا أتوقع ان تطبق هذه المعايير ولا يمكن لأننا نعرف أن الوظيفة في واقعنا لا تتم على أساس الكفاءة ولا أساس الإمكانية، فالواقع يخلق معايير أخرى في المعايير السائدة.

ب- تمكين الدولة رب عمل قادر على جذب الكفاءات الجيدة.

هل يمكن للدولة بهذا الراتب الذي حدد بعشرين ألف ريال أن تجذب كفاءات؟ أنا اشك في هذا الكلام ولا يمكن أن أصدقه، يعني القانون بحد ذاته ينافي نفسه، فكيف يمكن للدولة بهذا جذب الكفاءات أو بناء جهاز حكومي كفء وفعال قادر على تقديم الخدمات ذات المستوى والنوع العالي للمواطنين وبما يهيئ المناخ الملائم للاستثمار.. مش عارف أنا كيف ذلك.

ج- معالجة الخلل في التوازن بين المناطق الحضرية والريفية.

سنحل الخلل من خلال قانون الرواتب والأجور ولا أعلم كيف ذلك، هل الخلل هو في الرواتب؟ أم الخلل في التنمية بين المناطق هذه؟.

د- تخفيف الضغط والانكماش في سلم الرواتب وتحديث وتبسيط الهيكلة الحالية وإزالة النواحي السلبية فيها مع المحافظة على بساطة وسهولة إدارتها إلى آخر الاهداف.

أنا اعتقد أن هذه الأهداف في واقعنا غير واقعية وغير ممكن تطبيقها لا في الأمد القريب ولا في الأمد البعيد إذا ظل الواقع كما هو، فالمشكلة ليست هذه.

الملاحظة الثانية لاحظت أن من ضمن اهداف هذا النظام أنه يهدف إلى وضع وتطبيق طرق موحدة وعادلة ومحفزة لتحديد راتب موظف للتدرج ضمن سلم الترقي والترفع، وفقا لنظام توصيف وتقييم الوظائف الى آخره.. كما قلت هذه اشكالية، يمكن لا نقر بأنه من السهل تحقيق مثل هذا الهدف، أو نظام مبني عليه، فهذا نظام نظري نقرؤه في الكتب لكن في الواقع الأمر مختلف تماما.

ملاحظة ثالثة لاحظت أن المادة (19) نصت على جملة من الاوضاع غير المشروعة أو غير القانونية، وحددها، وكأن القانون جاء مستهدفا القضاء على هذه الاوضاع، وهذا يجعلني اسأل: هل القانون السابق كان يجيز مثل هذه الأوضاع غير القانونية؟ أنا أعتقد لا، لا يمكن الواحد يتصور أن القانون السابق لم يكن يحرم ويمنع مثل هذه الأوضاع غير القانونية: أن الواحد يستلم راتبين أو موظف مش موجود ويستلم راتب، هل يوجد ذلك في القانون أو الشروع أو العرف؟ بالتأكيد غير موجود، والنص عليه في هذا القانون يعتقد منه البعض أننا حللنا بذلك المشكلة، وأنا متأكد أن النص عليها في القانون لا يعني أننا سنحلها، فلا يمكن أن تحل هذه المشكلة من خلال النصوص فقط، الحل يحتاج اجراءات، والإجراءات تحتاج إرادة، أما النصوص فقد كانت موجودة في القوانين السابقة وفي الشرع وحتى في العرف، وأنا اعتقد أن النصوص لا يمكن أن تحل لنا مثل هذه الاوضاع غير المشروعة أو الاوضاع التي تمارس في الواقع ونص القانون باعتبارها واحدة من الأهداف أو الغايات التي جاء القانون لكي يعالجها.

أتوقع أن هذا القانون، وعادة نحن نعرف أن أي قانون للوظائف أو إصلاح في القانون أو نظام الاجورأو زياد في المرتبات تأتي دائما موازية لمثل هذه الجرعات، حتى في السابق كانت الزيادة في الأجور تأتي قبل، أما هذه المرة فقد جاءت الجرعة قبل واكتفت الحكومة باصدار قانون غير قابل للتطبيق لا في سنة ولا في سنتين ولا ثلاث سنوات طالما أنه معقد ومبني على مجموعة من اللوائح ولائحة تنفيذية ولائحة يعدها مجلس الوزراء ووحدات فنية يحتاجها شغل، وهذه الوحدات الفنية ستختلف مع المرافق ووزراء سيختلفون مع بعضهم وستصل الى الرئيس بمعنى قصص طويلة وليست قضية سهلة من أجل أن نعده من ناحية نظرية.

أنا اعتقد أن إيجاد هذا القانون كان فقط لتلبية مطلب وهو أن الجرعة ملازمة لرفع الرواتب، فصدر القانون لكن الرواتب لم يطرأ عليها أي تعديل، وأعتقد أن الحكومة ستستدرك الأمر وسيعملون زيادات في اطار النظام السابق كما قال الزميل د. محمد باشراحيل من أجل التهدئة، وكان لو عملوه ربما خفف من وقعة الأحداث التي حصلت لو تزامنت الجرعة مع إعلان في الزيادة وإن كانت وفق القانون السابق على أن يطبق القانون الجديد، وربما كان ذلك الأصوب للتخفيف من أحداث الشغب التي حدثت في الشارع اليمني.. هذا ما أردت إيضاحه وشكرا».

وهنا مداخلة للأستاذ نجيب يابلي: «نحن قلنا هناك لفظة أجور وهناك جور في المقابل، والجور هذا أن مرتبات الوزراء ارتفعت إلى 800 ألف ومرتبات أعضاء مجلس النواب إلى 500 ألف وأعضاء مجلس الشورى إلى 350 ألف».

وعن الرأي القانوني يوضح المحامي بدر باسنيد: «من القراءة الأولى للقانون نجده جاء على استعجال وغير سوي وجاء لاستكمال استحقاق معين على السلطة، وصدر على عجالة لذا لا نستغرب الاهداف الكبيرة التي وردت في القانون، ونحن القانونيين نسميها نصوص زينة، يمنحك حقوقاً في جانب ويعود يأخذها في الجانب الآخر مثل قانون الاجراءات الجزائية الذي يعطي حقوقا ويعود ليحجبها، وهذا القانون إما وضع على عجل أو استعجل في إصداره لظرف معين لذا كان خاطئا واستخدم فيه اسلوب صياغة لا يخدم مصلحة الناس، الذين يفترض أن لهم مصلحة حقيقية من هذا القانون، وعلى سبيل المثال التعريف بخط الفقر يقول (خط الفقر هو قيمة سلة المواد التموينية الاساسية التي تشمل المواد الغذائية وغير الغذائية) فماذا عرفوا ومن سيحدد قيمة هذه السلة الغذائية وغير الغذائية؟! ولم يذكر أيضا الخدمات، ويضيف التعريف إن هذه السلة تقاس من خلال النتائج التي تكشف عنها المسوحات الدورية ومثل ما قال الأخون بعد ست سنوات إن حصل.. هذا الكلام عندما يطرحونه للمواطن العادي الذي لا يفهم الأمور والأمي والبسيط والذي يصفق لكل حاجة سيقول هذا الكلام جميل، وسيصفق بينما هذا الكلام لا يعني شيئا، والكلام الكبير عن أهداف القانون إنشائي ولا يمكن تحقيقه، ولا أحد يكتب في القوانين أن تحديد خط الفقر سيكون مستقبلا تاركا الفترة مفتوحة ودون وضع آلية وتوقيت واضحين، إلى جانب إلغاء القانون لنصوص واردة فيه، بينما المفترض أن يوضح القانون إلغاء النصوص التي تتعارض معه في القوانين الأخرى، وهذا القانون إن كان فيه مكاسب فإن اللائحة التنفيذية ستسحبها، وهذا القانون غير ذي جدوى.

ومن مداخلات المشاركين التي اختتمت بها الندوة التالي: ما علاقة هذا القانون مع ما يسمى بالحزمة؟ وما هي أصلا هذه الحزمة التي يتحدث عنها واضعو القانون، الذي يأتي مع الزيادات السعرية التي هي حديث وحدث الشارع اليمني حاليا؟.. هناك ظلم فيما يتعلق بالمعاشات، فالقانون الصادر تناول هذه المشكلة لمن معاشهم 7 آلاف ريال لكن لا توجد رؤية ما إذا كانت هذه الشريحة سيقفز معاشها إلى 20 ألف ريال أو كيف سيتم التعامل مع من معاشهم قرابة 20 ألف ريال أو دونه وهل سيتم رفع معاشاتهم أسوة بالجميع أم سيؤجل النظر في أمرهم الى وقت لاحق كما بين واضعو القانون؟.. تطبيق الحكومة لقرار الزيادات قبل تنفيذ مجلس النواب لقانون نظام الأجور وهذا تجاوز للمجلس.. التناقض الوارد في مواد من هذا القانون حول هيكل موحد كيف نفهمه؟.. القانون وردت فيه اخطاء تكتشف بسهولة من قبل أي قانوني وتؤكد أنه لم يعد من قبل قانونيين متخصصين، إضافة الى حرمان فئة ومنح أخرى امتيازات هي في الأصل حقوق للجميع.. القانون استثنى شرائح عدة من التسكين الوظيفي حيث اشترط وجود الموظفين والعاملين على رأس وظائفهم وأعمالهم، بينما هناك شريحة واسعة ممن يعرفون بالعمالة الفائضة وعمال وموظفي المؤسسات والمصانع والمرافق المتعثرة ويجب أن يساووا بالجميع.

عقب ذلك اختتمت الندوة بشكر جميع المشاركين، الذين أثروا النقاش حول قانون نظام الأجور والمرتبات والوظائف، الذي يحتل صدارة اهتمام موظفي وعمال القطاع العام حاليا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى