القنبلة الموقوتة في قانون الأجور والمرتبات«عملية النقل والتسكين الوظيفي»

> «الأيام» عدنان غالب العامري:

> لم يتعرض حتى الآن أحد من الكتاب لقضية النقل والتسكين الوظيفي، والمقصود بهذه العملية نقل الموظف من موقعه بالتقسيم الوظيفي السابق إلى المكان الذي يستحقه بالتقسيم الوظيفي الجديد، وهذه القضية هي الأهم في موضوع قانون الأجور والمرتبات الجديد.

ففكرة التسكين الوظيفي بهذا القانون تقوم على أساس المؤهلات العلمية فقط، ويضاف بجانبها علاوات سنوات الخدمة بمبلغ رمزي لا يساوي شيئاً أمام الحقوق المكتسبة التي ستهدر على الموظف، يعني ذلك أن هذا القانون، يلغي على الموظف الاستحقاقات الوظيفية التي تحصل عليها خلال سنوات خدمته وتنقله بالمراتب والفئات والمجموعات، ترفيعاً وترقية، حتى وصل إلى ما هو عليه الآن. نأخذ مثالا لتبسيط المسألة: وكيل وزارة وُظف بمؤهل ثانوية عامة عام 1980م، أي قبل 25 سنة من الآن، وصل الآن إلى المجموعة الأولى الفئة (أ) وهذه الفئة التي تقع في أعلى الهيكل الوظيفي المعمول به إلى الآن. ويقابلها إذا صح القول المستوى الثاني بالتقسيم الوظيفي الجديد في أعلى درجاته وهي الدرجة الرابعة، والتي بداية مربوطها 417.41 ريال هذا الذي يجب أن يكون عليه فعلاً.

لكن فكرة القانون الجديد يا معشر الموظفين، تقول إن هذا الموظف مؤهله ثانوية عامة ووضعه لن يكون هنا، بل سيختلف بشكل قد لايتصوره أحد منكم ..كيف ذلك؟!!

أي أنه يجب سحب هذا الموظف من أعلى إلى أسفل وإعادته إلى اليوم الأول الذي توظف به بهذا المؤهل عام 1980م قبل 25 سنة مضت، يعني ذلك وضعه الجديد الذي يفرضه عليه القانون الجديد، يجب أن يسحب للمستوى الرابع في أسفل درجاته وهي الدرجة 14، والتي بداية مربوطها 296.22 ريالاً ثانوية عامة، وإذا كان هذا الوكيل مرتبه أكثر من 296.22 ريالاً تحسب له الزيادة + علاوات سنوات خدمته 25 سنة، قد لا تزيد عن خمسة آلاف ريال على أكثر تقدير. فهل يرضى هذا الوكيل إعادته للوراء 25 سنة، وهل سيقبل أن تلغى جميع استحقاقاته الوظيفية التي وصل إليها حتى الآن؟!

هذا السؤال يجب أن يرد عليه وزير الخدمة المدنية. ولنفترض أن وكيل وزارة آخر بنفس المجموعة الأولى الفئة (أ)، ولكن هذا مؤهله إعدادية، يعني نسحبه إلى المستوى الخامس الدرجة 16، وإذا كان وكيل آخر بنفس المجموعة الأولى الفئة (أ)، ولكن مؤهله ابتدائي، يعني نسحبه إلى المستوى السادس الدرجة 18، يعني سيكون هو والفراش والمراسل والسائق بدرجة واحدة. ولا يخفى على الجميع أن المجموعة الأولى «إشرافية» في التقسيم الوظيفي المعمول به حالياً، فيها الكثير من البلاوي وكل شيء محتمل فيها موظفون بمؤهل يقرأ ويكتب دون الابتدائية وفيها من هو بمؤهل ابتدائي وإعدادي وثانوي وبكالوريوس وماجستير ودكتوراه، وإذا أخذنا مجموعة من الوكلاء كلهم بالمجموعة الأولى الفئة (أ) وعدد سنوات خدمتهم 25 سنة، ولكن مؤهلاتهم مختلفة، فكيف سيكون تسكينهم الوظيفي؟!

المفروض وكيل وزارة بالمجموعة الأولى الفئة (أ) ينقل للقانون الجديد للمستوى الثاني الدرجة الرابعة التي بداية مربوطها 417.41 ريالاً، هذا بحسب الاستحقاق الوظيفي والنقل بطريقة أفقية من قانون سابق إلى قانون جديد، وبما يقابله بالوظيفة التي وصل هو لها حتى وبدون النظر لما يحمل من مؤهل. لكن الأمر يختلف بهذا القانون. وللإجابة على السؤال السابق عملية التسكين الوظيفي لمجموعة من الوكلاء بالمجموعة الأولى الفئة (أ) 25 سنة خدمة مؤهلات مختلفة يكون كالتالي:

الأول وكيل وزارة مؤهل دكتوراه، المستوى الثاني الدرجة 6 بداية المربوط (508.35)، الثاني وكيل وزارة مؤهل ماجستير، المستوى الثالث الدرجة 8 بداية المربوط (210.35)، الثالث وكيل وزارة مؤهل بكالوريوس، المستوى الثالث الدرجة 10 بداية المربوط (496.29)، الرابع وكيل وزارة مؤهل ثانوية عامة المستوى الرابع الدرجة 14 بداية المربوط (296.22)، الخامس وكيل وزارة مؤهل إعدادية المستوى الخامس الدرجة 16 بداية المربوط( 018.21)، السادس وكيل وزارة مؤهل ابتدائية، المستوى السادس الدرجة 18 بداية المربوط، (402.20)، السابع وكيل وزارة مؤهل يقرأ ويكتب، المستوى السادس الدرجة 20 بداية المربوط (000.20).

فهل يقبل هؤلاء أن تصير أوضاعهم بهذا الشكل، وهل يجوز أخلاقياً أن نكافئهم بهذه المعاملة آخر أعمارهم الوظيفية، بعد أن لقوا منا معاملة حسن طوال مشوار خدمتهم مع الدولة؟

ونفس الإشكالية موجودة بالفئة (ب) والفئة (ج) بهذه المجموعة، لأن موظفي هذه المجموعة وصلوا إليها بموجب قرارات صادرة من رئيس الجمهورية بالنسبة للوكلاء والوكلاء المساعدين. وبقرارات من مجلس الوزراء بالنسبة لمدراء العموم، وبموجب هذه القرارات كانت لهم هذه الاستحقاقات الوظيفية وسكنوا بهذه المجموعة بفئاتها الثلاث، وهناك من وصل إلى هذه المجموعة بالترفيع والترقية، عبر سنوات خدمته الطويلة، وبموجب هذه الخدمة الطويلة استحق أن يكون بهذه المجموعة.

والمجموعة الثانية تخصصية الفئة (أ)، يفترض أن يقابلها بالقانون الجديد المستوى الثالث بأعلى درجاته وهي الدرجة السابعة، والتي يبدأ مربوطها بمبلغ (498.33) ريالاً وهذه الفئة (أ) وصل إليها موظفون منهم من يحملون مؤهلات بكالوريوس + سنوات خدمة ، وآخرون يحملون مؤهلات ثانوية وإعدادية + سنوات الخدمة.. وبموجب هذا القانون الموظف الذي قد وصل إلى نهاية المجموعة الثانية الفئة (أ) يسحب للخلف ويتم وضعه بالدرجة العاشرة، والتي بداية مربوطها (496.29) وهي تتبع المستوى الثالث، يعني ذلك نعيده إلى بداية توظيفه بالبكالوريوس قبل خمس عشرة سنة وهكذا بقية الفئات (ب،ج) والمجموعة الثالثة كتابية (أ، ب،ج) لا تختلف ولا تشذ عن سابقاتها.

ونخلص من هذا كله إلى أن عملية التسكين الوظيفي يجب أن تكون بطريقة أفقية، وبالمقابلة بين القديم والجديد حتى يضمن الموظف حقوقه المكتسبة ولا نفرط باستحقاقاته الوظيفية التي وصل إليها، سواء كان بمؤهلاته أو سنوات خدمته وخبرته وبالترفيعات والترقيات التي حصل عليها،كما حدث عند النقل من القانون السابق قبل عام 1988م إلى القانون الحالي رقم 1988م بمجموعاته الخمس. فالقانون السابق كان يقسم الوظائف إلى 13 درجة وجاء القانون الجديد ليشملها كالتالي: الأولى أ، الثانية ب، الثالثة ج «الأولى اشرافية». الرابعة أ، الخامسة ب، السادسة ج «الثانية تخصصية». السابعة أ، الثامنة ب، التاسعة ج «الثالثة كتابية». العاشرة أ، الحادية عشرة ب، «الرابعة حرفية». الثانية عشرة أ، الثالثة عشرة ب، «الخامسة مساعدة» .. 13 درجة، 13 فئة.

يعني ذلك أنه تم تفصيل القانون الجديد رقم 1988م ليستوعب القانون السابق، وبدلاً عن الدرجات تم عمل فئات داخل المجموعات وبما يقابل عدد درجات القانون السابق دون زيادة أو نقص.ولم تكن هناك فكرة شيطانية تقول لموظفي الدرجة الأولى والثانية والثالثة، عودوا للخلف أو انزلوا للأسفل، فكل درجة وضعت لها فئة تقابلها وكانت النوايا حسنة وأسلوب اللف والدوران معدوم، وعملية خلط السم بالعسل لا توجد. أما تفصيل القانون الجديد للأجور 2005م، فهو لا يتناسب ولا يتسع لما قبله مطلقاً، والمستفيدون من هذا القانون الجديد، المستوى الأول بدرجاته الثلاث 1، 2، 3 وظائف السلطة العليا، التي لا تعتمد على المؤهلات وموظفو المستوى الخامس بدرجاته 15، 16، 17 وموظفو المستوى السادس بدرجاته 18، 19، 20، والمتضررون من هذا القانون الموظفون من المستوى الثاني إلى المستوى الرابع من الدرجة الرابعة إلى الدرجة 14، وهم موظفو المجموعة الأولى والمجموعة الثانية والمجموعة الثالثة بالتقسيم الوظيفي للقانون السابق المعمول به حتى 30/6/2005م.

ومن أجل رفع الضرر عن موظفي هذه المجموعات، يجب الوقوف صفاً واحداً وعلى كلمة واحدة، ودعوة الجهات ذات العلاقة والمسؤولة عن عملية التسكين الوظيفي لاعتماد الطريقة الأفقية عند نقل الموظف من التقسيم الوظيفي السابق إلى التقسيم الوظيفي الجديد، وإعطاء الموظف موقعه الجديد بما يقابل ويساوي ما هو عليه الآن بسلم الوظيفة العامة، دون المساس بمستحقاته المكتسبة وسنوات خدمته وخبرته والترفيعات والترقيات، التي حصل عليها حتى الآن. وعدم القبول بالطريقة الرأسية التي تعيد الموظف إلى نقطة البداية في الوظيفة العامة، وتعتمد المؤهلات كأساس وتهمل الحقوق المكتسبة للموظف.

والموظفون القدماء لن يرضوا بغير هذه المقابلة عند النقل والتسكين الوظيفي من الكادر السابق إلى الكادر الجديد.

وإذا أصرت الخدمة المدنية على إرجاع الموظفين إلى الخلف وتثبيتهم بالكادر الجديد، على أساس المؤهلات التي بموجبها التحقوا بالخدمة العامة عند بداية التوظيف.يعني ذلك سيفتح الباب على مصراعيه أمام الموظفين القدامى لمطالبة الدولة بصرف مستحقاتهم المكتسبة، وهذه المستحقات المكتسبة إذا نظرنا لها من الجانب المادي، فهي تمثل فارق المستحقات المالية لسنوات الخدمة الماضية، مقارنة بالمربوط الجديد للمؤهل وسكوت الموظف بعدم المطالبة بهذا يرتبط بعدم سحبه وإعادته إلى نقطة البداية مثلاً: الموظف «س» التحق بالوظيفة العامة عام 1988م بمؤهل الثانوية بالمجموعة الثالثة كتابية الفئة (ب) وتدرج خلال سنوات خدمته حتى وصل الآن للمجموعة الثانية الفئة (أ)، والذي يجب أن يقابلها بالقانون الجديد المستوى الثالث الدرجة السابعة وبداية مربوطها (498.33 ريالاً). وإذا تم سحب هذا الموظف على حسب فكرة القانون الجديد إلى الوراء وإعادة تسكينه وظيفياً أمام مؤهل الثانوية العامة بالمستوى الرابع الدرجة 14 وبداية مربوطها (296.22 ريالاً)؛ أي مساواة هذا الموظف القديم بالموظف الجديد المستجد وقبول الموظف بهذا الوضع، لن يكون إلا بحصوله على مستحقاته المكتسبة، وهي كما سبق القول عملية حسبة فوارق المرتبات لسنوات خدمة هذا الموظف لمدة 16 سنة، وعملنا مقارنة بين بداية مربوط المؤهل ثانوية عند بداية التوظيف عام 1988م 2100 ريال والآن عام 2005م (296.22) ريال، نجد فارق المربوط 196.20 ريالا شهرياً، 350.242 ريالا سنوياً، وإجمالي فوارق سنوات خدمته = 350.242 *16 سنة = 600.877.3 ريال.

وهذا الأمر لن يقبل به أولي الأمر في الجهات المسؤولة وهناك حل آخر أسهل من هذا أو مُرضٍ للجميع وهو اعتماد المربوط الأخير لهذا الموظف، والذي يقابل الفئة التي وصل إليها وهو مبلغ 498.33 ريالا بهذا المثال، أي ما يقابل المجموعة الثانية الفئة (أ) توازي المستوى الثالث الدرجة السابعة، وعملية سحب هذا الموظف إلى الأسفل بحسب فكرة هذا القانون ليكون وضع الموظف الجديد بالمستوى الرابع الدرجة 14 وبداية مربوط هذه الدرجة 296.22 ريال لا ينظر لهذا المربوط للموظف القديم، ويحل المربوط المستحق 498.33 ريالا، هذا المربوط هو الذي يستحقه هذا الموظف ويضاف إليه علاوات سنوات الخدمة لفترة 16 سنة ومبلغ العلاوة لهذا المربوط 1340 ريالا، يتم ضربها في 16 سنة وتضاف على المرتب ويكون إجمالي مرتبه 498.33+440.21 علاوات = 938.54 ريالا وهذا هو الصحيح دون ظلم يلحق بالموظف وعلى أساس القاعدة المشهورة لا ضر ولا ضرار، وسيقبل بهذا من هم بالثانية والثالثة فقط، ولن يقبل به من هم بالأولى «أ،ب،ج» .. نكتفي بهذا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى