المطففون

> صالح علي السباعي:

>
صالح علي السباعي
صالح علي السباعي
المطففون ذكرهم الله في محكم كتابه العزيز، حالهم لا يختلف عن أحوال المرابين والمنافقين وحاملي مشاعل الأحقاد والفتن وقطع الأرزاق، هؤلاء سيقفون مع المجرمين والخطاة في يوم عصيب، يوم يقوم الناس لرب العالمين، وفي ذلك اليوم لا ينفع الندم ولا ينفع حرث الدنيا .. عمل الإنسان هو الذي يحدد اتجاه بوصلته يوم السير على الصراط.

ولكي لا نذهب بعيداً عن عنوان الموضوع أعلاه، نعود إلى موضوعنا وهو ظاهرة التطفف، التي تقلق حياتنا من كل جانب، ابتداءً من رغيف الخبز والروتي وميزان الفاكهة والخضار، إلى بعض كبار التجار الذين ينقصون في أوزان أكياس الأرز والدقيق والسكر من 50 كجم إلى 45 كجم، ثم 40 كجم، بينما يستمر السعر في الارتفاع ولا ينقص، وهو نوع من أنواع الخداع المنظور.

ولو كان لدينا مختبرات صحية لفحص الأغذية من التوالف والسموم الكيماوية، لعرفنا أن أغذيتنا ليست كلها صحية كما نعتقد، وفوق هذا.. هناك من الباعة من يضيف بعض المواد الفاسدة إلى الميزان ذي العيار الناقص ليزداد نقصاً.

هذا ما يواجهه الإنسان في حياته اليومية، دون أن يرى أي نوع من الرقابة على تجارة الأغذية، وإن وجدت هذه الرقابة، فهي ضعيفة وليس لها القدرة على الوقوف في وجه التجار الجدد، وبعض هؤلاء المراقبين كما يبدو من السهل شراء سكوتهم لأسباب عديدة، أولها موت ضمائر بعضهم، وآخرها رواتبهم التي لا تكاد تكفيهم (قاتاً).

صحيح أن شعار المرحلة هو حرية التجارة، والغش والخداع موجود أينما ذهبت في هذا العالم، لكن العالم يضع خطوطاً حمراء أمام الغش في الغذاء والدواء، وفي هذه الحالة لا تهاون في معظم الدول، وهناك عقاب شديد في انتظار كل متلاعب بأقوات الناس أو علاجهم.

إن منظومة الغذاء والدواء يجب أن تكون الشغل الشاغل للدولة، وأن تكون في المقدمة حتى قبل حملات تحصين الأطفال المكثفة في السنوات الأخيرة، وكان يجب تحصين الطفل ضد مرض الأمعاء الخاوية، حتى يستفيد من التحصين. أما إذا كان غذاء الأم مشبعاً كيميائياً والطفل ينام جائعاً لعدم قدرة الأب على شراء غذاء الطفولة، فإن الفائدة من التحصين ستكون متواضعة، وفي الماضي كان الناس دون تحصين يذكر كما هو اليوم، وكانوا أكثر قوة وأكثر إنسانية وأطول عمراً، أما اليوم فإن متوسط عمر الإنسان اليمني قد توقف عند 43 عاماً، بينما متوسط العمر في كندا 80 عاماً، وهذا دليل على أن الاهتمام بالتنمية البشرية قد تراجع وأصبح ضعيفاً جداً بدلاً من أن يتطور إلى الأفضل. ويأتي في مقدمة أسباب هذا التراجع ضعف العلاج والغذاء، وإذا لم يتم التركيز على صحة الإنسان وغذائه، سنكون نحفر قبورنا بأيدينا وليس بأسناننا كما يفعل الذين يأكلون أكثر من حاجتهم، وفي هذه الحالة لن ينفع الندم ولن يجدي إغلاق باب الحضيرة بعد هروب الفرس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى